دراسة طريفة أجريت في مصر للإجابة على سؤال: هل تستشير المرأة المصرية زوجها في نهاية القرن العشرين؟ أطرف من الدراسة ذاتها أرقامها التي اشارت الى شيوع معتقد نسائي مصري بأن استشارة الزوج تأكل من جدار استقلالية الزوجة، وأنه كلما قلّت الاستشارة كلما أحست المرأة باستقلاليتها. الدراسة ذاتها التي اجريت على نحو 1579 سيدة متزوجة أشارت الى أنه كلما ارتفع المستوى التعليمي تقلصت نسب لجوء المرأة لاستشارة زوجها، وأن المرأة المتعلمة ترى أنه لا ضرورة لاستشارة الزوج. الغالبية الساحقة بين الزوجات الاميات وذوات التعليم البسيط والمتوسط أكدن أنه يجب استشارة الزوج في كل القرارات، ولا يرين في ذلك نقضاً للاستقلالية. الدراسة التي اجريت في المركز القومي للبحوث الجنائية والاجتماعية أشارت الى أن النساء العاملات لا سيما من صاحبات الدخل المادي المرتفع يرين أن الكلمة الأخيرة ليست للرجل، لا سيما في الأمور التي تخص المرأة كزيارة الأهل والأقارب والذهاب الى مصفف الشعر. تغوص الدراسة في هذا السؤال، وتورد نسباً مئوية لافتة للنظر، فمثلاً 16 في المئة من الأميات من أفراد العينة و25 في المئة من ذوات التعليم البسيط يعتقدن أن عمل الزوجة يعطيها استقلالية. أيضا حبذت 84 في المئة من آراء العينة الأخذ برأي الزوج عند حدوث خلاف بين رأي الزوجة والزوج، وإن كان عدد من الآراء رجح المناقشات وصولاً لحلول ترضي الزوجين. بالنسبة الى المشاركة في اتخاذ القرار، تبين أن الزوجات يعطين لانفسهم دوراً أكبر في المشاركة في اتخاذ القرارات المتعلقة باستعمال وسائل منع الحمل، وانجاب طفل اضافي، أو تعليم وزواج الابناء. في اتجاه آخر ومن خلال بحث ميداني أجري على عينات في محافظة المنوفية أكثر المحافظات المصرية من ناحية تعليم ابنائها وتوريد الوزراء والمسؤولين أشارت الدراسة الى تقلص سلطة الأب المطلقة، بعدما اصبح معظم القرارات تتم مشاركة بين الأب وابنائه، فالابناء في الريف، وبخاصة العاملين منهم في الزراعة يناقشون والدهم في نوعية المحاصيل التي اعتاد أن يزرعها وهذا يشير الى توجه المشاركة في الاسرة المصرية. وأكدت الدراسة على ارتفاع معدلات الطلاق، وأن وراء ذلك تقلص دور الزوج وتعاظم دور الزوجة، واحتدام الصراع بين الزوجين، للحصول على دور أكبر داخل الاسرة. تدلل مجموعة البحث على ذلك بأن غالبية المطلقين لا يعتبرون الناحية الاقتصادية عاملاً من العوامل المؤدية للطلاق وإنما بلغت نسب اسباب عدم التكافؤ والتوافق إلى 20 في المئة وهي نسبة كبيرة إذا قيست بنسب العوامل الأخرى مثل عدم القدرة على الانفاق 9 في المئة والزواج من آخرى 9 في المئة اضافة لتدخل الأهل في شؤون الأسرة. حصرت الدراسة أوجه الصراع داخل الأسرة المصرية على النحو التالي: صراع ثقافي بين الزوجين ينشأ عن تفاوت المستوى الثقافي بينهما، ومنه ما ينشأ عن التنافس بين الزوجين من الناحية الثقافية، ومنه ما ينجم عن معارضة أحد الزوجين لسفر الآخر في بعثة علمية أو إعارة أو منحة. وهناك صراع قيمي ينتج مثلاً من خلال معارضة الزوج لعمل زوجته خارج المنزل، أو معارضته قبول متطلبات عملها الذي قد يجبرها على التأخر بعض الوقت في محل عملها أو ذهابها الى عملها بعد الظهر. وهناك صراع الادوار الذي ينشأ بين الزوجين بسبب الظروف الجديدة في حياة الأسرة الحضرية، والمترتب على تعليم الزوجة تعليماً متقدماً وارتفاع وعيها ما أدى الى نقصان في الدور التقليدي للزوج، وانتقال جانب من أدواره إليها، كما يقابل ذلك نقصان في دور الزوجة الحضرية التقليدي المتعلق بالأعمال المنزلية واشتراك زوجها في هذه الأعمال.