قبل هجرتها الى أوستراليا، وانتقالها مع الأهل للإقامة الدائمة فيها، وقبل انخراطها العملي في مجال الغناء اتجهت المطربة اللبنانية لورا حاتم الى الالتحاق بالمعهد الموسيقي الوطني في بيروت. أمضت لورا في المعهد مدة خمس سنوات تعلمت فيها أصول الغناء والعزف على العود، الآلة التي تعمّق إحساس المغني، وتكسبه قدرة على التحكم بعملية التنقل بحرية وأمانة من مقام الى آخر، وتجعله كذلك متمكناً من أدائه واستغلال مساحاته الصوتية بشكل جيد ومدروس. وفي العام 1986 بعد وصولها الى أوستراليا لم يكن في نية لورا حاتم احتراف الغناء، إلا أن إلحاح الأصدقاء وبعض العارفين بإمكاناتها الحقيقية جعلها توافق على هذا المشروع، الذي اعتبرته من أصعب القرارات التي واجهتها. هنا حوار معها حول انطلاقتها الجديدة: لو تحدثيننا عن قرارك الذي غيّر مسيرة حياتك! - كان قراراً صعباً أن أبدأ الغناء كمطربة محترفة، إلا أن صاحب إحدى القاعات المعروفة في سيدني شجعني كثيراً على أن أجرب الغناء ولو لمرة واحدة فقط، فنزلت أنا والأهل عند رغبته، بعدما كان هيأ سلفاً كل ما يلزم لهذه الخطوة من دون علمي. وقدمني مفاجأة للناس الذين راحوا في ما بعد يطالبونني بالغناء في جميع مناسباتهم. بدأت مشواري بأغاني فيروز وأم كلثوم، والأغاني الشعبية المطلوبة في الأفراح والمناسبات السعيدة. وبعد ثلاث سنوات تقريباً بدأت تترسخ قناعات عندي بأن الغناء أصبح جزءاً مهماً في حياتي على أن أسعى الى تطويره وخلق هوية خاصة بي. ما هي الخطوة التي سلكتها لتحقيق هذا الهدف؟ - فكرت بالسفر الى لبنان وتسجيل أغانٍ خاصة بي، وتوزيعها على شرائط كاسيت وإسطوانات. وتم فعلياً الاتصال بكل من الملحنين: زكي ناصيف، وجوزيف أيوب وإيلي شويري وسمير صفير الذين قدّموا لي أربع أغنيات أعتبرها من الأغاني الجميلة الناجحة. كتب ولحن لي زكي ناصيف أغنية "عالي كرمك يا لبنان" وإيلي شويري كتب ولحن أغنية "أهلي يللي دللوني" وجوزيف أيوب الذي لحن أغنية "بدي ارجع يا لبنان" وهي من كلمات جوزيف حنا، وأغنية "تعا يا نوم العينين" لحنها سمير صفير وكتب كلماتها حسين حمزة، ثم قامت شركة "صوت بيروت" بطبع هذه الأغاني وتوزيعها في العالم. كيف كان تجاوب الجمهور مع هذه الأغاني في لبنان وفي أوستراليا؟ - في الحقيقة لا أعرف شيئاً عن تجاوب الجمهور في لبنان والعالم العربي لأنني عدت الى أوستراليا بسبب الحرب التي جرت في العام 1989. إلا أن تجاوب الجمهور في أوستراليا كان رائعاً، حتى أن إحدى المخرجات الأوستراليات كانت تصور فيلماً عن الحمّام التركي اتصلت بي كي أقوم بدور البطولة، لكن اعتراضي على بعض المشاهد حال دون ذلك، لكنها بقيت مصرة على أن تصور أغنيتين من الشريط في فيلمها هما: "تعا يا نوم العينين" و"أهلي يللي دللوني". برأيك ما هي العوائق في عدم انتشار الفنان العربي المهجري في البلدان العربية؟ - البعد هو العامل الأساسي، وعدم وجود نقابات فنية تحمي حقوق الفنانين، وعدم وجود وسائل إعلامية لها انتشارها واتصالها المباشر مع العالم العربي. لماذا لا تفكرين جدياً بالعودة والإقامة في لبنان لتحقيق أهدافك؟ - هذا قرار صعب جداً ولا سيما أني زوجة وأم، وتحركي باتجاه هذا الهدف يتطلب تحرك العائلة كلها معي. إلا أنني أشعر بالحسرة والألم لعدم تحقيق حلمي هذا، كما أن العودة الى لبنان خطوة ستجعلني أتخلى عن كل ما حققته هنا من شهرة، وعليَّ أن أبدأ من جديد. ألا تفكرين بتسجيل أغانٍ جديدة لطرحها في سوق الأغنية العربية الأوسترالية والعربية عموماً؟ - توجد في أوستراليا كل الامكانات التي تنتج عملاً فنياً، من كاتب كلمات وملحن، وعازف، لكن العمل الذي يسجّل في أوستراليا يبقى محصوراً فيها، وهذا ما يتعارض تماماً مع حلم الفنان الذي يطمح للوصول الى أكبر شريحة ممكنة من الناس. كيف تقيّمين الجمهور العربي في أوستراليا؟ - الجمهور العربي في أوستراليا هو جمهور متطور، متنوع، على تماس مع كل جديد يصدر في العالم وخصوصاً في لبنان والعالم العربي. وهو يصنف الفنانين ويفرزهم، لكن المشكلة الأساسية أن معظم المهاجرين يفضلون الأغنية الراقصة، وهذا ما يحرم متذوقي الطرب من حق الوجود والسهر في معظم الحفلات التي يغيب عنها هذا النوع من الغناء. هل شاركت في أعمال ومحاولات لتشكيل نقابات فنية في أوستراليا؟ - أكثر من مرة جرت محاولات على هذا المستوى، وكنت مسرورة جداً لقناعتي أن العمل الجماعي يثمر ويحقق أهدافاً أكبر بكثير من أعظم جهد فردي، لكن للأسف كانت محاولات كلها باءت بالفشل، حتى أصبحت على قناعة بأننا لن نتفق أبداً. وأعتقد أن العمل الجماعي في المجتمعات العربية سلوك حضاري مهم لم نتوصل الى فهمه في العمق، إذ تتحكم النزعات الفردية وحب الزعامة في نفوس الأكثرية الساحقة منا. ماذا يعني لك الغناء، هل تؤدينه كواجب للعمل فقط، أم أنه نابع من القلب؟ - قد يتداخل هذان الجاذبان ويشكلان استقطاباً كبيراً لي، إلا أن العامل الأهم هو حبي للغناء الذي يجعلني سعيدة، فرحة ولا سيما حين أرى السعادة والفرح على وجوه الناس، هذه السمة التي هي من أصعب مهمات الفنان، في عصر حافل بالملل والتعب والعذاب. ما أبشع ما تعرضت له في حياتك الفنية؟ - الشائعات التي تتخذ طابع الحقد والإجرام هي من أبغض الأمور التي يتعرض لها الفنان. تصور أن أحدهم وصل به حقده إلى الاعلان عن وفاتي حين تأخرت عن موعد حفلة وأنا لا أزال حية أرزق.