أعلن رئيس الجمهورية اللبنانية العماد إميل لحود أمس "ان التعاطي مع الوجود السوري في لبنان يرتبط بالتوقيت الذي يناسب مصالحنا المشتركة مع سورية لا بالتوقيت الذي يناسب المصالح الاسرائيلية، كما يحصل اليوم من طريق المزايدات في الشارع بإيعاز من قوى معروفة...". وردّ لحود في تصريحات وزعتها المديرية العامة لرئاسة الجمهورية، فور عودته الى بيروت بعيد ظهر امس، من جولته على عدد من الدول العربية وإيران، على المطالبين بإنسحاب القوات السورية من لبنان، من زعماء معارضين وطلاب "التيار العوني" الذين تظاهروا على مدى الأسبوع الفائت رافعين هذا الشعار. وكان مصدر مسؤول في البيت الأبيض قال في تصريحات على هامش لقاء الرئيسين الاميركي والفلسطيني "ان على جميع القوات الاجنبية ان تنسحب من لبنان تطبيقاً لقرارات مجلس الأمن". وأضاف ان القرارات "واضحة في هذا الشأن"، مشيراً الى انه "لا توجد توقعات لما سيقوم به السوريون في هذه المرحلة". وعلمت "الحياة" ان الرئيس الاميركي ووزيرة خارجيته طلبا من الرئيس الفلسطيني ان يساعد في جعل الانسحاب الاسرائيلي من جنوبلبنان "بعيداً عن أي هزات أمنية". وأفاد المصدر ان واشنطن بصدد اعداد رد على الرسالة الشفوية التي أرسلها الرئيس حافظ الأسد عبر السفارة الاميركية في دمشق. وقال ان الرئيس بيل كلينتون "دعا الرئيس الأسد الى تقديم أفكار يمكن من خلالها دفع المسار السوري". واكد ان الولاياتالمتحدة تلقت رداً سورياً عبر السفارة الاميركية، وانها لا تزال تعد جواباً على الرسالة السورية الشفوية. وقال لحود: "يجب ان يعرف الجيل الجديد ان بعض الاصوات الموجودة في الداخل والخارج سببت في الماضي اقتتالاً اسلامياً مسيحياً ثم اقتتالاً مسيحياً، وانها لم تخدم لبنان إلا بالشعارات الطنانة... فيما هي تتحرك فقط كلما دق جرس في سفارة أو عاصمة لخدمة اسرائيل". وقال ان الوجود السوري "شرعي وموقت وموقف الدولة محسوم من هذا الأمر". وانتقد "محاولة البعض إثارة البلبلة والتشكيك خلال هذه الفترة، خصوصاً في الشأنين السياسي والاقتصادي"، محذراً من "التمادي في ذلك". وأكد "متانة الوضع النقدي وتماسكه". وقال انه "محمي"، مشيراً الى انه "يثار كل مرة تطرأ استحقاقات حساسة ثم لا يلبث ان يهدأ... وسيجد المتورطون انفسهم خاسرين". وكانت المحطة الأخيرة لجولة لحود القاهرة حيث صدر بيان مشترك عن محادثاته مع نظيره المصري حسني مبارك اعتبرا فيه "ابلاغ اسرائيل الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان قرارها الانسحاب من جنوبلبنان وبقاعه الغربي خطوة مهمة من حيث كونها انتصاراً للبنان بتحرير أرضه". ودعا مبارك ولحود الى استئناف مفاوضات السلام على قاعدة الانسحاب من كل الاراضي العربية المحتلة، في لبنان حتى حدوده الدولية، والجولان السوري المحتل حتى حدود 4 حزيران يونيو العام 67 والأراضي الفلسطينية بما في ذلك القدس. وأكدا حق لبنان في تعويضات من جراء الاحتلال الاسرائيلي، وحق لبنان في مواجهة الاعتداءات الاسرائيلية. وقال مصدر في الوفد الذي رافق لحود في جولته انه "لمس تفهماً كاملاً لموقف لبنان من وحي المذكرة الرئاسية الى الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان"، مشيراً الى ان "الجميع يعتبر ان الانسحاب الاسرائيلي من الجنوب وان كان يشكل انتصاراً للبنان، لا بد في المقابل من التنبه والحذر حيال المناورات الاسرائيلية. وهذا أمر ضروري". وأكد المصدر ان الجانب المصري "عبر في وضوح أمام لحود والوفد المرافق عن انزعاجه من الطريقة التي تتعاطى بها اسرائيل مع المسار الفلسطيني". وقال ان مصر "تتمنى العودة الفورية للمفاوضات السورية الاسرائيلية وألا يكون الانسحاب الاسرائيلي من لبنان محاولة لاضعاف سورية". وأوضح المصدر: "لم ينشأ لدينا انطباع ان الاتصالات مقفلة في ما يتعلق بالمسار السوري، لكن ليس هناك شيء ملموس بعد على هذا الصعيد". ولفت الى الاصرار المصري على استئناف المفاوضات على هذا المسار، والى تفهم كل الدول المشمولة بجولة رئيس الجمهورية لموقف لبنان من ان الانسحاب الاسرائيلي من لبنان يجب ان يشمل الجو والبحر اضافة الى البر، اذ ان تنفيذ القرار 425 لا يقتصر على النطاق البري... وتزامن انتهاء جولة لحود مع اعلان ديبلوماسيين في الأممالمتحدة ان مهمة مبعوث أنان، مساعده للشؤون السياسية تيري رود لارسن، ارجئت اسبوعاً الى مطلع أيار مايو المقبل. وأوضح هؤلاء ان لارسن سيتوجه الى اسرائيل في الثاني والثالث من الشهر المقبل، ثم ينتقل الى منطقة عمليات قوات الطوارئ الدولية في الجنوباللبناني، قبل ان يواصل جولته على بيروتودمشق ثم عمانوالقاهرة. وفي ضوء نتائج هذه المهمة والاتصالات مع الدول التي تشارك في القوة الدولية سيطرح انان توصيات على مجلس الأمن في شأن الدور الذي يمكن ان تقوم به قوات الطوارئ الدولية الموجودة في جنوبلبنان. ووفقاً لدراسة الوضع من جوانبه الأمنية والسياسية سيقرر مجلس الأمن تعزيز قوات الطوارئ التي يبلغ عددها الآن 4500 رجل، او الإبقاء على حالها او سحبها كلياً من المنطقة.