سجلت مباراة الترجي التونسي والنجم الساحلي قمة لقاءات المرحلة الثامنة من الدوري التونسي، حيث رفع الحكم الايطالي بلغرينو 3 بطاقات حمراء في وجه كل من شكري الواعر حارس الترجي و الليبي طارق التايب وأمير المقدمي نجمي النجم. بذلك ارتفع عدد حالات الطرد في الدوري إلى 17، بمعدل نحو حالتين في كل مرحلة، كان فيها للنادي الصفاقسي نصيب الأسد بأربع بطاقات حمراء. أما على مستوى الانذارات فقد رفعت الورقة الصفراء في 195 مناسبة، بمعدل نحو 4 انذارات في المباراة الواحدة. ويأتي الترجي جرجيس ومستقبل المرسي في قمة الأندية في هذا المجال برصيد 22 انذاراً في حين يحتل الصدارة من اللاعبين كل من حلمي الغزواني النجم الساحلي وسليم سيسي مستقبل المرسي بأربعة انذارات لكل منهما. وتعبر هذه الأرقام الكثيفة عن تصاعد الاندفاع البدني والخشونة في الدوري التونسي وتنامي العنف الذي أصبح ظاهرة مصاحبة لأغلب المباريات. ولعل المفارقة تكمن في أن الاتحاد المنستيري، الذي يقبع في ذيل الترتيب بانتصار يتيم، يحتل صدارة ترتيب اللعب النظيف والروح الرياضية ب10 نقاط، ما يدفع بالسؤال: هل ان النجاعة الهجومية والانتصارات تتناقص مع اللعب النظيف والروح الرياضية في أول دوري تونسي للمحترفين؟ وسجل حتى اليوم 105 أهداف، منها 15 هدفاً من ركلات الجزاء، وبذلك يكون معدل التهديف 23.2 هدف في كل مباراة ونحو 14.13 هدف في كل مرحلة. وتعد هذه الحصيلة قياسية في الدوري، ولكن اللافت ان هذه النجاعة الهجومية أخذت نسقاً تنازلياً، ففي حين سجلت المرحلة الأولى تسجيل 21 هدفاً، تراجعت شهية الهدافين مع تتابع المراحل لتستقر عند حدود 6 أهداف في المرحلة السابعة، وثمانية في الثامنة. ويحتل طليعة الهدافين لاعب الترجي التونسي علي الزيتوني برصيد 10 أهداف، ويبدو ان هذا اللاعب الشاب في طريقه الى تحقيق رقم قياسي جديد في ترتيب الهدافين لكل المواسم. والرقم الحالي هو 35 هدفاً للاعب الترجي تونس عبدالمجيد التلمساني. ومع ذلك فإن الزيتوني شبه متأكد من إطاحة هداف الموسم الماضي البرازيلي دوس سانتوس سليفا لاعب النجم الساحلي الذي لم يسجل منذ بداية هذا الموسم سوى 5 أهداف. وسجل اللاعبون الأجانب ما يعادل نحو 10 في المئة من مجموع الأهداف اي 15 هدفاً، ثلثها لسانتوس سليفا، في حين توزعت الأهداف الأخرى على المدافع الجزائري الرزقي عمروش النادي الافريقي والمدافع الغيني عمر كابلان النجم الساحلي والمهاجم أديت اغويا الترجي برصيد 3 أهداف لكل منهم، واكتفى الكونغولي كازيدي الصفاقسي بهدف يتيم. هبوط مستوى التايب ولم يشهد الدوري الحالي في تونس انتدابات أجنبية من مستوى عالٍ. فأغلب الأندية حافظ على رصيده القديم أو اكتفت بالانتدابات الداخلية. ويبدو ان مدافع النجم الساحلي الغيني عمر كابلان الذي لم تتجاوز قيمة عقده 30 ألف دينار، يعد اكتشاف الدوري لمقدرته الدفاعية ومعاضدته لخطي الوسط والهجوم، في حين يبدو ان مستقبلاً واعداً ينتظر لاعب الترجي التونسي، النيجيري جوليوس الذي لم يتجاوز 17 ربيعاً. وهو أولى ثمار مركز تكوين اللاعبين اليافعين في النادي. ولأن حافظ أيديت اغويا لاعب الترجي التونسي على نجاعته الهجومية ولياقته البدنية الممتازة، فإن لاعب الصفاقسي سابقاً والنجم الساحلي حالياً الليبي طارق التايب المنتدب ب500 ألف دينار، لم يقدم ما ينتظره منه أحباء الساحلي، بل أصبح محل غضبهم خصوصاً بعد اقصائه من مباراة الترجي التونسي في توقيت صعب، ما دفع برئيس النجم عثمان جنيح بإعادته إلى الجماهيرية في إجازة مطولة تتجاوز الشهر لعله يعيد النظر في حساباته، ويستعيد لياقته البدنية لمواصلة مشوار الدوري. أما بقية اللاعبين المنتدبين، فأغلبهم كان في مستوى متواضع مثل بوهاما المتخصص بإضاعة الأهداف في النادي الافريقي، والبرازيلي سيلفا والكونغولي كازيس لاعبا النادي الصفاقسي اللذان لم يقدما ما يستحق الذكر ما دفع إدارة النادي الى انتداب بدران الشقران لاعب الرمثا الأردني لمدة موسمين ب300 ألف دينار مقابل تفريطها بالتايب والكونغولي بنزا. مدربون وجماهير واختار اغلب الأندية في بداية الدوري أطقم فنية محلية. وبعد ثماني جولات استغنت 5 أندية، وهي الصفاقسي والأولمبي للنقل والاتحاد المنستيري وشبيبة القيروان ومستقبل المرسي، عن مدربيها، ويبدو ان القائمة قابلة للتوسع، خصوصاً في ناديي الافريقي والملعب التونسي قريباً. وتبقى الظاهرة الأكثر اثارة للجدل وانشغال رؤساء الأندية، هي هجرة الجماهير للملاعب، وقد تعددت التحاليل حولها وكيفية إعادة الروح إلى الملاعب. فكيف يمكن للأندية الاستمرار في أداء رسالتها في زمن الاحتراف والخزائن فارغة بسبب غياب الجماهير؟ وهل ان سيطرة الترجي التونسي على كل الأرقام القياسية في الدوري وراء هذا الغياب؟ ويبقى السؤال الأهم: إلى اين تتجه هذه الجماهير بعد ان هجرت الملاعب وقبلها الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني؟