تفاقمت ازمة الفيضانات التي تجتاح دولاً عدة في الجزء الجنوبي من القارة الافريقية، فأعلن رئيس موزمبيق جواكيم تشيسانو امس انها شردت مليون شخص في بلاده، فيما أكدت الاممالمتحدة ومنظمات إغاثة دولية اتصلت بهم "الحياة" ان اكثر من 300 الف شخص تحاصرهم المياه في شمال موزمبيق يحتاجون الى مساعدات عاجلة، وحذرت من احتمال حصول فيضانات جديدة خلال الايام القليلية المقبلة ومن خطر انتشار الاوبئة. راجع ص7 وفيما سجلت منظمات الاغاثة نحو 350 حالة وفاة من جراء الفيضانات في موزمبيق، قال رجل أعمال لبناني في العاصمة مابوتو ل"الحياة" في اتصال هاتفي امس ان عدد الوفيات يتجاوز الثلاثة آلاف شخص. لكنه قلل من خطورة الوضع في العاصمة، وقال :"ان المناطق الاكثر تضرراً هي في شمال البلاد على مسافة نحو 300 كيلومتر من مابوتو التي لم تتأثر كثيراً". ووصف الوضع في العاصمة بأنه "مستقر نسبياً والاسواق تعمل في شكل طبيعي، فيما الحركة عادية في مطار مابوتو". واضاف ان مياه الفياضانات شكلت بحيرة قطرها 30 كيلومتراً حول إحدى المدن الواقعة قرب نهر ليمبوبو، في حين لا تزال مئات الكيلومترات المربعة من اراضي مقاطعة غازا الجنوبية وحول نهر سافي مغمورة بالمياه. ونقل عن شهود فروا من شمال البلاد قولهم، ان اكثر الصور ايلاماً مشهد ضحايا الفيضانات على سطح احد المنازل يحدقون بيأس نحو طائرة هليكوبتر تحلق قربهم على ارتفاع منخفض فيرفعون ايديهم مستغيثين، لكن الطائرة ترصد رجلاً مُسناً مُعلقاً على شجرة بان منها بضعة اغصان تجرفها مياه الفيضانات المتدفقة بسرعة فتتجه نحوه. وفي مثل هذه الحالات يواجه طيارو الهليكوبتر مشكلة اتخاذ القرار الصعب: من ينقذون اولاً. فعلى رغم ان القابعين على سطوح المنازل يعانون من فقدان الماء والطعام لأيام تحت شمس استوائية محرقة، إلا ان الاولوية للذين صاروا وسط المياه ويواجهون الموت في اي لحظة. وافاد ان ان مياه الفيضانات الموحلة البنية اللون تعوم على سطحها وتختلط جثث الضحايا من السكان مع المواشي والحيوانات النافقة المنتفخة. وكانت الفيضانات بدأت الاسبوع الماضي بإعصار وامطار غزيرة طاولت كل من موزمبيق وجنوب افريقيا وزيمبابوي وبتسوانا وتعتبر الاسوأ في الذاكرة الحية لهذه المنطقة. وذكر ممثلو منظمات إغاثة ان مستوى المياه مستمر في الارتفاع ما يؤشر الى ان ازمة الفيضانات ستستمر لفترة طويلة، وان اعمال الاغاثة يجب ان تستمر لاسابيع على الاقل وربما لشهور. وحذروا من ان طائرات الهليكوبتر التي تُستخدم لانقاذ ضحايا الفيضانات لن تكون قادرة على انقاذ الجميع بسبب توسع دائرة الفيضانات. وقالت الناطقة باسم برنامج الغذاء العالمي كريستيان برثيوم ل"الحياة" في اتصال هاتفي من مقرها في روما امس، ان عدم وصول مزيد من طائرات الهليكوبتر يعني ان الافاً سيموتون. واضافت ان اكثر من 300 الف شخص يحتاجون الى مساعدة عاجلة. واشارت الى ان الدول المانحة للمساعدات كانت وعدت بارسال 13.5 مليون دولار الى وكالات الاممالمتحدة التي تعمل على انقاذ ضحايا الفيضانات. واكدت ان 4.5 مليون دولار فقط وصلت من اصل المبلغ. وتعتبر موزمبيق إحدى اكثر الدول فقراً في العالم على رغم نجاحها السريع في التخلص من آثار حرب اهلية استمرت 16 عاماً. إذ بلغ معدل نموها الاقتصادي 10 في المئة خلال السنوات الثلاثة الماضية، وهي نسبة عالية ونادرة الحصول في افريقيا. وكان الرئيس بيل كلينتون وصف اقتصاد موزمبيق حديثاً بأنه الاسرع نمواً في العالم. وقصة النجاح الاقتصادية التي عاشتها موزمبيق اخيراً لفترة قصيرة غرقت مع من غرق من سكانها وانهارت مع انهيار البنية التحتية لهذا البلد بفعل الفيضانات. لكن المستشار الخاص لشؤون افريقيا في الاممالمتحدة ابراهيم غمباري، يقول انه ليس لدى الدول الغنية اي خيار سوى مساعدة موزمبيق في إعادة تأهيل بنيتها التحتية التي ضربتها الفيضانات، ولا يمكن للغرب ان يدير ظهره لبلد طالما وصفه بأنه قصة نجاح افريقية مميزة.