من يحلم اليوم بإبداع وسط عقليتين تحكمان المساحة الأعظم في ميدان الثقافة العراقية؟ غورينغ أعار كلمته ومسدسه لنظام الثقافة في الداخل. حين أسمع كلمة ثقافة اتحسس مسدسي. واستعار عدد كبير من المثقفين في الخارج فكرة: حينما اسمع كلمة ثقافة أفكر بدهاليز الاستخبارات والجاسوسية والعمالة والتمويل السري، كأن الضحية استمدت من جلادها فطرته الوظيفية لتدمير الآخر. ليس في "المأثور الثقافي" العراقي تقسيم قصدي يستلهم الثقافة كلما سمع كلمة مسدس أو جاسوسية أو عمالة أو خيانة. كانت السياسة هي التي توزع التهم. لكن الكثيرين الآن يتحسسون الثقافة كلما تداولوا مفردات العمالة والجاسوسية والاستخبارات. حتى الأسئلة لم تعد بريئة وهي تجتهد في التحايل على قانون القذف فتأخذ شكل "هُمرة لمزة" لتوسع ميدان الشك الذي تتلبس فيه الصراعات السياسية طابعاً ثقافياً، وتستخدم فيه وسائل لا يستطيع أحد تحديد "شرعيتها" في غياب تام للمرجعيات التي تحدد الشرعيات، في وقت لم يعد يملك فيه المثقف الحر سوى شرعيته الأخلاقية. وأكثر الأسئلة يستهدف الانجرار وراء تلك العقلية التي تدخل الثقافة في دهاليز الاستخبارات والجاسوسية والخيانة والعمالة الخ... تحولت أحلامنا الى كوابيس دائمة لم توقف تحولها هجرتنا من أرض المهد وحليب الأمهات وملاعب الصبا وشوارع ونوافذ الصبابات الأولى، وإنما على العكس، عمقت الكوابيس وصبغتها بألوان حالكة أخرى وبأشباح الحكايات والقصص الشعبية في تلك الطفولة البعيدة مثل مجرات مهجورة. تلك الطفولة التي اختلطت فيها الطناطل والسعلوات بالدبابات وقضبان السجون ورشاشات بورسعيد وكلاشنيكوف والدماء التي سالت في شوارع البلاد حين انقسمت في هتافات عملاء موسكو وعملاء واشنطن. كنا نحاول الخروج سريعاً من ذلك النفق لكي نصل الى الوطن ولا نتوزع على انتماءات عواصم أجنبية اسوأ ما تقدمه صنفاً من المثقف العراقي قادراً على الظهور بمظهر ضحية وجلاد في الوقت نفسه والمشهد عينه. لكن الشعارات تلاحقنا وتصرع ثقافتنا وابداعنا، وينخرط مثقفون في حشود عمياء تسمع الهتاف وتردده كأنها تهتف في طقوس عشتار وهي تمر في شارع الموكب للوصول الى البوابة، ولتهبط مع عشتار الى العالم السفلي بحثاً عن تموز. كان تموز ثقافتنا. وصرنا، في ضجيج الهتاف لا نبحث عن تموز ولا ننزل للبحث عنه لنجدد خصبنا وربيعنا. بعضنا صار يقف مع الرجال - العقارب الذين يحرسون بوابة الجحيم وينشدون لارشكيجال التي تمنع عشتار من التقاط تموز واعادته الى الحياة، الى ربيع تلك الحضارات في سومر والوركاء واريدو وبابل وأكاد ونينوى وبغداد. وبدل تلك الحضارات، أقمنا سرادقات الحرب الكلامية في لندن وباريس وامستردام واستوكهولم وغيرها من عواصم المنفى لرمي سهام التهم والاباطيل لنصيب قلب الثقافة العراقية بالنصال التي يتكسر بعضها على بعض. هل كان علينا أن نخسر وطناً وأهلاً وشعباً وتاريخاً وممتلكات وأشياء ولادتنا وطفولتنا وصبانا وشبابنا وكهولتنا أيضاً، لكي ننتقل الى المنفى البارد قلباً ومناخاً فنتبادل التهم ونشن الحملات السرية الهوجاء لمواصلة "داحس والغبراء" و"البسوس" بين عملاء موسكو الذين توزعوا على سبعين عاصمة واشنطنية وأقاموا قواعدهم فيها وبين عملاء واشنطن؟ وبعيداً من دهاليز الحملات الشفهية المنظمة، صرنا نعاف الصحف التي لا تقدم ثقافتنا وهمنا وجرحنا لنطالع بدلاً من ذلك شكوكاً وتهماً وتجريحات ونقمات مكبوتة يصرفها بريد القراء أحياناً لأسماء مستعارة في بلدان ليست لها ولا تسكن فيها ليضيع أثر الشك وأثر التهمة وأثر الهمزة اللمزة. أو يتفضل شاعر خائف من تغيرات العصر وانفضاض الناس ليتبرع بوضع الضحايا العراقيين في براميل القمامة ويسمم لقمة الغربة في أفواههم. وكل ذلك لمواصلة خندقين لا ثالث لهما: موسكو التي سقطت اسوارها وانهد جدار برلينها وواشنطن التي ما تزال تقف وراء كل اختلاف ورأي آخر في المأثور العراقي الجديد. ليس السؤال: متى نخرج الثقافة من التهم الجاهزة والمعلبة في عقليات حزبية لا تطيق الاختلاف وتعتبر كل اختلاف في الرأي تعاوناً مع اعداء الوطن؟ وانما: من الذي حول الثقافة الى "معركة استخبارات" وأجهز على ما تبقى من ضماد نلف به جراحنا المفتوحة؟ وبعيداً من الخيانات والوشايات والشكوك، دعونا، نحن المثقفين العراقيين الذين نخاف من خيانة الوطن ونخاف على الوطن ونحمل أرضه وهيكله وطقوسه وجروحه ولبانه النازف من الطعنات معنا، نسأل: هل الوطن "مفهوم" أم هو الوطن بنفسه، بدمه ولحمه وترابه وتاريخه وانهاره وملايين بشره وليس صنماً من اصنام قبائل العرب حين كان لكل قبيلة صنم؟ نتحدث نحن العراقيين عن الوطن، لكن، دعونا نسأل عن أي وطن نتحدث؟ عن وطن البعثي أم عن وطن الشيوعي؟ عن وطن الإسلامي أم عن وطن القومي؟ فلكل وطنه، وكل من يختلف مع هذا الوطن متعاون مع أعداء الوطن. تعالوا الى وطن نا وقولوا من يدافع عنه ومن يخونه مع اعدائه واكشفوا أسماءهم والوثائق اللازمة للتهمة. يبدو الأمر كأن الأسئلة بريئة ونحن ننظر الى كل هذا المشهد الدامي ونرى الجريمة في كل ركن منه؟ فتعالوا أيها المثقفون العراقيون لنقف على الأطلال ونرى ثقافتنا العراقية. اذا كنتم تسألون عن اعداء الوطن من الامبرياليين فنعم، أنهم اعداء للوطن، ولكن، من حسن حظ الوطن أن أعداءه كثيرون وهم يمتصون من قلبه وثدييه وشفتيه وجراحه. أعداء من داخله أيضاً، من اليمين واليسار، من القوميين والاشتراكيين. الكل يدعي الوطنية على قاعدة اتهام الآخر بأنه يتعاون مع أعداء الوطن، فيما منتديات كثيرة للعراقيين تنشط اعتماداً على تمويل رسمي بالكرونة السويدية أو الغلدر الهولندي أو الدولار الأميركي أو الكندي والجنيه الاسترليني وغيرها من نقود دول اللجوء الامبريالية. فقراء الوطن صاروا أغنياء في أرض الامبريالية. "والغنى في الغربة وطن". أليست الامبريالية وطناً لهؤلاء؟ فعن أي وطن نتحدث؟ هذا طلل فتعالوا الى طلل آخر: من قبل، كان بعض مثقفينا اليساريين يقيسون وطنيتنا بالاتحاد السوفياتي . كان الولاء له قياساً للوطنية. اليوم، أصبح السيد جلوي مقياس وطنيتنا يمتدح نظام صدام حسين ويطلب من بلده بريطانيا التعاون معه. مع هذا يطلب منا بعض المثقفين العراقيين أن نقيس وطنيتنا بمقياس جلوي أو مقياس صدام حسين كما تقاس الهزات الأرضية بمقياس ريختر. البؤس هو أن العراقي لا يمثل مصالح بلده، ومواقفه ليست مقياساً للوطنية، وانما الأجنبي أو الحاكم المستبد، فأين العراق مقياساً للوطنية؟ أين موقف الشعب العراقي مقياساً للوطنية؟ منذ ابتلينا بشعار التعددية صرنا لا نعقل هذه الكلمة ونهرف بها من دون أن نعاين معناها. لقد خضنا، منذ نهاية 1968 تجربة اتحاد الأدباء العراقيين. اتحاد التحالف. جرى الدفاع عنه وبعض أعضائه كان يدبج كل أربعاء تقاريرهم الى مديرية الأمن العامة عن حديثنا وشعرنا وكتبنا وقراءاتنا. وتحول مقر الاتحاد الى قلعة عسكرية أقصت الثقافة ليحل الحرس فيها بدل الأدباء. نعم. وحاول البعض أن ينسى التجربة، لنخوض تجربة رابطة الكتاب والصحافيين والديموقراطيين العراقيين، وتكررت تجربة الاتحاد من دون تحالف هذه المرة. وأغرقت الرابطة بالكم وبالحزبية وبالمحسوبية وتحولت الى منظمة حزبية عدوانية أقصت عشرات الكتاب والصحافيين وحققت مع بعضهم تحقيقاً بوليسياً لتضع يدها على اختلاف في الرأي لدى بعض المثقفين الحزبيين فأقصتهم الى الجحيم. اليوم يقوم في عالمنا الثقافي اتحاد عام للكتاب والصحافيين العراقيين يصدر مجلة باسم "المسلة". لم يكن أحد، قبل تأسيس هذا الاتحاد يدعو الى كيان ثقافي، والمحاولات البريئة التي سعى اليها بعض المثقفين المستقلين قوبلت بالصد والمناورات لاسقاطها في مهدها وجرى الالتفاف عليها لكي تظهر هنا وهناك منابر هي ردود فعل لا أكثر. أثار الاتحاد ومجلته حرباً ضروساً من طرف واحد. لا اتحدث باسم الاتحاد فأنا لست عضواً فيه، وعافت نفسي تنظيمات الثقافة، لكني سأتناوله كنموذج للمشهد. فالتحريم هو المبدأ الأول. والإلغاء والالتفاف هو المبدأ الثاني. هناك كثير من المآخذ على الاتحاد وعلى شرعية اسمه، لكن، لم يكن هذا هو المهم. بل كان تحريمه والتشكيك بحق وجوده. وما حصل بعد ذلك يثير أزمة الثقافة العراقية في جوهرها: شنت حملة شعواء ضد الاتحاد لم تقترب من الثقافة وظلت في جلد السياسة السميك. وتطورت الحملة الى نداء لتجمع ثقافي آخر يمكن أن يكون مشروعاً وطبيعياً على رغم كونه رد فعل، لولا أنه عمد الى التذكير بمحاكم التفتيش. لا بد من لجان تفتيش وتحقيق لمعرفة يوميات المثقفين. لا بأس لكن النداء الذي حرّم "جنة" الملتقى على البعض سرعان ما ادار ظهره لشروطه ودعا الى مصالحة وطنية مع النظام ونسي أن الذين يعيش بين ظهرانيهم تنطبق عليهم شروط التحريم فهم عملوا في صحافة واذاعة المؤتمر الوطني العراقي واحتكروها خمس سنوات، فكيف يمكن ادخالهم اذا كانوا قبضوا رواتبهم من الامبريالية؟ صكوك الغفران سرعان ما وزعت على أزلام النظام قبل أن توزع على ضحاياهم فدخلنا حقل الغام آخر، الغرض من زراعته ليست شروط الملتقى وانما الهلع من ضياع فرص احتكار الثقافة وتوزيعها، مثل الحصص الغذائية تحت الحصار، على أزلام وتابعين، ليس من المهم أن بعضهم يعمل وينشر في صحف موالية للنظام ومتواطئة معه. ومع هذا نجد على صفحاتها كثيراً من المثقفين الذين يوجهون الى الآخرين اتهامات بالتعاون مع أعداء الوطن. أي وطن مرة أخرى؟ نذهب للوقوف على طلل آخر، حقل ألغام آخر. كثير من مثقفي مؤسسات صدام حسين ومؤسسات عدي خرجوا. فمن يحتضنهم ويسوقهم ويكتب لهم مقدمات كتبهم ويكتب عروضاً عنها في الصحافة العراقية في الخارج وفي الصحافة العربية أيضاً ويرشحهم لجوائز بلدية في مدن امبريالية باعتبارهم ضحايا ارهاب النظام وينشرون اعلانات تصبح فيها الجوائز عالمية ويصبحون ضحايا بدلاً منا؟ حتى المنفى سرقوه منا بعد يومين من وجودهم فيه. اما الوطن الذي سرقوه من قبل عشرين سنة وقبل ثلاثين أو أربعين بالنسبة الى غيرنا فلا أحد من المثقفين يتهمهم بسرقته، على العكس تبنوهم وحاولوا جعلهم بديلاً منا انتقاماً ولتخريب إهاب وأعصاب الثقافة العراقية. فمن هم أعداء الوطن؟ وعن أي وطن نتحدث؟ نفحص شهادة "مثقف" خدم النظام في الداخل ويعمل اليوم في الخارج ويعمل لديه صحافيون وطنيون وتشن عبر صفحاته حملات ضد اعداء الوطن. يقول في رسالة الى عدي صدام حسين بعث بها من الخارج فنشرها عدي في صحيفته: "كلانا مؤمن انه رصيد للآخر. أنت ضمانة لي وأنا ساعدك ومؤتمنك وحامل اسمك الذي طالما وجد فيه عبق عطر القائد الحبيب وظله وزرعه الطيب الأمين". ويختتم رسالته مخاطباً عدي: "سيدي الكريم: انتم أهلي والنظام السياسي في العراق هو خياري". هذه اللغة وهذه النوعية من الولاء ليست خياراً، واذا كانت خياراً فنرى أن مثقفين يعودون اليه بعدما صدعوا رؤوسنا بالحديث عن الديكتاتور والديكتاتورية، هذا الحديث الذي بوأهم مقاعد مقتدرة في واجهات الثقافة العراقية فإذا بهم يعودون القهقرى. والأمر لا يخصهم وحدهم طبعاً، فهم يتحدثون دائماً باسم جماعات وقوى سياسية ولو كانوا خارجها تنظيمياً. هذه "الثقافة" وحلفاؤها حماية لنظام القمع والديكتاتورية. انها عودة الى ثقافة الجبهة الوطنية السيئة الصيت. الجميع يدعون محاربة الديكتاتورية. لكن الديكتاتورية ستبقى طويلاً لأن من يحمها هو هذه الثقافة واليكم نماذج: يحميها ناشر يكتب شاكياً من غياب الديموقراطية ونفي الأخر وهو يقبض من كل مبدع ثمن نشر كتابه ومن كل مؤسسة باسم الابداع وينفي الآخر ويضع قوائم سوداء بالتعامل مع المثقفين. ويحميها من يكتب بعد عشر سنوات على وقوع الكارثة فإن المثقف العراقي قد انتصر لحريته وهو يصف المثقف العربي بالانحياز المضحك للشرعية الدولية بعد أن عجز العراق عن الاستمرار بتلقيحهم بمصل البطولة. ليست الثقافة وانما هو النظام الذي يضخ مصل البطولة وليس هذا المصل سوى الأموال. وهذا الفكر الذي يجعل من الكارثة حرية كيف نسأله عن مصير الوطن؟ يحميها من يكتب، وكأنه يسخر من عقلنا بأنه اختار عشرة كتب لتمثل العراق في الألفية الثانية ثم يتبين أنه اختارها لربات البيوت اللواتي سألنه ما هو أعظم حدث خسره العراق فكان جوابه: انهيار الجبهة الوطنية! أليس انهيار القيم والمسؤولية وجدية الشعور بالكارثة والمأساة هو ما خسرناه؟ كثير من "كتابنا الوطنيين" ينتقمون منا. يبحثون عن هوامش ليجعلوا منها متونا. والبشر يدركون ويحزنون وهؤلاء مسؤولون عن استمرار احزان العراقيين. تعالوا الى طلل آخر. تعالوا الى الثقافة العراقية وإسرائيل. واسألوا: لماذا يوقِّع عشرات الكتاب العراقيين اليساريين الوطنيين على بيان مسجل باسم كاتب عراقي ذهب الى إسرائيل مرات عدة، ولماذا يروجون لهذا البيان ويتغاضون عن التعاون معه ثم يثيرون الدنيا بأعداء الوطن؟ كل اعداء الوطن الذين يردون في حملات هؤلاء المثقفين وهميون. السبب هو التستر على اعداء حقيقيين وواقعيين للوطن. أين الثقافة في كل هذا؟ أين الإبداع العراقي؟ المثقف العراقي اليوم كتلة تعصب وقليل منه كتلة عصب. ولذلك يغلب على الثقافة العراقية انتاج التعصب: الايديولوجيا، ويندر انتاج العصب: الإبداع. العراق أول بلد دفعت ثمن الحرب الباردة دماً في شوارعه في نهاية الخمسينات. شهدنا الدم يسيل.وانقسم الشارع ومعه الثقافة العراقية الى: عملاء موسكو وعملاء واشنطن. هذه هي المصطلحات التي تصارعت بالدم في شوارع بغداد وفي شباط فبراير 1963 كان ثمن هذين المصطلحين دماً عراقياً. ثم تكررت الأثمان التي دفعناها. لكن هناك من لا يزال يقبض الثمن. واليوم ندفع ثمن دفاعنا عن وجودنا جميعاً في وطن. عن نسيان عملاء موسكو وعملاء واشنطن وايجاد مخرج انساني لمصير العراقي التائه والمذبوح والمعلق على صلبان لا حصر لها. والمثقف أول الخائنين لمصير شعبه حين لا يبحث عن هذا الشعب إلا في شعارات عن الوطن واعداء الوطن هي في الواقع غلاف لمصالح فردية وفئوية. الوطن وجود وليس شعاراً واعداؤه ليسوا جملة ثورية فارغة في جريدة. الوطن أيضاً علم لا يجلس تحته العراقيون في المنفى ولا يعترفون به، ونشيد لا أحد يصدح به. العراق هو البلد الوحيد ربما الذي ليست له دولة، بل له سلطة ابتلعت علمها ونشيدها ورموزها، وليست هناك معارضة في العالم كله بلا علم ولا دولة ولا نشيد وطني الا المعارضة العراقية. عن أي وطن اذن نتحدث؟ عن وطن الايديولوجيا التي تبحث في قصائدنا عن اخطاء. اذا وجدت وردة حمراء سكتت واذا وجدت وردة بيضاء اطلقت على الشاعر صفة البورجوازي الصغير. وحتى هذا لم يعد كافياً، على أرض العراق المطلوب هو الولاء لصدام حسين. أما خارج الوطن فالمطلوب الولاء لصدامات حسين متعددة. فعن أي وطن نتحدث؟ تعالوا لنشرب فنجان قهوة ونتحدث عن بهاء الوطن المفقود. أو... وداعاً. * كاتب عراقي مقيم في لندن.