تجاوز حجم كارثة الفيضانات التي اجتاحت منطقة افريقيا الجنوبية، خصوصاً موزمبيق، الخطط الاحترازية التي كانت وضعتها منظمات الاغاثة الدولية لتجنب حصول كارثة انسانية. لكن الكارثة حصلت، ولم يكن امام هذه المنظمات سوى إطلاق نداءات الاستغاثة منذ اكثر من ثلاثة اسابيع، فطلبت مروحيات وتخصيص مبلغ 13 مليون دولار في شكل عاجل الى موزمبيق. وقال رجل أعمال لبناني في اتصال هاتفي من العاصمة الموزمبيقية مابوتو امس ل"الحياة": "لم يستجب لهذه النداءات عملياً حتى اليوم سوى جنوب افريقيا، التي تضررت ايضاً بالفيضانات لكن بنسبة أقل، فأارسلت خمس مروحيات ظلت تعمل على مدى اسبوعين في انقاذ نحو ثمانية آلاف من ضحايا الفيضانات. وكل الصور التي بثتها شبكات التلفزيون ووكالات الانباء الدولية وتشاهدونها في الخارج عن عمليات انقاذ الضحايا من أسطح المنازل والاشجار ووسط المياه تقودها طائرات هليكوبتر تابعة لجنوب افريقيا". وأعلنت فرنسا انها ارسلت امس طائرة شحن عسكرية وحاملة المروحيات "جان دارك" إلى موزمبيق، وكذلك طائرة مدنية تنقل اربعين طناً من المساعدات. كما اعلنت واشنطن انها ستنشر ما بين 600 إلى 900 جندي في موزمبيق للقيام بعمليات اغاثة ترافقهم ست طائرات شحن من طراز "سي- 130" وست مروحيات ناقلة عملاقة. واكدت لندن انها ارسلت سفينة انقاذ على متنها خمس مروحيات ويتوقع وصولها خلال تسعة أيام راجع صفحة7. لكن رجل الاعمال اللبناني أكد ل"الحياة" ان سكان مابوتو "يسمعون عبر الاذاعات الأجنبية عن هذه المساعدات منذ مطلع الاسبوع، لكن لم يصل منها الى العاصمة سوى القليل ولا نتوقع وصول السفن والطائرات قبل غد اليوم وقد يتأخر بعضها الى الاسبوع المقبل". وقال إن العاصمة مابوتو التي كانت اقل المدن تضرراً بالفيضانات تشهد حالياً أزمة تدفق آلاف اللاجئين الفارين من مناطق الفيضانات. واضاف ان المدينة غير مُجهزة لاستقبال اعداد كبيرة تحتاج الى خدمات خاصة غير متوافرة، الأمر الذي قد يتسبب بانتشار اوبئة وفوضى في العاصمة. وأضاف المصدر نفسه، ان عدد الوفيات قد يصل الى عشرة آلاف استناداً الى ناجين وصلوا الى مابوتو من جنوب البلاد وتحدثوا عن قرى بأكملها غرقت ولم تصل اليها فرق الاغاثة. وحذرت كارول بيلامي أ ف ب مديرة صندوق الاممالمتحدة لرعاية الطفولة يونيسف من خطورة وضع المنكوبين، وقالت "اذا كانت حكومات العالم تريد المساعدة فلتفعل ذلك الآن وليس غداً أو بعد غد. ان سكان وسط افريقيا في وضع مأسوي ولا يستطيعون الصمود لوقت اطول". وأشارت الى احتمال تزايد الفيضانات مع وجود مؤشرات الى اعصار جديد ربما يضرب المنطقة مجدداً خلال ايام. الى ذلك، عبر مصدر ديبلوماسي افريقي في اديس ابابا في اتصال هاتفي ل"الحياة" امس عن انزعاجه من انكفاء دول القارة الافريقية عن مد يد العون الى موزمبيق. وأشار خصوصاً الى ليبيا والدول التي تورطت في حروب الكونغو الديموقراطية وسييراليون، وقال: "في غضون أيام قليلة من حرب الكونغو كان ربع جيش زيمبابوي ومعه طائرات ودبابات داخل اراضي الكونغو يقاتل الى جانب حكومتها، وكذلك أرسلت سبع دول اخرى قوات الى هذا البلد، في حين قادت نيجيريا واحدة من أكبر العمليات في سييراليون لإعادة رئيسها احمد تيجان كباح الى منصبه. اما ليبيا التي تقود حملة لتوحيد القارة، فقد شاهدنا استعراض قواتها الجوية والبحرية والبرية في أيلول سبتمبر الماضي في طرابلس، لكن للأسف فإن طائرات الانقاذ وسفن الاغاثة تأتي اليوم الى موزمبيق من الولاياتالمتحدة وبريطانيا وفرنسا". واضاف "ربما كانت جيوشنا الافريقية غير مجهزة إلا للمشاركة في نزاعات افريقية وفي حروب أهلية داخلية".