تسارع أمس انسحاب إسرائيل من الشريط الحدودي المحتل فأخلت قواتها و"جيش لبنان الجنوبي" الموالي لها ست قرى، اندفع أهاليها الى دخولها في زحف شعبي مفاجئ، واحتفلوا بتحريرها احتفالاً عفوياً اتخذ طابع الفرح بعودتهم إليها بعد 18 عاماً. راجع ص4 و5. وتزامن الانسحاب من هذه القرى التي تقع على مقربة من المناطق الجنوبية المحررة، مع انهيار ملفت في صفوف "الجيش الجنوبي" الذي استسلم المزيد من عناصره أمس وقبله، فيما تلقت "الحياة" معلومات من الشريط المحتل أن كثيرين منهم خلعوا لباسهم العسكري، في مقابل لجوء العشرات منهم الى القرى الواقعة مباشرة على الحدود، وبقي أهالي القرى المحررة فيها حتى ساعة متقدمة ليلاً غير آبهين بأي مخاوف أمنية. وانضم بعض نواب المنطقة خصوصاً من "أمل" و"حزب الله" الى جموع الأهالي الذين تسبب انتقالهم الى هذه القرى، خصوصاً الطيبة الأكبر بينها، في عرقلة للسير في أزقتها. وأشارت معلومات من الشريط إلى أن أهالي قرى أخرى مثل العديسة وكفركلا ومركبا دعوا جموع المحتفلين الى دخول قراهم أيضاً مؤكدين لهم أن الباقين من جيش لحد فيها سيستسلمون للمقاومة. وشهد الجنوب هذه التطورات الدراماتيكية، في وقت سجل الوضع العسكري، عملية لافتة ل"حزب الله" في مزارع شبعا التي يصر لبنان على أن يشملها الانسحاب من الجنوب، فيما تدّعي اسرائيل أنها تابعة للأراضي السورية التي تحتلها في هضبة الجولان. واعتبر الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله "أن منطقة مزارع شبعا ستكون بدءاً من اليوم شأنها شأن أرض لبنانية محتلة مسرحاً لعمليات المقاومة الإسلامية ضد الاحتلال وعملائه. واعترف مصدر مقرب من الجيش الإسرائيلي في القدسالمحتلة بسقوط قذائف هاون على مقربة من مزارع شبعا. وتعليقاً على الانسحابات الإسرائيلية الجديدة، أدلى رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية الدكتور سليم الحص بتصريح مساء أمس قال فيه: "قرى جديدة وادعة تنضم الى قرانا المحررة في الجنوب والبقاع الغربي، وذلك بفضل إقدام شعبنا المقاوم في تلك البقعة العزيزة وضربات مقاومتنا الباسلة وصمود جيشنا الوطني". وحيا الحص "الروح الوطنية العالية التي تجلت بصمود أهلنا في قراهم وتشبثهم بالبقاء فيها وروح الإقدام لديهم على رغم كل الأعمال البربرية والهمجية التي تعرضوا لها على يد قوات الاحتلال الإسرائيلي". وأكد أن الدولة "ترحب بعودة هذه القرى إلى أحضانها وهي بالطبع جاهزة لبلسمة جروحهم والتخفيف من معاناتهم نتيجة الاحتلال الاسرائيلي الغاشم". في هذه الأثناء قال رئيس وزراء إسرائيل إيهود باراك خلال الجلسة الأسبوعية لمجلس الوزراء: "إن حزب الله يحاول تصعيد نشاطه ويصوّر الأمور كأنه هو الذي يطرد الجيش الإسرائيلي خارج الأراضي اللبنانية". وتوقع باراك الذي كان اتصل هاتفياً بالأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان وبالرئيسين حسني مبارك وجاك شيراك والملك عبدالله الثاني، أن تستمر المواجهات في الجنوب ما دام الجيش الإسرائيلي موجوداً في هذه المنطقة. إلى ذلك، قال قائد "جيش لبنان الجنوبي" اللواء انطوان لحد في لقاء صحافي في باريس إنه سيتولى التفاوض مع الحكومة اللبنانية حول معتقلي الخيام وليس مع "حزب الله"، مشيراً الى أنه جاء إلى فرنسا للقاء عائلته، نافياً نيته طلب اللجوء السياسي لدى باريس. وأوضح أن لديه سلاحا ثقيلاً وخفيفاً سيبقى معه للدفاع عن السكان إذا رفضت الدولة اللبنانية العفو عمن تعاملوا مع إسرائيل. ورفض لحد رداً على سؤال تسليم نفسه إلى "دولة ليس بيدها زمام الأمور". وكرر مناشدته رئيس الجمهورية إميل لحود إصدار عفو عام عن عناصر "الجيش الجنوبي".