أيام ويبدأ يوسف شاهين تصوير فيلمه الجديد "سكوت حنصوّر!". وإذا صدقت الأنباء الواردة من القاهرة فإن المغنية التونسية لطيفة ستكون هي بطلة هذا الفيلم الشاهيني الجديد. وهذا النبأ مفرح في حد ذاته للذين يحبون غناء لطيفة وتطربهم أغانيها من ناحية، ويفتنهم من ناحية أخرى جمالها. فلطيفة من نوع الفنانات اللواتي خلقن أصلاً لكي يُسمَعْنَ ويُشاهَدْن. وهو أمر لا يقيض للكثيرات، خصوصاً في أيامنا هذه، على رغم أن فن الغناء نفسه لم يعد فن استماع وحسب، بل صار فن مشاهدة أيضاً. ففي هذه الأيام، يمضي المرء القسم الأعظم من ساعات الاستماع الى الأغاني في مواجهة شاشة التلفزة أو عبر "الاستماع" الى الشرائط القصيرة المصورة، ما يعني ان شكل المغنية والمغني أيضاً يؤدي دوراً كبيراً في تقبل الجمهور لها أو له. من هنا لم يعد غريباً أن يتمتع معظم المغنين بسمات جمالية شكلية تأتي في أحيان كثيرة لتعوض نقصاً في قوة الصوت وجماله. وفي الوقت نفسه نلاحظ أن ثمة مغنيات ومغنين رائعي الأصوات يعجزون عن تحقيق أي نجاح لأن أقل ما يقال فيهم "ان الكاميرا لا تحبهم". في هذا الإطار، إذاً، يؤدي الشكل الخارجي وحسن الأداء دوراً كبيراً في نجاح أهل الغناء. ومع هذا، على رغم هذا الواقع الذي صار بديهياً، يمكن اعتبار لطيفة حالاً استثنائية، في صوتها واختيارها أغانيها أولاً، ولكن أيضاً بعد ذلك في جمالها... ثم، وهذا هو الأهم بالنسبة الى حديثنا هنا، في حضورها. والحضور في مجالنا هذا، هو غير السمات الشكلية طبعاً. لطيفة هي حضور، وتبدو كأنها ولدت نجمة أو على الأقل ممثلة من طراز رفيع. من هنا فإن السؤال الأول الذي يتبادر الى الذهن حين ينتشر خبر اختيار يوسف شاهين لها لتؤدي الدور الأول في فيلمه الجديد، لن يكون: كيف تم اكتشاف الممثلة في لطيفة؟ بل سيكون: لماذا تأخرت السينما كل هذا الوقت قبل أن تكتشف لطيفة ؟ وكما يقال دائماً "خير للأمور أن تصل متأخرة من ألا تصل أبداً"، نقول هنا: خير للسينما أن تكتشف لطيفة متأخرة من ألا تكتشفها أبداً. ولربما كان من حظ لطيفة ان "اكتشافها" سينمائياً تم على يدي مخرج كبير من طينة يوسف شاهين ما يضمن لنا أنها لن تغامر بعد العمل معه، أن تخوض تجارب سينمائية لا توازي تجربتها معه أهمية. إذاً، منذ الآن يمكننا المراهنة - إذا ما صدقت الأنباء، مرة أخرى، وتأكد وجود لطيفة في مغامرة يوسف شاهين الجديدة - على أن لطيفة ستكون مكسباً للسينما، ولكن أيضاً على أن خوض المغامرة السينمائية الجديدة في حياة لطيفة، سينعكس ايجاباً على مستقبلها الغنائي، ما يمنعها هنا أيضاً من أن تغامر بالمستوى الذي يمكن أن تصل اليه تحت رعاية يوسف شاهين، خصوصاً أن دورها في فيلمه هو، بالذات، دور مطربة يحدث لها في لحظة من لحظات حياتها أن.... ولكن لا، لن نغامر نحن برواية حكاية الفيلم منذ الآن. حسبنا هنا أن نهنىء شاهين على اختياره ولطيفة على توجهها الجديد. "عين"