دعا مرشد جماعة "العدل والاحسان" المحظورة الشيخ عبدالسلام ياسين العاهل المغربي الملك محمد السادس الى تخصيص ثروة والده الراحل الملك الحسن الثاني لتسديد ديون المغرب الخارجية. وقال في مذكرة وُزّعت لمناسبة مرور عشر سنوات على وضعه في الإقامة الجبرية: "سيكون لتصفية الدين بالثروة الملكية ايجابيات يعجز اللسان عن عدها". وقالت مصادر رسمية في الرباط انها لم تتلق اي مذكرة او رسالة من الشيخ ياسين موجهة الى الملك محمد السادس. وكانت جماعة "العدل والإحسان" وزّعت مذكرة تحمل عنوان "لمن يهمه الامر" في مؤتمر صحافي عقدته مساء الجمعة في فيلا في مدينة سلا قريبة من مقر الاقامة الجبرية للشيخ ياسين. وجاء في المذكرة ان ياسين يقترح على المراجع الرسمية تخصيص ثروات البلاد لتسديد الديون الخارجية المستحقة. بيد ان الصيغة التي قُدّم بها الاقتراح بدت في شكل رسالة موجهة الى العاهل المغربي على غرار رسالة سابقة وجهها ياسين الى الملك الراحل الحسن الثاني في بداية التسعينات. وخلت المذكرة في طبعتها العربية من أرقام محددة لثروات العائلة المالكة، في حين ان الطبعة الفرنسية اشارت الى تقديرات ترواح بما بين 40 و50 بليون دولار. ووصف الشيخ ياسين معضلات البلاد الاقتصادية بانها تكمن في وجود نحو عشرة ملايين مغربي يعيشون فقراً مدقعاً، اضافة الى تزايد البطالة التي تطاول 23 في المئة من الشبان، واستشراء الأمية بنسبة 53 في المئة. وجاء في المذكرة ايضاً: "لا بد ان يعزم الملك الشاب ذو القلب الطيب والمبادرة الحيوية على التفكير جدياً في حل جذري لمسألة التركة الثقيلة، وإلا غاص المغرب في مستنقع الركود والتخلف اكثر مما مضى". واضافت المذكرة: "هل يتحول الملك يوماً الى ملك مواطن؟ نعم انه يسوق سيارته بنفسه ويتوقف عند الضوء الاحمر. شيء جميل، لكن هل يكون ذلك كفيلا بجعل السلم الاجتماعي يسود البلاد؟". وكان لافتاً ان الصيغة الشديدة للمذكرة تباينت والدعوات الصادرة عن اعضاء مجلس الارشاد في جماعة "العدل والاحسان" الذين دعوا في المؤتمر الصحافي الى بدء حوار مع السلطات وفتح صفحة جديدة. وشدد هؤلاء على اهمية الحوار لتجنيب البلاد ويلات الدخول في دوامة العنف. وقال السيد احمد المتوكل ان الشيخ ياسين كان سباقاً لإدانة العنف. واعادت وثائق وزّعتها الجماعة على الحضور موقف ياسين من هذه المسألة. وأعادت إحدى الوثائق التذكير بما قاله ياسين في نهاية التسعينات عندما كتب: "بُدِّد كل أمل في ان يرانا عدونا نرتكب يوماً الخطأ السياسي الذي نعتبره خطيئة اخلاقية وخرقاً لالتزامنا مبدأ اللاعنف". وقال ان ذلك "الخطأ" قد يتسبب في "حرب أهلية شبيهة بتلك التي اتت على الاخضر واليابس في الجزائر". أما السيد فتح الله ارسلان، العضو القيادي في الجماعة، فجدد رفضه الاندماج في اي حزب سياسي، على غرار تيار "العدالة والتنمية" حين اندمج ناشطون اسلاميون من تيار "التجديد" مع حزب "الحركة الشعبية الدستورية" الذي تحول الى حزب "العدالة والتنمية" أخيراً. وطالب ارسلان بتمكين الجماعة من تشكيل حزب سياسي، مؤكداً رفضه اي صيغة اخرى. الا انه ابدى استعداد الجماعة للحوار مع اي طرف. واضاف انه ليست لديه أي خطوط حمر او تحفظات عن الحوار. ورأى ان الميثاق الاسلامي يظل الاساس الوحيد الذي يمكن ان "نتفق حوله مع بقية الفاعليات السياسية". ووصفت مصادر "العدل والاحسان" استمرار فرض الاقامة الجبرية على مرشدها بأنه "حصار ظالم وجائر" ولا مبرر له، مؤكدة ان ذلك لن يحول دون تنامي التأييد لها. واوضح فتح الله ارسلان ان ملف الشيخ ياسين "اكبر من الحكومة والبرلمان". واعتبر ان الاقامة الجبرية جزء من حال المأساة التي يعيشها المسلمون في البلاد العربية. واضاف ان الانظمة العربية في حال حيرة ولا مخرج لها غير النظام الاسلامي. وتساءل "من المسؤول عن وضع الشيخ ياسين ما دام الحديث يتجه نحو تكريس القطيعة مع عهد سابق". وجدد انتقاده خطة الحكومة لدمج المرأة في التنمية. وقال ان "لا اجتهاد مع وجود النص"، في اشارة الى تعارض خطة دمج المرأة مع تعاليم الشريعة الاسلامية. يذكر ان الشيخ ياسين موضوع في الاقامة الجبرية منذ نحو عشر سنوات. وهو اعتقل مرات عدة بسبب مواقفه التي كان يُنظر اليها على انها تتعارض وقوانين البلاد. وأفرجت السلطات عنه سنة 1995، لكنه انتقد السلطات والاحزاب مباشرة بعد إطلاقه في خطاب ألقاه في مسجد في سلا، الأمر الذي أدى الى إعادة وضعه في الإقامة الجبرية. الى ذلك، نقلت وكالة "فرانس برس" عن مصادر في اجهزة الاستقبال الرسمي في مطار أورلي ان الملك محمد السادس غادر أمس السبت المطار الباريسي عائدا الى الرباط بعد انتهاء زيارة خاصة لفرنسا. وكان الرئيس جاك شيراك استقبل محمد السادس الذي اعتلى العرش في تموز يوليو الماضي إثر وفاة والده، خلال هذه الزيارة التي استمرت 13 يوماً.