من المتوقع ان تتجدد بعد ايام، الجولة الثالثة من مفاوضات الحل النهائي على المسار الفلسطيني - الاسرائيلي، تكميلاً لجولتي المفاوضات في قاعدة بولينغ بمشاركة اميركية "خارجية". ستتجدد المفاوضات هذه المرة في المنطقة، وفي مدينة ايلات بالتحديد، وبمشاركة اميركية "داخلية" هذه المرة، وذلك بعد جو الارتياح الذي تم التعبير عنه من قبل الرئيس ياسر عرفات بعد اجتماعه الاخير مع الرئيس بيل كلينتون في واشنطن. المشاركة الاميركية هذه المرة ستكون على ثلاثة مستويات. يساهم في المستوى الاول دنيس روس، الذي وعد بأن يكون له دور نشط اكثر… خلاق ومبدع.. حسب وصف الناطق الاميركي الرسمي، وهذا يعني تقديم الاقتراحات، وصيغ الحل الوسط لضمان اتفاق الطرفين على صيغة "اتفاق الاطار" الذي يمهد لمفاوضات الحل النهائي بعد ان يكون قد وضع اسس معالجتها. اما في المستوى الثاني من المشاركة الاميركية فستأتي وزيرة الخارجية مادلين اولبرايت الى المنطقة، لتتأكد بنفسها اذا كان روس قد استطاع ان يحقق انجازاً ام لا، واذا كان الجواب ايجابياً فستبدأ المرحلة الثالثة من المشاركة الاميركية والتي ستتخذ شكل لقاء قمة ثلاثياً يضم عرفات وكلينتون وايهود باراك رئيس وزراء اسرائيل، وهو في هذه الحالة لقاء تفاهم نهائي، ولقاء اعلان لاتفاق الاطار. ومن خلال معرفتنا السابقة بشروط كل طرف في هذه المفاوضات، ومن خلال التصريحات الواضحة والصريحة التي ادلى بها كبار المسؤولين الفلسطينيين، وقالوا فيها ان المفاوضات عبثية، وان اسرائيل لا ترد على اسئلتنا، وانها تقترح دولة على 70 في المئة من الارض مقابل ضم الباقي اليها، مع القدس والمستوطنات …الخ، فإن الوصول الى اتفاق يعني شيئاً واحداً، هو الاتفاق على حل وسط والحل الوسط هنا يعني شيئاً واحداً، هو التراجع الفلسطيني عن اساسيات خطيرة. كيف يفكر الاميركيون والفلسطينيون في صياغة هذه التراجعات؟ هناك بندان اساسيان لذلك: البند الاول: الاتفاق على اعلان الدولة الفلسطينية استناداً الى المفاوضات وليس الى حق السيادة الفلسطيني في اعلانها، وهو اتفاق سيكون مشروطاً بأن تكون حدود الدولة محصورة في المناطق التي سلّمت للفلسطينيين فقط، وليس في حدود اراضي 1967. البند الثاني: الاتفاق على تجزيئ الحل، بحيث يشمل ما تم الاتفاق عليه، بينما يتم ترحيل قضايا القدس وعودة اللاجئين الى مرحلة قادمة من التفاوض، اي يتحول الحل النهائي الى حل مرحلي جديد يكون بمثابة الحل المرحلي الثاني، بعد الحل المرحلي في اوسلو. ويعني ذلك ببساطة قطع الصلة بين اتفاق اوسلو وبين القضية الفلسطينية الاصل الممثلة ببند واحد هو عودة اللاجئين، ودخول عودة اللاجئين وقضية القدس في متاهة مفاوضات لا تنتهي. هل يمكن تصور حل نهائي اسوأ من ذلك؟ ولا مخرج من هذا كله سوى كلمة "لا" فلسطينية على غرار كلمة "لا" السورية، وعندها فقط ستجبر اسرائيل واميركا على التفكير من جديد.