يحفل تاريخها بأسماء كبيرة وشخصيات باتت أسطورة في عالم المرأة. جدتها بلقيس التي عاصرت النبي سليمان وكانت أول امرأة تحكم اليمن وشهد لها القرآن الكريم. وهي حفيدة الملكة أروى الصليحية التي حكمت المسلمين ذات يوم، وهي تلميذة خولة بنت الأزور الشجاعة في مضمار المعارك، لكن حواء اليمن اليوم تواجه تلالاً من الهموم تعيقها عن دورها السياسي والاجتماعي. وتشعرها انها لا تزال على الهامش. والواقع اليمني يقول ان رياح التغيير السياسي التي هبّت على اليمن منذ اعادة تحقيق الوحدة عام 1990 أحدثت انفراجاً ديموقراطياً مشهوداً ادى بدوره الى تغيير حياة المرأة السياسية ودعم حقها في المشاركة الفاعلة لكنها لم تستغل ذلك بالقدر المعقول. وتبيّن المؤشرات الرقمية ان امرأتين فقط وصلتا الى البرلمان من أصل 301 عضو، وبلغ عدد المشاركات في انتخابات 93 حوالى 478 ألف امرأة ارتفع الى مليون و200 الف في الانتخابات البرلمانية عام 1997. وترجع اللجنة اليمنية للمرأة اسباب تدهور حضور المرأة في النشاط البرلماني الى اسباب عدة من بينها عدم وفاء الأحزاب السياسية لمضامين برامجها المشجعة على خوض النساء الانتخابات، وانشداد عدد كبير من النساء الى الأفكار الاجتماعية التي لا تؤمن بمشاركة النساء الفاعلة في الحياة السياسية، وعدم مقدرة النساء على تنظيم انفسهن كقوة انتخابية وسياسية وغياب القناعات الصادقة لدى صنّاع القرار السياسي. واعتبرت اللجنة ان ادراك منهاج عمل بيجينغ 9519 في تحقيق نسبة 30 في المئة من مناصب صنع القرار أمر بعيد المنال على المستوى المنظور. وعلى رغم ما يتردد لدى تشكيل اي حكومة جديدة عن تعيين امرأة في منصب وزاري الا ان ذلك لم يحدث الى الآن في اليمن، ولم يزد حضورها في الحكومة عن سفيرة ووكيلتين وثلاث وكيلات مساعدات فقط، ولا يزيد عدد النساء اليمنيات في منصب مدير عام عن 95 امرأة على مستوى الجمهورية في الجهاز الاداري بينما يصل عدد الرجال للموقع نفسه الف رجل. وفي المجلس الاستشاري الذي يعيّن اعضاءه رئيس الجمهورية هناك 59 عضواً ليس بينهم نساء، وفي مكتب رئاسة الجمهورية وصل عدد العاملات 40 امرأة فيهن مستشارة واحدة بدرجة نائب وزير وسبع بدرجة وكيل وزارة وهي نسبة محدودة لا تتجاوز 20 في المئة من عدد العاملين، وفي مكتب رئاسة الوزراء ومنذ عام 9719 وللمرة الأولى توجد خمس سيدات يرأسن لجاناً فنية متخصصة بدرجة مدير عام. وتشير الاحصائات الى ان وجود المرأة في الهيئات القيادية العليا للأحزاب في اليمن معدوم تماماً، وفي المستوى التالي من القيادة نجد المشاركة رمزية. ففي اللجنة الدائمة للمؤتمر الشعبي العام الحاكم توجد 35 عضواً من اصل عدد الأعضاء البالغ عددهم 700 ويضم مجلس شورى حزب الاصلاح 7 أعضاء انتخبن عام 9819 من أصل عدد الأعضاء البالغ 160 عضواً. وتضم اللجنة المركزية للحزب الاشتراكي ثلاث نساء من اصل 109 اعضاء وفي قيادة حزب البعث العربي الاشتراكي امرأة واحدة، وفي اللجنة المركزية للتنظيم الوحدوي الناصري اربع أعضاء من اصل 74 عضواً. وهكذا فإن وضع المرأة اليمنية في الاحزاب لا يختلف كثيراً عن وضعهن في الحكومة، فالسقف المسموح به واضح ومحدد. وفي مجال السلك الديبلوماسي لا توجد امرأة تعمل سفيرة من اصل 95 سفيراً لليمن في الخارج باستثناء واحدة هي امة العليم السوسوة التي عيّنت سفيرة في هولندا اخيرا لتصبح بذلك أول يمنية تحمل هذا اللقب. وشهد عام 9719 حركة تعيينات عدد من الموظفات الديبلوماسيات في بعض المواقع المهمة منها موقع قائم بالأعمال ووزير مفوض ومستشارات وسكرتيرات وملحقات. وتوجد في وزارة الخارجية وفقاً لأحدث الاحصائات امرأتان بدرجة قائم بالأعمال وسبع مستشارات مقابل 108 مستشارين من الرجال وثلاث سيدات بدرجة سكرتير اول مقابل 106 للرجال وأربع سيدات بدرجة سكرتير ثان مقابل 65 وسيدتان سكرتير ثالث مقابل 21 ملحقاً ديبلوماسياً و83 ملحقة ادارية مقابل 337 ملحقاً. وفي قطاع السلطة القضائية والمحاماة هناك 32 قاضية في عدن منهن واحدة في محكمة الاستئناف واثنتان في محاكم الأحوال الشخصية والباقيات قاضيات محاكم ابتدائية ومساعدات قضاة مقارنة بحوالى 1200 قاض. واقتحمت المرأة اليمنية مجال المحاماة حديثاً حيث وصل عدد المحاميات الى 35 امرأة مقابل 650 محامياً ولا توجد أي امرأة في مجلس القضاء الأعلى او في المحكمة العليا. وتعتبر مشاركة المرأة اليمنية في القطاع الخاص ضعيفة جداً، اذ لا يتجاوز عدد سيدات الأعمال 30 امرأة يدرن شركات او هيئات خاصة في الأعمال التجارية، والقاعدة ان تستثمر النساء اموالهن عبر وسيط يكون غالبا الزوج او الأخ او الابن. وفي بقية النقابات والكيانات المتخصصة فإن وجود المرأة اليمنية يعد رمزياً مثل اتحاد نقابات عمال اليمن وفي مجلسه المركزي 11 عضواً من بين 115 عضواً اي بنسبة 10 في المئة تقريباً. ويفسر علماء الاجتماع اليمنيون غياب المرأة عن سوق العمل والحياة العامة بأنه يعود الى تراكمات تاريخية حددت وضعية المرأة وأهدافها ومصيرها وهو الزواج والبيت. ولكنهم يراهنون على ان زيادة تعليم الفتيات سيؤدي بالضرورة الى احداث ثورة اجتماعية واسعة تسعى الى تطبيق النصوص الدستورية والقانونية الخاصة بادماجها في الحياة العامة.