هرع أحمد ابراهيم لإنهاء مراسم دفن طفله 3سنوات الذي توفي من جراء الجوع والعطش في دنان جنوب شرق اثيوبيا، وعاد مسرعاً الى خيمته للبقاء الى جانب ابنته فوزية سنتان المشرفة على الموت. عشرات المدافن تُحفر يومياً لضحايا القحط والمجاعة والامراض في منطقة اوغادين التي تقطنها غالبية من القومية الصومالية، والتي كانت تعرف ب"الصومال الغربي" وهي اليوم جزء من اثيوبيا. وتعتبر اوغادين، التي زارت "الحياة" بعض مدنها اخيراً، اكثر المناطق تضرراً بالمجاعة التي حلت في كل دول منطقة الافريقي حيث تقدر الاممالمتحدة عدد المهددين بالموت جوعاً بأكثر من 16 مليون شخص، في حين تؤكد منظمات محلية ان العدد يتجاوز العشرين مليوناً. وقال احمد بعدما أنهى صلاة العصر والدعاء لشفاء ابنته فوزية: "ربما كان ما يحصل لنا هو امتحان عسير من الله. نحن نتقبل ذلك، لكننا نأسف لأن اشقاءنا العرب والمجتمعات الاسلامية لم ترأف بحالنا ولم تمد يد العون الينا حتى الآن". غالبية الاطفال في دنان يموتون من سوء التغذية والامراض، والذين ما زالوا على قيد الحياة يفترشون الارض في أكواخهم يتألمون من شدة المرض والجوع والقيظ. والذي يستطيع الكلام منهم يردد كلمة "جاشو" باللغة الصومالية، وتعني "انا جائع". وعندما يلمح سكان مدينة دنان 1280 كلم من اديس ابابا زائراً للمدينة يرحبون به بلهفة لاعتقادهم بأنه ربما يحمل اليهم الامل في انقاذهم. يأخذونه الى خيامهم الممزقة حيث يتمدد ضحايا الجوع اطفالاً وعجزة متهالكين لا يستطيعون الحراك. ومثل دنان، تبدو مدينة غودي الصحراوية تبعد 1200 كلم من اديس ابابا بائسة مهملة لا يمكن مقارنتها بالمدن الاثيوبية الاخرى خارج اوغادين. ويقطنها مع الضواحي والمدن القريبة مثل هطاوي ودقحبور وقبر دحري وجيجان، حوالي 120 الف شخص. وقال احد المسؤولين في غودي ل"الحياة" ان المتضررين من الجفاف والمجاعة يحتاجون الى مساعدات عاجلة، "ولكن نحن لا نستطيع ان نتغلب على مشكلة المجاعة، التي تهدد المنطقة من وقت لآخر، بطلب المساعدات فقط، سواء كانت خارجية او داخلية. نريد من الدول المانحة والحكومة الفيديرالية في اديس ابابا ان تساعدنا من خلال تأمين المساعدات الكافية لتنمية المنطقة في المجالات الصناعية والزراعية". واضاف ان الحكومة المحلية في الاقليم الصومالي تتمتع بحرية واستقلال كامل في ادارة الاقليم الذي لديه مئة عضو في البرلمان الاثيوبي. وهناك بعض الخلافات بين المسؤولين في مختلف المناطق الصومالية، وتؤثر هذه الخلافات على قضايا التنمية في المنطقة. واوضح المسؤول نفسه، ان الحكومة الاثيوبية خصصت 500 ألف دولار للمنطقة في موازنة السنة الماضية و450 ألف دولار للسنة الجارية، "لكن للأسف لم نتمكن من الاستفادة من هذه الاموال بسبب عدم اخلاص المسؤولين المحليين. لذلك لا يمكن ان نتهم الحكومة الفيديرالية بالاهمال ونحملها كل المسؤولية، ولكن نأمل بأن تغير الانتخابات المقبلة في ايار مايو المقبل الكثير من سياسات الاقليم الصومالي كله". يوجد في سط مدينة غودي ثلاثة مراكز تابعة ل"هيئة اوغادين الخيرية" لإطعام حوالى 2000 من الاطفال والامهات المتضررين من سوء التغذية ومعالجتهم من الامراض، لكن هذه المراكز لا تستطيع ان تقدم اكثر من 10 في المئة من الحاجات الطارئة. ويقول احد العاملين في الهيئة ان المراكز الموجودة لا يمكنها استقبال عدد اكبر من المتضررين "ولهذا السبب نضطر الى ان نتعامل مع الحالات الاكثر سوءاً، وهناك آلاف من المحتاجين الذين لا نستطيع مساعدتهم، لذلك نطالب بالمزيد من المساعدات الغذائية والادوية لانقاذ ما يمكن انقاذه من المتضررين من المجاعة وسوء التغذية". الطبيب الوحيد الذي رأيته يعالج الحالات الخطرة في غودي، يؤكد ان اعداداً كبيرة تأتي كل يوم من الاطفال والعجزة "ونحن نعمل كل ما نستطيع لانقاذ حياتهم على الرغم من عدم وجود الامكانات اللازمة، الامر الذي يؤدي الى وفاة عدد كبير من الاطفال".