كان يفترض ان ينجز الفلسطينيون والاسرائيليون اليوم الاتفاق على اطار الحل، الا انني كتبت هذه السطور مساء امس، واثقاً من ان الموعد سيمضي كما مضت مواعيد كثيرة سبقته، وكما ستمضي مواعيد كثيرة لاحقة. الاميركيون تحدثوا عن موعد جديد لاتفاق الاطار في الشهر القادم او الشهر الذي يليه، غير ان الفلسطينيين يفضلون التركيز على ايلول سبتمبر موعد الحل النهائي، عندما يتوقع ان يعلنوا دولتهم المستقلة. بعض ابرز مساعدي الرئيس عرفات اصبح يتردد ازاء اعلان الدولة ويرى في اعلانها مخرجاً لرئىس الوزراء ايهود باراك من ورطته، الا ان الارجح ان ابو عمار سيعلن الدولة المستقلة، باتفاق او من دون اتفاق. الاتفاق ليس مستحيلاً، الا انه صعب جداً جداً على رغم كل الجهود المبذولة، فإذا كان هناك تقصير في النتائج، فلا يوجد قصور في الجهد. خلال شهر او نحوه، قابل ابو عمار الرئيس كلينتون في واشنطن. وكذلك فعل باراك. واجتمع الرئىس الفلسطيني ورئىس الوزراء الاسرائيلي في رام الله بحضور ابو مازن وأبو العلاء. وسبق اجتماعهما وتبعه، جلسات عدة للوفدين الفلسطيني والاسرائيلي، بعضها بحضور منسق عملية السلام دنيس روس. وهذا كان سيعرض نتائج ما تحقق على وزيرة الخارجية مادلين اولبرايت لتقرر ان كانت تريد زيارة الشرق الاوسط تمهيداً لقمة في واشنطن بين كلينتون وعرفات وباراك. واتصل باراك هاتفياً بالرئىس حسني مبارك، وزاره ابو عمار في القاهرة مرة بعد مرة للتشاور. وسيزور باراك واشنطن في 22 من هذا الشهر لالقاء خطاب في المؤتمر السنوي للوبي اليهودي ايباك، ما يعني ان يقابل الرئيس الاميركي، وقد ينضم اليهما ابو عمار في وقت لاحق. ما هي نتيجة هذا الجهد كله؟ النتيجة ربما كانت ما عبر عنه وزير خارجية مصر عمرو موسى فهو اشار الى عرض اسرائيل 80 في المئة من اراضي الضفة على الفلسطينيين وقال انه يجب اعادة الارض كلها في مقابل السلام الشامل، لا بعض الارض في مقابل هذا السلام. واذا استمر الحديث عن اعادة بعض الارض فسيكون من الصعب الوصول الى تسوية نهائية. وفي اسرائىل، ثارت ضجة اعلامية وسياسية كبيرة موضوعها الخرائط الاسرائىلية المقترحة على الفلسطينيين، والتي اكد باراك نفسه انها ليست العرض النهائي. والنسب هذه المرة كانت 66 في المئة من الضفة الغربية مع توقيع الاتفاق النهائي و14 في المئة في وقت لاحق، في مقابل احتفاظ الاسرائيليين بعشرين في المئة تشمل تجمعات المستوطنات، وشريطين من الشرق الى الغرب للوصول الى نهر الاردن، وشريط من الشمال الى الجنوب في وادي الاردن. وتكون الاراضي الفلسطينية في ثلاث كتل في الشمال والوسط والجنوب تربطها طرق وانفاق وجسور. ثمة تفاصيل كثيرة هذه المرة، الا انها لا تعدو ان تكون تنويعاً على نسب سابقة قرأنا عنها او سمعناها، من 60 في المئة للفلسطينيين و40 في المئة للاسرائيليين، الى 70 في المئة للفلسطينيين و20 في المئة للاسرائيليين و10 في المئة مشتركة، وغير ذلك. المشكلة ان نسبة 99 الى واحد في المئة قد لا تنهي المشكلة، فهناك نقطتان اساسيتان لا تحلهما النسب هما القدس واللاجئون. وما نعرف حتى الآن هو ان الاسرائيليين يريدون ان تترك القدس الى المستقبل، وهم يلمحون الى استعدادهم للتعويض على لاجئي 1948، ولكن من دون حق العودة. وقد عرض الاسرائيليون القرى المحيطة بالقدس، مثل ابو ديس والعيزرية والسواحرة، كدفعة على الحساب، شرط ان يبدي الجانب الفلسطيني مرونة مقابلة. كما عرضوا طريقاً بين ابو دبس والقدس ليقول الفلسطينيون انهم فيها. ابو عمار مرن ولا جدال، غير انه لا يستطيع المرونة في موضوع القدسالشرقية ولو اراد، فهو لا يحمل تفويضاً من الفلسطينيين انفسهم للتنازل عن حقوقهم فيها. وهو بالتأكيد غير مفوض من 200 مليون عربي وألف مليون مسلم للتنازل عن شيء لهم في القدس. وربما عدنا على سبيل المقارنة الى المفاوضات السورية - الاسرائيلية، فالرئيس حافظ الاسد رفض اتفاق سلام لم يكن ينقص منه سوى 10 امتار من الارض ليس لها اي صفة دينية او اهمية بشرية. وأبو عمار ليس الرئىس السوري بالتأكيد الا ان المطلوب منه هو "المرونة" على قلب قضيته، لا بضعة امتار على اطرافها. لذلك مر 13 ايار مايو اليوم من دون اتفاق على الاطار، وسيمر ايلول من دون تسوية نهائية، حتى لو اعلنت الدولة المستقلة.