تسلّم الفرنسي زين الدين في الرابع من كانون الثاني (يناير) 2016، تدريب نادي ريال مدريد الإسباني، الذي كان يعاني أزمة. بعد عام، تبدل المشهد كلياً، ونجح "زيزو" في إعادة الهيبة إلى فريقه السابق. احتاج صانع الألعاب السابق إلى أقلّ من 12 شهراً لإبعاد الغيوم التي تلبّدت فوق سماء "سانتياغو برنابيو" خلال عهد سلفه الإسباني رافايل بينيتيز، خصوصاً في أعقاب الهزيمة القاسية في معقله المدريدي أمام الخصم اللدود برشلونة (صفر-4) في تشرين الثاني (نوفمبر) 2015. إلا أنّ ترقية زيدان (44 عاماً) من تدريب الفريق الاحتياطي إلى تدريب الفريق الأوّل، قلبت الأمور رأساً على عقب. فبعد أقلّ من خمسة أشهر على توليه مهامه، أحرز الفريق دوري أبطال أوروبا للمرة الحادية عشرة في تاريخه بفوزه على جاره أتلتيكو مدريد بركلات الترجيح في المباراة النهائية في أيار (مايو). وأتبع زيدان هذا الانجاز بإحراز كأس السوبر الأوروبية على حساب إشبيلية، وكأس العالم للأندية على حساب كاشيما آنتلرز الياباني. لم تتردّد الصحف الإسبانية في كيل المديح لزيدان، إذ كتبت صحيفة "ماركا" على صفحتها الأولى "رجل العالم، ساحر عام 2016". أمّا "آس"، فتوجّهت إليه بالقول "زيدان، معك بدأ كل شيء". حتّى رئيس النادي، فلورنتينو بيريز، لم يخف التقدير الذي يكنّه للاعب الذي حمل الرقم "5" في صفوف ريال بين 2001 و2006. وقال لوكالة "فرانس برس" مؤخراً: "الموسم الماضي، نجح زيدان في تغيير حياتنا". لم يحمل زيدان عصا سحرية معه إلى غرفة الملابس، بل اعتمد مقاربة مخالفة لبينيتيز، انعكست نتائج مغايرة مع اللاعبين أنفسهم. كانت علاقة بينيتيز باللاعبين جافّة وباردة، خلافاً لزيدان الذي أعاد الثقة للمجموعة نفسها، على الرغم من أنّ بعض قراراته لم يحظ بشعبية، لاسيّما عدم إشراكه صانع الألعاب الكولومبي خاميس رودريغيز أساسياً، مفضلاً عليه البرازيل كازيميرو الأكثر ميلاً إلى الدفاع. إلا أنّه أثبت للجميع صوابية قراره حيث بدا الفريق أكثر توازناً في كلّ خطوطه، وتمكّن زيدان من فرض هيبته على خط الملعب. ويقول مدير صحيفة "آس"، ألفريدو ريلانو، في مقال نشر الثلاثاء، إنّ "زيدان هدأ من حدة كل التوترات"، مضيفاً أنه "بارد خلال المؤتمرات الصحافية وحذر في خياراته، لكنّه أعاد الأمور إلى نصابها". إلى ذلك، حقّق زيدان خلال 12 شهراً رقمين قياسيين. فهو عادل رقم برشلونة بتحقيق 16 انتصاراً متتالياً في الدوري (بين آذار +مارس+ وأيلول +سبتمبر+)، وأضاف إليه رقماً قياسياً للنادي الملكي، بحفاظه على سجله خالياً من الخسارة في 37 مباراة توالياً. وكان الرقم السابق لريال مدريد 34 مباراة، وحقّقه في 1988-1989. وتعود الخسارة الأخيرة للنادي الملكي في عهد زيدان، الى نيسان (إبريل)، أمام فولفسبورغ الألماني في دوري أبطال أوروبا. ولدى الريال هذا الأسبوع فرصة معادلة رقم قياسي آخر، هو عدد المباريات المتتالية من دون خسارة لنادٍ إسباني (39)، والذي يحمله غريمه برشلونة حالياً (حقّقه في موسم 2015-2016). ولتحقيق ذلك، يتوجّب على النادي الملكي الفوز غداً (الأربعاء) في مباراته ضدّ إشبيلية في كأس إسبانيا، والفوز على غرناطة في الدوري السبت. ولا تبدو معادلة رقم برشلونة مستحيلة، إذ إنّ الريال لم يخسر سوى في مبارتين من أصل 53 بقيادة زيدان، في مقابل 40 فوزاً و11 تعادلاً. وكان بيريز علّق على ذلك بالقول ل"فرانس برس": "من المستحيل تحقيق سجلّ أفضل" مشيراً إلى أنّ زيدان الذي يرتبط بعقد حتى عام 2018 "سيبقى هنا إلى الأبد وعندما يرغب بذلك، سنقوم بالتجديد له". ويواجه زيدان تحدّيين أساسيين في 2017: الاحتفاظ بدوري أبطال أوروبا وهو ما لم يحقّقه أي فريق منذ ميلان الإيطالي (عامي 1989 و1990 بقيادة الثلاثي الهولندي ماركو فان باستن ورود خوليت وفرانك رايكارد، عندما كانت المسابقة الأوروبية في صيغتها القديمة). ويلتقي النادي الملكي نادي نابولي الإيطالي في الدور الثاني. أمّا التحدي الثاني، فيتمثل بانتزاع لقب الدوري من برشلونة، علماً أنّ ريال لم يحمل هذا اللقب سوى مرة واحدة في الأعوام الثمانية الماضية. ويتصدّر النادي الملكي حالياً الترتيب بفارق ثلاث نقاط عن غريمه التقليدي، علماً أنّه له مباراة مؤجّلة. أمّا في كأس إسبانيا، فيستضيف ريال الأربعاء إشبيلية في ذهاب الدور ثمن النهائي، في لقاء يجمع بين حامل لقب دوري أبطال أوروبا، وبطل الدوري الأوروبي "يوروبا ليغ"). ويأمل زيدان في مباراة الغد، الاحتفال بمرور عامه الأوّل على رأس الجهاز التدريبي لريال، بأفضل طريقة ممكنة. وفي ما يأتي بعض الأرقام التي تختصر عامه مع النادي: عدد المرات التي خسر زيدان "الكلاسيكو" في مواجهة برشلونة، إذ فاز ريال مدريد 2-1 في ملعب غريمه كامب نو في نيسان (إبريل)، وتعادل 1-1 على الملعب نفسه مطلع كانون الأوّل (ديسمبر). عدد الألقاب التي أحرزها زيدان خلال عام: دوري أبطال أوروبا في أيار (مايو) على حساب أتلتيكو مدريد الإسباني (5-3 في ركلات الترجيح بعد التعادل 1-1)، وكأس السوبر الأوروبية في آب (أغسطس) على حساب إشبيلية (3-2 بركلات الترجيح)، وكأس العالم للأندية في كانون الأول (ديسمبر) على حساب كاشيما آنتلرز الياباني (4-2 في الوقت الإضافي بعد التعادل 2-2). الرقم الذي حمله اللاعب الجزائري الأصل عندما دافع عن صفوف الريال بين عامي 2001 و2006. وعاود النادي بيع القميص مع إسم زيدان ورقمه منذ تسلمه مهام التدريب، وباتت رؤية مشجعين يرتدون هذا القميص في المدرجات، أمراً مألوفاً منذ الموسم الماضي. عدد الانتصارات المتتالية التي حقّقها ريال مدريد بقيادة زيدان في الدوري الإسباني، بين الثاني من آذار (مارس) 2016 (3-1 ضدّ ليفانتي)، حتى 18 أيلول (سبتمبر) (2-صفر ضدّ إسبانيول). وعادل النادي الملكي الرقم القياسي الذي حقّقه برشلونة في موسم 2010-2011، حينما كان بقيادة الإسباني جوزيب "بيب" غوارديولا. عدد المباريات دون خسارة التي خاضها ريال مدريد بقيادة زيدان، وهو لم يهزم منذ ذهاب الدور ربع النهائي في دوري أبطال أوروبا أمام فولفسبورغ الألماني (صفر-2) في السادس من نيسان (إبريل) 2016. وأتاحت هذه السلسلة للمدرّب الفرنسي، كسر الرقم القياسي السابق للنادي (34 مباراة في 1988-1989)، ويسعى حاليا لتحطيم الرقم القياسي الذي يحمله برشلونة (39 مباراة في 2015-2016). عمره الذي يعتبر يافعاً نسبياً بالمقارنة مع المدرّبين الآخرين للفرق الأوروبية الكبرى. اعتزل زيدان كلاعب في عام 2006 عن 34 عاماً. عدد المباريات الرسمية التي خاضها زيدان كمدرّب لريال مدريد. خلال عام 2016، حقّق 40 فوزاً و11 تعادلاً، وهزم مرتين فقط. نسبة الفوز في مبارياته كمدرب منذ توليه مسؤولية النادي في 2016. عدد المباريات التي خاضها منذ بدء مسيرته التدريبية في العام 2014 مع الفريق الاحتياطي لريال مدريد. رصيده في مسيرته الكاملة كمدرّب (الفريقان الأول والاحتياطي) هي 66 فوزاً، 28 تعادلاً و16 هزيمة. السنة التي من المقرّر أن ينتهي فيها عقده الحالي مع ريال مدريد. وولد زيدان في 23 حزيران (يونيو) من العام 1972 في مدينة مرسيليا الفرنسية. لعب في صفوف كان الفرنسي (1988-1992)، بوردو (1992-1996)، يوفنتوس الايطالي (1996-2001)، ريال مدريد الإسباني (2001-2006)، كما كان نجم المنتخب الفرنسي. أحرز سلسلة ألقاب كلاعب هي: كأس العالم 1998، كأس أوروبا 2000، دوري أبطال أوروبا 2002، كأس إنتركونتيننتال 1996 و2002، كأس السوبر الأوروبية 1996 و2002، بطولة إيطاليا 1997 و1998، كأس السوبر الإيطالية 1997، بطولة إسبانيا 2003، كأس السوبر الإسبانية 2001 و2003. ونال خلال مسيرته الكرة الذهبية التي تمنحها مجلة "فرانس فوتبول" في 1998، وأفضل لاعب في العالم من الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) 1998 و2000 و2003، وأفضل لاعب أوروبي 2002 وأفضل لاعب في كأس العالم 2006.