بعد اجتماع عاصف لمجلس إدارة اتحاد كرة القدم المصري استمر سبع ساعات وامتد حتى الساعات الاولى من صباح أمس، قرر الاتحاد إقالة المدير الفني للمنتخب، الفرنسي جيرار جيلي من دون أن يُعين المدرب البديل وإن كان هاني مصطفى هو أقرب المرشحين لتولي المهمة بصفة موقتة خلال المباراتين ضد موريشيوس في تصفيات كأس العام 2002 الشهر المقبل. وارتفعت جداً أسهم محمود الجوهري، المدرب التقليدي للمنتخب، للعودة مجدداً الى موقعه بعد سبعة شهور فقط من استقالته الاجبارية عقب الخسارة، من السعودية 1-5 في بطولة القارات الصيف الماضي في المكسيك. وجاء قرار إقالة جيلي مرضياً جداً للشارع المصري والرأي العام الكروي بعد الحملة الضارية التي شنتها الصحافة ضده عقب هزيمة المنتخب أمام تونس صفر -1 في ربع نهائي كأس أمم افريقيا الشهر الماضي. واعتبرت الصحافة اقالة جيلي نصراً ضخماً لها، وباركت كل الصحف - بلا استثناء - القرار وأكدت أنه خطوة مهمة على طريق تصحيح مسار الكرة المصرية. ولم ينس عدد الصحف الاشارة الى ضرورة محاسبة المسؤولين في اتحاد الكرة بسبب انفاق 300 ألف دولار على جيلي خلال ثلاثة شهور فقط، وطالب البعض بضرورة اقالة مجلس إدارة الاتحاد أو استقالة رئيسه اللواء يوسف حرب والاعتراف بالفشل. اللافت والمثير للضحك في الوقت ذاته، ان جيلي حضر جانباً من الاجتماع، وخرج من الاجتماع مبتسماً وراضياً، وعقد مؤتمراً صحافياً سريعاً مع عشرات الصحافيين الذين احتشدوا في مقر الاتحاد، وأكد لهم أنه باق في منصبه وأنه اتفق مع مجلس الإدارة على برنامج العمل في المرحلة المقبلة. ولم تمر ساعة واحدة على هذا الاجتماع "الطريف" حتى خرج اللواء حرب ليعلن أمام الجميع اقالة جيلي مع الوفاء بكل حقوقه المالية وفقاً للعقد. وبرر حرب القرار بالاخطاء الكثيرة التي وقع فيها المدرب منذ حضوره الى مصر وأدى تفاقمها وتكرارها الى غضب واسع ضده، وكان ذروتها سفره الى فرنسا عقب نهاية كأس الأمم الافريقية وخروج مصر من ربع النهائي، والبقاء في بلاده لمدة 23 يوماً متصلة من دون داع، وتجاهله الحضور الى القاهرة والتقدم بتقرير فني عن اداء المنتخب في كأس افريقيا، وعدم حرصه على مشاهدة مباراة مصر وساحل العاج في القاهرة في تصفيات دورة سيدني الاولمبية 2000 رغم وجود ستة من لاعبي المنتخب الاول ضمن التشكيلة الاولمبية. ولم يبرر جيلي تخلفه الطويل عن الحضور الى القاهرة بالشكل اللائق وادعى ان المرض هو السبب من دون أن يتقدم بأي تقرير طبي لاثبات صحة ادعاءاته. وشملت لائحة الاتهامات الاخطاء الكثيرة في قيادة المنتخب خلال منافسات أمم افريقيا، وأبرزها عدم القاء محاضرات خططية للاعبين قبل المباريات المهمة والفشل في اقناع اللاعبين بتنفيذ اسلوبه في المباريات وسوء اختيار اللاعبين في مباراة تونس المهمة واستبقاء الافضل بين صفوف الاحتياطي وعدم كفاءته في اجراء التغييرات خلال المباريات. وكان التقرير الفني الذي تقدم به هاني مصطفى عضو الاتحاد رئيس بعثة مصر في نيجيريا في أمم افريقيا شمل ادانات عدة للمدرب. وشهد اجتماع المجلس خلافاً حاداً في البداية بين جبهتين، الاولى تضم اللواء حرب رئيس الاتحاد ومعه حمادة إمام وكيل المجلس، والثانية تضم الاغلبية وهم هاني مصطفى وعدلي القيعي وشريف خشبة والدكتور كمال شلبي. وأصر حرب وحمادة على احترام تعاقد الاتحاد مع جيلي واعطائه الفرصة الكافية للعمل ثم الحكم عليه. وكان حرب أعلن مراراً في كل احاديثه الصحافية عن تمسك الاتحاد بالمدرب حتى نهاية تصفيات كأس العام 2002، لكن جبهة المعارضة بقيادة القيعي اتخذت موقفاً صلباً وموحداً بضرورة اقالة جيلي بسبب استهتاره الشديد بمشاعر المصريين واتحاد الكرة ازاء سفره الطويل وغير المبرر الى فرنسا بعد أمم افريقيا.