أعود الى بعض رسائل القرّاء اليوم، فأنا أرد على بعضها بشكل مباشر، وأنشر بعضاً آخر باختصار اذا كان فيه ما يستحق التعميم. وربما ارسلت الى قارئ رداً على نقطة معينة في رسالة خاصة، ثم نشرت نقطة اخرى فيها فائدة عامة. اليوم اختصر التالي من مواضيع تستحق النقاش. القارئ عبدالله، واحتفظ ببقية اسمه بناء على طلبه، بعث اليّ برسالة بالبريد الالكتروني ضمنها السؤالين الذكيين التاليين: - بلّغت البعثة الأميركية لدى الأممالمتحدة السفير اللبناني لدى المنظمة العالمية انها ستكون "محور الاتصالات" في كل شيء يتعلق بالقرار 425. أليس هذا دور الأممالمتحدة؟ - أين سترابط قوة حفظ السلام الدولية؟ على الجانب اللبناني، أو الجانب الاسرائيلي، أو الجانبين؟ القارئ لم يسأل ليسمع جواباً فهو يعرف الجواب، وأوافقه الرأي ان المرابطة لن تكون على الجانب الاسرائيلي. أما القارئ بيار داغر فهو يصر على خطأ قولي انه اذا قطع انسان غرفة من جنب الى جنب، وكانت كل خطوة لاحقة نصف التي سبقتها فلن يصل الى النهاية. وهو يقول انه اذا كانت الخطوة الأولى أكثر من نصف الغرفة فأنا مخطئ، ويعطي مثلاً خلاصته انه اذا كان عرض الغرفة 5،1 متراً، وكانت الخطوة الأولى 80 سنتيمتراً فسيصل الانسان الى نهاية الغرفة في اربع خطوات. أما اذا كانت الخطوة الأولى 75 سنتيمتراً أو أقل فلن يصل الى النهاية. وهذا صحيح، غير انني أحتكم الى القرّاء، فأي انسان يقطع أكثر من نصف غرفة بخطوة واحدة، وأخونا بيار يختار غرفة عرضها متر ونصف متر، أي أنه يتحدث عن "تواليت" البيت، في حين يفترض أن يكون عرض الغرفة أربعة امتار أو نحو ذلك، فإذا كانت خطوة صاحب الشقة بعد ذلك أكثر من مترين فإن من حقه المشاركة في بطولة القفز العريض في الألعاب الأولمبية. وأعود مرة أخرى الى العبارة "أجور ومرتبات العمال" مع القارئ حايف الشمّري، وهو طالب كويتي في الجامعة الاسلامية في المدينةالمنورة، فقد تفضل مشكوراً بشرح واف. وهو يقول ان العبارة صحيحة ويستشهد بقول ابن مالك في ألفيته: ويحذف الثاني فيبقى الأول كحاله إذ به يتصل بشرط عطف واضافة الى مثل الذي له أضفت الاول وقال ابن عقيل في شرحه "الألفية" ان المضاف اليه يحذف ويبقى المضاف كحاله لو كان مضافاً فيحذف تنوينه، وأكثر ما يكون ذلك اذا عطف على المضاف اسم مضاف الى مثل المحذوف من الاسم الأول مثل "قطع الله يد ورجل من قالها" والتقدير "قطع الله يد من قالها ورجله". وبين المصادر المتأخرة، يورد القارئ قول مصطفى الغلاييني في "جامع الدروس العربية" انه قد يكون في الكلام اسمان مضاف اليهما فيحذف المضاف اليه الأول استغناء عنه بالثاني نحو "جاء غلام وأخو علي"، والأصل "جاء غلام علي وأخوه". ويخلص حايف الشمّري الى القول ان ما نشرت للقارئ جميل حسين يمثل رأي جماعة من النحويين خالفهم عدد من أئمة النحاة الذين جوزوا هذا الأسلوب، مع اعتراف القارئ أن الأسلوب الأول أفضل. وأقبل كلام القارئ كله، ولا أزيد سوى أنه لا يوجد في القرآن الكريم كله مثل واحد على الاسلوب الثاني، وإنما هو فيه من نوع العبارة "صيد البحر وطعامه" في سورة المائدة. وضاق المكان فاختتم بشيء للتسلية من وحي ما سبق، فقد أخذ عبد الملك بن مروان رجلاً اعرابياً كان يرى رأي شبيب الخارجي، فقال عبد الملك: ألست القائل: ومنا سويد والبطين وقنْعب ومنا أميرُ المؤمنين شبيب فقال الاعرابي، إنما قلت: ومنا أميرَ المؤمنين شبيب. والفرق بين الرفع والنصب، أن شبيباً يصبح أمير المؤمنين في الأولى وأن الشاعر يخاطب أمير المؤمنين عبدالملك بن مروان في الثانية ويقول ان شبيباً من جماعة الشاعر فقط. في تلك الأيام كانت حركة فوق حرف تعني الفرق بين الموت والحياة. أما اليوم فالكلمات فقدت معناها.