خيّل للجميع عندما سجل المهاجم الضخم كارستن يانكر هدفاً لبايرن ميونيخ الالماني في مرمى ريال مدريد الاسباني بعد 12 دقيقة فقط من لقائهما على ملعب ميونيخ الاولمبي أمام 60 الف متفرج أن اصحاب الارض في طريقهم الى الثأر لخسارتهم بهدفين في مباراة الذهاب من الدور نصف النهائي لدوري ابطال اوروبا في مدريد... غير أن المهاجم الفرنسي نيكولا انيلكا كان رأي آخر لأنه سجل هدف الانقاذ في الدقيقة 31 ولم ينفع في شيء الهدف الالماني الثاني الذي أحرزه البرازيلي جوفاني ايلبير في الدقيقة 54. هدف انيلكا كان حاسماً وفي وقت صعب جداً، وهو بالتأكيد أهم هدف في الموسم الجاري للفريق الاسباني الذي حقق رقماً قياسياً جديداً ببلوغه لقاء القمة للمرة الحادية عشرة منذ أن انطلقت المسابقة الكبرى عام 1956، وسيحقق رقماً آخر في حال فوزه باللقب للمرة الثامنة في 24 الجاري على استاد فرنسا في ضاحية سان دوني الباريسية. الخطتان وحتى يتخطى نتيجة مباراة الذهاب، عدل المدرب الالماني اوتمار هيتسفيلد في خطته كلياً: قلبا دفاع فقط هما الغاني كوفور والسويدي اندرسون وتقدم ينز يريميز الى خط الوسط بدل أن يلعب "ليبيرو" مع ظهيرين هما ماركوس بابل والفرنسي ليزارازو اللذان لم ينجحا في مساندة الهجوم وخصوصاً الاول، وربما يكون هيتسفيلد اخطأ كثيراً لانه لم يشرك البوسني حسن صالح حميدزيتش ذا النفس الهجومي مكان بابل إلا في الدقيقة 60. وفي الوسط عاد ستيفان ايفنبرغ، فلعب دور القائد بجدارة على الصعيدين القتالي والفني وإن كان في مستوى متوسط بدنياً بعدما غاب عن الملاعب نحو شهر. وايفنبرغ يسرح نحو الهجوم باستمرار ولعب الى جانبه مهاجمان متأخران هما محمد شول والبرازيلي باولو سرجيو. وفي الامام تواجد يانكو والبرازيلي جوفاني ايلبير. واتضح تماماً أن هيتسفيلد رمى بكل اسلحته الهجومية لتعويض فارق الهدفين. أما مدرب ريال مدريد فيسنتي دل بوسكي فلعب بالطريقة التي اهتدى اليها أخيراً: ثلاثة في وسط الدفاع هم هيلغيرا المميز وايفان كامبو الفولكلوري والبرازيلي العتيق جوليو سيزار الذي حل محل ايتور كارانكا الموقوف مباراة واحدة. وفي جانبي الدفاع لعب البرازيلي روبرتو كارلوس الذي لم يقدم الكثير والكاميروني جيريمي نجيتاب الذي سد بجدارة، دفاعياً وهجومياً، الثغرة التي خلفها ميشال سالغادو الموقوف مباراة واحدة أيضاً. وبالنسبة الى جوليو سيزار فقد بدت عليه علامات الشيخوخة ومن حسن طالع الفريق أن كارانكا سيكون موجوداً... وفي الوسط الذي لقي مؤازرة مستمرة من روبرتو كارلوس وجيريمي هندس الارجنتيني فرناندو ريدوندو كل شيء وكان حاضراً في كل لعبة دفاعية وهجومية ففرض نفسه نجماً للقاء، ولعب بجواره الانكليزي ستيف ماكمانمان صاحب المجهود الوافر ونجم اسبانيا الاول راوول غونزاليس والبرازيلي سافيو الذي هبط اداؤه في الشوط الثاني وحل محله الفرنسي كاريمبو في الدقيقة 81. وفي الامام لعب انيلكا وحده باعتبار أن فرناندو مورينتيس اصيب خلال التدريب الاخير. وتحت مؤازرة جماهيرية غير عادية، انجرف الالمان في الهجوم وأبعد هيلغيرا من فوق خط المرمى كرة لاصحاب الارض بعد دقيقتين فقط إثر رأسية يانكر وارتباك الحارس الشاب كاسيّاس 18 عاماً ونصف العام... سرعة من الالمان ومحاولة تهدئة اللعب من الاسبان الى أن احتسبت ركلة حرة لبايرن فلعبها ايفنبرغ الى يريميز الذي رفعها من الجهة اليسرى الى الجهة اليمنى لتجد رأس ايلبير، ومنها الى يانكر الذي حولها مقصية وحلوة داخل شباك كاسياّس 12. وحتى يهدئ من روع زملائه سدد روبرتو كارلوس كرته الوحيدة في المباراة فردها الحارس اوليفر كان بصعوبة، وكانت تلك الحسنة الوحيدة للبرازيلي العملاق- القصير... وبقيت المباراة تشهد مداً المانياً وجذراً اسبانياً الى أن سجل ايلبير هدفاً ثانياً... وما أنقذ الاسبان فعلاً أن الحكم الانكليزي بول الغى الهدف بداعي التسلل 26. ضموه الى المنتخب! وفي اول انذار مدريدي، مرر سافيو الكرة الى راوول اثر ركنية فسددها رأسية بجوار القائم 27... ومع مرور الدقائق زادت ثقة لاعبي ريال بأنفسهم وعرضوا مهاراتهم في التمرير بين الخطوط الثلاثة بقيادة ريدوندو الرائع. وفي الدقيقة 31 مرر روبرتو كارلوس الكرة الى ريدوندو الذي حولها الى سافيو في مركز الجناح الايسر فرفعها داخل المنطقة... وهنا أفلت انيلكا من حارسه الامين الغاني كوفور ثم وثب وسدد كرة بمهارة لا تخلو من صعوبة في الزاوية اليسرى البعيدة عن متناول الحارس الالماني. وتالياً، صارت مهمة الالمان صعبة جداً لأنهم باتوا في حاجة الى تسجيل ثلاثة أهداف جديدة ليصلوا الى ملعب سان دوني... وبالتأكيد فإن الاسبان لن يتفرجوا عليهم. أما بالنسبة الى انيلكا فلعب مرة جديدة دور المنقذ... مشكلات كثيرة اعترضت طريقه منذ أن انضم الى ريال مدريد مطلع الموسم في مقابل 36 مليون دولار فصار منبوذاً وتأكد للجميع أن ما انفق من أجله لم يكن استثماراً مدروساً. وفجأة، منحه المدرب دل بوسكي ثقة كاملة واشركه في مباراة الذهاب ضد بايرن فسجل له الهدف الاول ثم سجل له الهدف الاغلى إياباً. وهنا راح الفرنسيون جميعهم يطالبون مدرب منتخبهم روجيه لومير، الموجود على مدرجات ملعب سانتياغو برنابيو، بضرورة ضم انيلكا الى تشكيلته المشاركة في بطولة أمم اوروبا الشهر المقبل في بلجيكا وهولندا ليلعب الى جانب تييري هنري نجم ارسنال وهدافه. واستعرض الاسبان بعد الهدف وسدد جيريمي كرتين وجد الحارس اوليفر كان صعوبة في التصدي لهما 34 و39، ثم جرى انيلكا مسافة طويلة وسدد كرة ابعدها الحارس نفسه من الزاوية العليا اليسرى 45. بصيص أمل... ولكن! وتراجع ريال في الشوط الثاني وترك المبادرة للالمان. وكما حاول محمد شول في النصف الاول حاول في النصف الثاني لكن من دون فائدة الى أن جاء بريق الامل... كرة حرة رفعها ايفنبرغ فحولها ايلبير برأسه هدفاً ثانياً في الدقيقة 54 وسط غابة من اللاعبين. وأصيب يريميز بكسر في الترقوة وخرج من بابل وشارك مكانهما فينك وحميدزيتش، وبقي الجمهور على صراخه وريال مدريد على عناده وصد حارسه كاسياس كرتين صعبتين الاولى رأسية من يانكر 61 والثانية بعيدة من حميدزيتش 64. ومع الوقت اسقط في يد الالمان وانتهت المباراة عملياً وسط تغييرات اسبانية كاريمبو وسانشيس وباليتش مكان سافيو وانيلكا وماكمانمان، ومحاولة أخيرة لايفنبرغ لم تثمر. ونوه رئيس بايرن فرانتس بكنباور بمستوى ريال مدريد واعترف بأن إمكانات فريقه كانت محدودة من دون أن ينسى انتقاد مستوى الحكم وحاملي الراية "الهواة"، وذكر هيتسفيلد أنه لو احتسب الهدف الثاني لفريقه لسهلت مهمته كثيراً وذكر أن هدف انيلكا "هبط من السماء". وعلى غرار ما قال الكثيرون، اعترف كاريمبو: "هدف انيلكا انقذنا".