لم تنجح كل الاجراءات التحفيزية المتوالية التي اتخذتها "المؤسسة العامة للاتصالات السلكية واللاسلكية" لتحض المواطنين الذين انتظروا أعواماً على الانضمام الى "العولمة التكنولوجية"، على رغم مرور نحو ثلاثة اشهر على تشغيل الشبكة التجريبية للهاتف النقال. غير ان احجام السوريين عن اقتناء الهاتف النقال الذي ظل حلماً راود الكثيرين لسنوات خصوصاً بعد انتشاره بشكل لافت في دول الجوار ليس من نوع "القناعة" او "عدم الحاجة" وانما يعود أساساً الى ارتفاع أسعاره اذ تصل أجرة تركيب الخط الى نحو 1200 دولار اميركي تزامناً مع "ضائقة مالية" يعانيها اغلب المواطنين. لذلك لم يتجاوز عدد المشتركين بالهاتف ل4000 مشترك من أصل 60 ألف خط في دمشق وحلب. ولم تفتأ المؤسسة التي كانت تخطط للحصول على نحو 102 مليون دولار ايرادات من هذا المشروع في اعلان عروض مغرية متتابعة منذ بدء التشغيل. اذ اضطرت أخيرا الى الغاء رسوم الاشتراك الشهري في خدمة الهاتف الجوال والبالغة 30 دولارا الى جانب منح دقائق اتصال مجانية بما يعادل 30 دولاراً شهريا اضافة الى خفض اجرة دقيقة الاتصال المحلي على الجوال بنسبة 50 في المئة لتصبح 3.5 ليرة. في وقت أعلنت فيه نيتها توسيع الشبكة لتشمل الريف المحيط بمنطقة البث في كل من دمشق وحلب وتوسيعه باتجاه مدينتي اللاذقية على الساحل السوري ودرعا جنوب البلاد. وأخيراً قررت المؤسسة البيع بالتقسيط للراغبين على ان تكون الدفعة الاولى 400 دولار مع تقسيط بقية المبالغ على اقساط شهرية بقيمة 200 دولار كل شهر. وسبب الاقبال الضعيف على الاشتراك بعد مرور اكثرمن ثلاثة اشهر على البدء بالمشروع التجريبيي للهاتف النقال الذي نفذته مجانا شركتا "انفكستوم" اللبنانية و"سيمنس" الالمانية الى اضطرار الشركة المشرفة على التنفيذ "سيرياتل" الى توزيع اغلب الطاقم الخبير الذي استقدمته اعلى فروع المؤسسة في دول اخرى والاستعاضة عنهم بخبرات سورية تم تدريبها وذلك "تقليصاً للنفقات في ظل الاقبال غير المتوقع". وعزا خبراء في شركة "سيرياتل" المشرفة على تنفيذ المشروع ضعف الاقبال الى ارتفاع كلفة الاشتراك الذي حددته مؤسسة الاتصالات ومحدودية التغطية اضافة الى اعلانها المسبق عن خفض اسعار الهاتف النقال الى اقل من النصف عند بدء المشروع الدائم فأحجم المواطنون عن الاشتراك على مبدأ "من انتظر سنوات يستطيع ان ينتظر عدة اشهر".