حقق ريال مدريد الاسباني ما لم يكن في البال... انقلب عملاقاً خلال لقائه ومضيفه مانشستر يونايتد الانكليزي في واحدة من أمسياته الخالدة ضمن مسابقة دوري ابطال اوروبا، ومن دون أي مقدمات، وصار كل من لاعبيه ال11 نسخة من نجمه العظيم الفريدو دي ستيفانو الذي قاده الى احراز الكأس الاوروبي خمس مرات في النصف الثاني من الستينات. فاز ريال بالمباراة 3-2 على ملعب أولد ترافورد أمام 65 الف متفرج في اياب الدور ربع النهائي الذهاب صفر - صفر وبلغ دور الاربعة حيث سيلعب ضد بايرن ميونيخ الالماني في 3 و9 ايار مايو المقبل وذلك بعدما تخلص الاخير ومن دون اقناع من بورتو البرتغالي 2-1 على استاد ميونيخ الاولمبي الذهاب 1-1. وبكى مانشستر بالتالي اللقب الذي احرزه في ايار مايو الماضي على حساب بايرن بالذات 2-1 وذلك على ملعب نوكامب في برشلونة. ويذكر ان خسارة مانشستر على ارضه كانت الاولى له منذ ان حقق ميدلزبره ذلك للمرة الاخيرة في كانون الاول ديسمبر 1998. وبعد ذلك لم يتعرض لاعبو المدرب اليكس فيرغسون للهزيمة في 39 مباراة. وهكذا، بلغت اربعة فرق اسبانية سيلعب فالنسيا ضد برشلونة في 2 و10 ايار وفريق الماني واحد دور الاربعة. وبات يحق بهداف ريال مدريد الدولي راوول غونزاليس: "بمقدورنا أن نحلم بمباراة نهائية اسبانية على استاد فرنسا في 24 ايار... اثبتنا اننا اعلى مستوى من مانشستر وفزنا عليه بجدارة... واعتقد ان الكرة الاسبانية تشعر بالفخر". تنبؤ صحيح... وخاطىء عشية المباراة قال فيرغسون بالحرف الواحد: "ستكون مباراة هجومية وفيها اهداف كثيرة، وقد تكون من أفضل المباريات التي شهدتها المسابقة الكبيرة في تاريخها... حتى نطبع المسابقة بطابعنا على غرار ريال مدريد وأياكس وبايرن ميونيخ الذي فاز كل منهم بالكأس ثلاث مرات على الاقل يجب علينا أن نفوز باللقب للمرة الثانية... نمر بفترة ذهبية وعلينا أن نستغلها لتبقى الكأس في خزائننا". وصح ما قاله فيرغسون بالنسبة الى غزارة الهجمات ووفرة الأهداف لكنه لم يصب عندما توقع فوز فريقه باللقب مرة جديدة. وعشية المباراة ايضاً، قال ظهير ايسر ريال ومنتخب البرازيل روبرتو كارلوس: "اذا نجحنا في ايقاف خطورة بيكهام وغيغز فإننا سنقطع 75 في المئة من الطريق نحو الفوز". وبدا واضحاً منذ البداية أن ريال اعتمد هذه الخطة ونجح فيها الى حد كبير. ذلك أنه كلما امتلك بيكهام الكرة كان يراقبه لاعب الوسط البرازيلي سافيو ومن ورائه روبرتو كارلوس. وكلما امتلكها غيغز كان يراقبه الانكليزي ستيف ماكمانمان ثم ميشال سالغادو. وبالتالي لم يظهر بيكهام ولا غيغز بالصورة المعهودة، ولولا الهدف الذي سجله الاول وكان اكثر من رائع لما شعر به احد. وعندما كان يفلت بيكهام وغيغز ويرفعان الكرات كان ثلاثي الدفاع كارانكا وايفان كامبو والعملاق هيلغيرا، وهو أصلاً لاعب وسط، يتصدون لها بنجاح غير عادي. ونبقى في الدفاع لنقول ان العطاء الدفاعي والهجومي للظهيرين سالغادو وروبرتو كارلوس كان اعلى بكثير جداً من عطاء الظهيرين المانشستريين غاري نيفيل ودينيس اروين. وعلى مدى 90 دقيقة دافع ظهيرا ريال وهاجما ووفق سالغادو بالذات في لعب الكرة العرضية التي حاول لاعب الوسط المنافس وقائده روي كين ابعادها فتحولت من قدمه الى داخل شباك زميله الحارس الهولندي فان در خاو. أما الظهيران المحليان فاكتفيا بدور دفاعي طويلاً، وعندما عجز بيكهام وغيغز عن القيام بالشيء الكثير طلبا من نيفيل واروين أن يتقدما لتعزيز الوسط والهجوم فأخفقا. وحتى عندما حل الفرنسي سيلفستر محل اروين عجز عن القيام بشيء. وبدا قلب الدفاع النروجي هينيغ برغ ثقيلاً وهو يتحمل مسؤولية الهدف الثاني لان الارجنتيني ريدوندو الذي استرجع الايام الخوالي تلاعب به ومر منه بضربة رائعة من كعب القدم قبل ان يمرر الكرة على طبق من ذهاب الى راوول المطلق من الخلف ليسجل الهدف الثالث. وبين الهدفين كان الدفاع الانكليزي منجرفاً الى الامام، فمرر ماكمانمان كرة الى الجهة اليمنى حيث يقف راوول الذي تخلص بحركة بارعة من قلب الدفاع الهولندي ستام ثم سدد بيسراه وباتقان في الزاوية اليمنى للمرمى الانكليزي بعيداً عن متناول فان در خاو. وبذل ستام جهداً كبيراً وخف عطاؤه مع الوقت. هذا كله يعني ان دفاع مانشستر يحتاج الى ترميم... وهذا موضوع آخر خلاصته ان رئيس النادي الانكليزي مارتن ادواردز ليس من هواة فتح خزانة النادي للاستعانة بنجوم عالميين آخرين قادرين على سد الثغرات... وهنا مكمن خلافه مع فيرغسون. وفي الوسط، وبعيداً عن بيكهام وغيغز، اختفى سكولز طويلاً، ولم يكن كين موفقاً على الاطلاق لأنه هز شباك فريقه وأهدر اكثر من فرصة. أما خط الوسط المدريدي فضم هيلغيرا الذي تراجع دائماً الى الخلف وضم ريدوندو الرائع وماكمانمان الذي لعب افضل مباراة له مع ريال منذ انتقاله من ليفربول الصيف الماضي وامتاز بوفرة مجهوده، تماماً كسافيو الذي خرج في الدقيقة 65 بداعي الاصابة وحل محله الكاميروني جيريمي ذي النزعة الدفاعية. وعاون هذا الخط كثيراً المهاجم راوول نجم المباراة الاول مع زميله الحارس الشاب كاسيّاس 19 عاماً. وامتاز راوول بحسن تحركاته وانطلاقاته وتواجده في الاماكن المناسبة. اما اقل اللاعبين توفيقاً فكان رأس الحربة مورينتيس الذي لعب مكانه الفرنسي انيلكا في الدقيقة 72 فكان بمثابة "ضيف شرف" لانه كان يلعب من "حلاوة الروح". أما هجوم مانشستر فضم في البداية كول والترينيدادي يورك ثم خرج كول وبرغ ونزل مكانهما شيرينغهام والنروجي سولشكاير لان فيرغسون اعتمد مبدأ "أنا الغريق فما خوفي من البلل" بعدما صارت النتيجة 3-1. وقد أضاف فريقه هدفاً ثانياً بعد ذلك من ركلة جزاء سددها سكولز بنجاح لكنه لم يسجل ثالثاً ورابعاً حتى يتأهل برغم الفرص الكثيرة التي اتيحت له. 3 - صفر! ولخص روبرتو كارلوس نوايا ريال مدريد باكراً عندما سدد بعد اقل من دقيقتين كرة زاحفة بدت وكأنها تمريرة عرضية فلم يجد من يتابعها. أما مانشستر فلم يقل "أنا هنا" إلا في الدقيقة الثامنة حين صوّب غيغز كرة بجوار القائم الايمن. وبقيت الافضلية لريال وليس لأصحاب الارض الذين فوجئوا بحسن انتشار الضيوف وتطبيقهم خطة مدربهم دل بوسكي بحذافيرها، ومن تمريرة روبرتو كارلوس سدد مورينتيس كرة قوية بين يدي الحارس فان در خاو 13. وبقي روبرتو الوجه الابرز في ثلث الساعة الاول، وهو خطف كرة ضعيفة ارجعها نيفيل الى حارسه لكن الحارس رد محاولة النجم البرازيلي 17. وبقي ريال منتشعاً، فنشط سالغادو في الجهة اليمنى. ومن كرة عرضية قوية اراد كين ابعادها فانحرفت الى داخل شباك فريقه معلنة هدف ريال الاول في الدقيقة 20. وانتفض مانشستر بسرعة، وسدد كين رأسية اثر تمريرة من كول فأمسك بها الحارس كاسيّاس 22، وتبادل غيغز وسكولز كرة انتهت عند بيكهام الذي جرب حظه لكن الكلمة الاخيرة كانت للحارس الاسباني الشاب 26. ومرر كول كرة بالكعب الى كين وسط هجمات متلاحقة ل "الحمر" غير ان كاسيّاس كان في برج سعده 26. ولاحت الفرصة المحببة لروبرتو كارلوس: ركلة حرة احتسبت لفريقه لكنه لم يستفد منها فتنفس الانكليز جميعه الصعداء 33... وأخفق ستام في ابعاد كرة عرضية لسالغادو فتهيأت أمام راوول الذي سدد فوق العارضة 43. وخرج اروين وحل محله الفرنسي سيلفستر في مركز الظهير الايمن عساه يضع حداً لانطلاقات روبرتو كارلوس وماكمانمان. غير أن الاخير اتجه الى منتصف الملعب ولعب كرة من هجمة مرتدة الى راوول ف"غربل" ستام ثم سدد بيسراه بعدما انفتحت الزاوية أمامه واتجهت الكرة الى الزاوية اليمنى فلم يفعل فان در خاو حيالها شيئاً 50. وقبل ان يستعيد الانكليز توازنهم تسلم ريدوندو الكرة في الجهة اليسرى ثم مرر لنفسه كرة بالكعب مكنته من تخطي برغ ثم مرر الكرة عرضية الى راوول الخالي من الرقابة كلياً والمنطلق من الخلف ليسجل هدفاً سهلاً ثالثاً ومميتاً في الدقيقة 52. ويقول فيرغسون: "فوجئنا بالاهداف الثلاثة وانجرفنا نحو الهجوم لكن الليلة لم تكن ليلتنا". وهاجم ريال، دفاعاً عن السمعة على الاقل، ومن مجهود فردي اكثر من رائع لبيكهام الذي تخطى روبرتو كارلوس وسافيو وريدوندو، وسدد لاعب الوسط الانكليزي كرة لا ترد 3-1 فانتعش الجمهور المحلي. وأبدع ثلاثي الدفاع الاسباني المؤلف من كارانكا وكامبو وهيلغيرا في ابعاد كرات عالية كثيرة جداً وكانوا ابرز نجوم الدقائق المتبقية من زمن اللقاء الى ان لاحت فرصة لسكولز لكنه سدد بجانب القائم الايمن 78، وحول الحارس الاسباني كرة سولشكاير الى ركنية 80، وسدد المهاجم النروجي بجوار القائم الأيسر 83، ثم ارتكب ماكمانمان خطأ "عبيطاً" ضد كين داخل المنطقة مع ان كين لم يكن في موقف يمكنه من التسديد فقلص سكولز الفارق من ركلة الجزاء 88، وانهى يورك التسديدات بواحدة رأسية بين يدي الحارس كاسيّاس 90. بايرن 2 - بورتو 1 في مباراة اكثر من عادية اذا ما قيست بالمباراة الاولى، انتزع بايرن ميونيخ تأهله الى دور الاربعة بشق النفس اثر فوزه الصعب على بورتو 2-1. وكان الفريقان تعادلا 1-1 ذهابا. وتقدم بايرن من طريق باولو سيرجيو 15، وادرك بورتو التعادل عن طريق جارديل 90. وسجّل لينك هدف الفوز في الوقت بدل الضائع. يذكر ان بايرن ميونيخ اكتسح ريال مدريد 4-2 و4-1 في الدور الثاني، لكن ذلك كان في الدور الثاني. اما في الدور نصف النهائي فقد يكون الامر مختلفاً تماماً.