نجح قادة دول الاتحاد الأوروبي في الخروج من القمة الافريقية - الأوروبية التي اختتمت أعمالها في القاهرة أمس، من دون أن يلتزموا حلاً شاملاً للقضايا الجوهرية التي كانت دول القارة الافريقية تأمل بمعالجتها، خصوصاً قضية الديون. وجاء "اعلان القاهرة" في ختام القمة، التي استمرت يومين، مركزاً على القضايا السياسية، كما أراد الأوروبيون. راجع ص 6 و7 وعلى رغم عدم تحقيق آمال الافارقة بإلغاء كل ديونهم، إلا أنهم أجمعوا على أن هذا اللقاء، الذي يعقد للمرة الأولى على هذا المستوى بين أوروبا ومستعمراتها السابقة، حرك قضايا أساسية كانت نائمة. ولم يكن عدم التزام الأوروبيين الغاء كل الديون الافريقية موقفاًَ سلبياً بالكامل، وقال وزير الدولة البريطاني بيتر هين ل"الحياة": "كان من الصعب أمام هذه القمة اتخاذ قرارات بالغاء ديون كل دولة على حدة او خفضها". وعبر عن استعداد بلاده لالغاء الديون المستحقة لها، في إطار بحث معمق لهذه المشكلة مع الأخذ في الاعتبار آليات واتفاقات مبرمة. وكان الرئيس الفرنسي جاك شيراك اقترح أمام القمة مساء الاثنين الغاء كل الديون التجارية المستحقة لفرنسا على "الدول الأكثر فقراً ومديونية في افريقيا". وعبر ديبلوماسي افريقي تحدث إلى "الحياة" عن تقدير الافارقة الموقفين البريطاني والفرنسي من مشكلة الديون، لكنه قال: "كنا نأمل بحل شامل لهذه المشكلة مع كل دول القارة، فليس كل الدول الافريقية في عداد الدول الأكثر فقراً ومديونية، لكن كل دول القارة مدين للغرب عموماً، وهذا الدين يؤخر عملية التنمية". وأبدى مسؤولون أفارقة آخرون ارتياحاً الى أن القمة، التي تقرر أن تعقد في دورة ثانية، حرّكت كل المشاكل العالقة بين القارتين. وسجلت اتفاقات أخرى في القمة، كان ابرزها مساعدة الأوروبيين الدول الافريقية في إزالة الألغام الأرضية، وتشكيل لجنة لمتابعة قضية استرجاع الآثار والمقتنيات الافريقية الثمينة التي سرقت في فترة الاستعمار. بقية القضايا التي اتُفق عليها وردت في القضايا السياسية العامة، مثل تعزيز التعاون الاقليمي والتكامل في افريقيا، وإنشاء إطار عمل فاعل لتعزيز التعاون الافريقي - الأوروبي، في حين كان الأفارقة يرغبون في وضع خطة شراكة استراتيجية بين القارتين. وأعادت القمة تأكيد تعزيز دور المجتمع المدني وسيادة القانون وبناء السلام ومنع النزاعات وإدارتها وحلها، ومكافحة الإرهاب وتهريب السلاح، الى جانب التركيز على تعزيز التوجه نحو الديموقراطية واحترام مبادئ حقوق الإنسان. وعلى هامش القمة، عقدت لقاءات ثنائية وثلاثية ورباعية بين رؤساء دول وحكومات، استطاعت فتح قنوات جديدة بين هذه الدول أو تعزيز علاقات بينها، خصوصاً القمة الرباعية الجزائرية - المغربية - التونسية - الليبية، أول من امس، وكذلك اللقاء بين الزعيم الليبي معمر القذافي ورئيس الوزراء الايطالي ماسيمو داليما، ولقاءات الرئيس حسني مبارك مع عدد كبير من قادة الدول. وقال الوزير هين ان أهمية القمة أنها "أعادت افريقيا الى الواجهة بعدما ظلت خارجها لأكثر من عقدين". الى ذلك عقد الرئيس مبارك جلسة محادثات ثنائية مع نظيره السوداني عمر البشير، ثم انضم اليهما القذافي في قمة ثلاثية على هامش جلسات القمة الافريقية - الاوروبية. وعلمت "الحياة" ان اللقاء الثلاثي عرض الجهود المبذولة لإقرار الوفاق والمصالحة في السودان، في اطار المبادرة المصرية - الليبية وتفعيلها.