أعادت دولة الامارات فتح سفارتها في بغداد بعد عشر سنوات من اغلاق أبوابها، وإمعاناً في وصف هذا الاجراء بأنه عادي قال ديبلوماسيون ان هذه الخطوة "إعادة تشغيل" للموظفين في السفارة الذين انقطعوا عنها طوال هذه المدة. والواقع ان الاتصالات بين الاماراتوالعراق لم تنقطع في السنوات الاخيرة وتم التعبير عن ذلك في اكثر من زيارة لوفود رسمية عراقية على مستويات وزارية او اقل، اضافة الى العلاقات التجارية والمساعدات الانسانية النشطة، وخصوصاً منها الاخيرة من جانب الامارات الى الشعب العراقي. والشيء الطبيعي في اعادة فتح السفارة الاماراتية في بغداد هو ان الامارات كانت الدولة الثانية في مجلس التعاون لدول الخليج العربية في هذا الاجراء خلال مدة قصيرة، والرابعة بين دول المجلس التي باتت لها سفارات مفتوحة في بغداد، بعدما بقيت بوابتا السفارتين العمانية والقطرية مفتوحتين منذ عام 1990. ولكن عدم الاعلان من جانب الامارات عن هذه الخطوة رسمياً امعاناً في عدم اعطائها بعداً سياسياً او وصفها بأنها خطوة او موقف سياسي جديد من جانب الامارات تجاه العراق، وابقائها في دائرة الامر الاجرائي، ترك تساؤلات بأن عدم الكشف عن هذه الخطوة قبل تنفيذها ربما يكون الهدف منه وضع من يكون له تحفظ عنها امام "امر واقع" او أُريد منها القول بأن عدم التنسيق في احدى القضايا الخليجية داخل مجلس التعاون قد ينسحب على قضايا اخرى. وبشكل اكثر وضوحاً يثور مع خطوة الامارات اعادة فتح سفارتها في بغداد تساؤل مهم، وهو هل هذه الخطوة تأتي رداً على التقارب الخليجي مع ايران من دون اعتبار لقضية الجزر الاماراتية الثلاث التي تحتلها ايران؟ الشيء المؤكد ان اعادة فتح السفارة الاماراتية في العاصمة العراقية لا يأخذ هذا المعنى ولا يقبل هذا الربط في التفكير السياسي الاماراتي الذي يدعو دائماً الى تجاوز الخلافات العربية ولمّ الشمل والتآزر، ورفع المعاناة عن الشعب العراقي مع التزامه قرارات الاممالمتحدة الخاصة بالعراق. ولكن رغم ذلك ستبقى هذه الخطوة من جانب الامارات حمل تساؤل، كما هو التساؤل الاماراتي لا يزال قائماً وبإلحاح: لماذا التقارب الخليجي مع ايران من دون أخذ قضية الجزر في الاعتبار؟ تمكنت الامارات من خلال تحركها مع شقيقاتها في مجلس التعاون قبل نحو عام من وضع مسألة التقارب الخليجي - الايراني موضع بحث جدي في اطار الملفات السياسية لمجلس التعاون وتم تشكيل لجنة ثلاثية مهمتها وضع آلية لبدء مفاوضات ثنائية بين الاماراتوايران للوصول الى حلّ سلمي لقضية الجزر او اللجوء لمحكمة العدل الدولية او التحكيم الدولي. وقد أُعطيت هذه اللجنة مدة عام لانجاز مهمتها وعرض نتائج اعمالها على القمة التشاورية المقبلة لمجلس التعاون والواضح ان ايران لا تعير اهتماماً لمهمة هذه اللجنة. ويبدو ان مهمتها ستنتهي نهاية غير موفقة نتيجة التصلّب الايراني، في حين علاقات "التطبيع" مع ايران مستمرة، بل دار جدل حول توقيع هذه الدولة او تلك اتفاقات دفاعية او امنية مع طهران. مهما يكن أمر إعادة فتح السفارة الاماراتية في بغداد طبيعياً او ردّ فعل على العلاقات الخليجية مع ايران، فإن امام القمة التشاورية مهمة مستعجلة لضبط ايقاعات التحرك السياسي المشترك لدول المجلس بدل العزف المنفرد.