} مبدأ أميركي، مكونات أوروبية، صناعة أسترالية، محرك جبار بقوة 325 حصاناً وسعر منافس جداً. هذه هي المواصفات التي تميز الجيل الجديد من شيفروليه كابريس أس أس التي كان ل "الحياة" لقاء معها قمنا خلاله بتجربتها، ولنخرج على الأثر بإنطباع مفاده أنها إحدى أفضل السيارات في فئتها، خصوصاً أنهاخضعت لتجارب تطويرية قاسية في صحاري الخليج العربي. خلال السنوات العشرين الأخيرة، تطور سوق السيارات في منطقة الخليج العربي في شكل غير متوقع، بحيث أصبحت السوق المذكورة بمثابة قالب حلوى حاول معظم الصانعين الحصول على أكبر حصة منه، وخصوصاً اليابانيين والأميركيين الذين حاول كل منهما تكبير حصته في هذه السوق على طريقته الخاصة. فاليابانيون عملوا على توفير سيارات متوسطة وصغيرة الحجم، مركزين على عاملين رئيسيين، هما التوفير في إستهلاك الوقود وتأمين سيارات بقدرة تحمل عالية تتحلى بسعر مرتفع عند إعادة بيعها كسيارة مستعملة. أما الأميركيون، فكان لهم نظرة مغايرة إعتمدت على دراساتهم التي تناولت طريقة تفكير الإنسان العربي ووجهة إستعماله للسيارة. وقد أظهرت هذه الدراسات على مر السنين أن الإنسان العربي، والخليجي على وجه التحديد، يفضل السيارة الكبيرة التي تلبي له حاجاته، كأن تنقل عائلته الكبيرة. كما أن صندوق أمتعتها كبير بحيث يمكنه إستيعاب كل ما يريد نقله من أغراض في سيارة تتمتع بتأدية متقدمة، ناهيك عن أن مقصورتها الواسعة توفر له جواً من الراحة المدعومة بمكيف هواء فعال ينسيه الحرارة الخارجية المرتفعة. أما النقطة المشتركة بين كل الدراسات التي أجراها الأميركيون في ذلك الحين، فتمثلت بعدم إكتراث المواطن الخليجي بمدى إرتفاع إستهلاك سيارته من الوقود، خصوصاً أن بلاده غنية بالنفط، إضافة إلى أنه يتمتع بدخل فردي مرتفع يمكنه من تحمل النفقات الإضافية كالوقود الذي تستهلكه سيارته. ومن ناحية أخرى، كانت السيارة الأميركية مشهورة بحجمها الكبير ومحركاتها الجبارة منذ بداية إنتاج الأميركيين للسيارات، الأمر الذي لعب دوره لصالح الأميركيين الذين بدأوا تصدير سياراتهم إلى الأسواق الشرق أوسطية، وتحديداً الخليجية منها، حيث كانت لهم حصة الأسد. ومع دخول مختلف شركات صناعة السيارات إلى السوق الشرق أوسطية وإقتطاع كل منهم لحصة منها، قرر الأميركيون والمقصود هنا جنرال موتورز أن يعدلوا خططهم التسويقية الخاصة بهذه السوق. فعملوا على تحديد الطرازات المصدرة إلى هذه السوق التي حرمت بالتالي من سيارات بويك وبونتياك وأولدزموبيل، في وقت قررت جنرال موتورز تركيز جهودها على ثلاثة من فروعها، هي شيفروليه أو السيارة الشعبية التي تعتمد عليها جنرال موتورز في ما يتعلق بحجم التسويق والبيع ، جي أم سي الغنية عن التعريف في ميدان سيارات الإندفاع الرباعي وأخيراً كاديلاك المعروفة على صعيد السيارات الغنية بعوامل الترف والفخامة. ومن هنا، كان التركيز الأبرز مخصصاً لفرع شيفروليه الذي يتمتع أصلاً بسمعة يحسده عليها باقي الصانعين، خصوصاً أن سيارته الكبيرة كابريس حققت منذ تقديمها لأول نجاحات في الأسواق العالمية، وخصوصاً في دول الخليج العربي حيث لم تتمكن أي من منافساتها من الإقتراب إليها لناحية المبيعات التي سجلتها. وكابريس التي توقف إنتاجها في نهاية العام 1996 عادت مؤخراً إلى خطوط الإنتاج في مصانع هولدن الأسترالية وليبدأ تصديرها إلى الأسواق الخليجية حيث سجلت مبيعات متقدمة دعت شركتها إلى إستقدام الفئة الرياضية منها كابريس أس أس إلى أسواقنا. ومع هذه الأخيرة كان لنا تجربة مفصلة على طرقات دولة الإمارات العربية المتحدة. تجارب مكثفة جداً أبرز ما تتحلى به شيفروليه كابريس أس أس الجديدة، أنها بنيت على قاعدة عجلات شقيقتها كابريس التي تم إخضاعها على مدى العامين الماضيين لتجارب وإختبارات مكثفة جداً في المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة، حيث قطعت هذه السيارة ما يزيد عن 100 ألف كيلومتر تنوعت بين الطرقات السريعة والدروب الصحراوية الممهدة، وسط عواصف رملية ودرجات حرارة مرتفعة جداً وأمطار موسمية غزيرة. بعدها، خضعت كابريس من جديد لتجارب تطويرية في الصحاري الأسترالية حيث تصل درجة الحرارة إلى أكثر من 55 درجة مئوية. هذه التجارب لم تكن في صالح توفير سيارة قادرة على تحمل الصعاب وحسب، بل في إطار توفير سيارة تتمتع بمقومات سلامة متقدمة. فقدرة هيكل كابريس أس أس الإلتوائية تحسنت كثيراً، كما أن صلابة هيكلها باتت أفضل منها للأجيال السابقة من كابريس، الأمر الذي إنعكس إيجاباً على تماسك السيارة، التي تم تزويد هيكلها مناطق خاصة مهمتها التشوه عند حصول إصطدام ما بهدف إبعاد تأثير الصدمات عن مقصورة الركاب. كذلك زودت الأبواب الأربعة قضباناً معدنية مدمجة، مهمتها منع وصول تأثير الإصطدام إلى جوانب المقصورة التي جهزت قياسياً بكيسي هواء أماميين. وقد تعدت مقومات السلامة العناصر المذكورة، لتشمل عدداً من الأجهزة التي تساهم في سلامة الركاب، شأن جهاز منع غلق المكابح وجهاز التحكم بالتماسك ونظام التحكم الأوتوماتيكي بالسرعة، إضافةً إلى وضعية مفاتيح تشغيل مختلف أنظمة السيارة العملية، والتي تمكن السائق من التحكم بوظائف السيارة من دون الحاجة إلى رفع نظره عن الطريق لمدة طويلة. كلاسيكية محدثة اليوم، وبعد مضي حوالي ستة أشهر على تقديم الجيل الجديد من كابريس، قررت جنرال موتورز عبر فرعها الشعبي شيفروليه أن توفر فئة رياضية من سيارتها هذه، أطلقت عليها تسمية كابريس أس أس. من الخارج، لا تزال أس أس تحافظ على الخطوط الكلاسيكية المحدثة التي طالما ميزت سيارات جنرال موتورز. وهي تشبه شقيقتها ال تي زي كثيراً، إلا أنها تتميز عنها في الأمام بفتحة التهوية الوسطية التي تخلت عن خطوط الكروم الطولية المتوازية، لصالح مستطيلات مطلية باللون الأسود تعزز الطابع الرياضي للسيارة وتوحي بالقوة التي يخبئها محركها. كذلك غاب شعار شيفروليه المثبت في مقدمة غطاء المحرك عن أس أس، حيث تم إستبداله بشعار شيفروليه الكبير والأزرق اللون في وسط فتحة التهوية الأمامية. ومن جهة أخرى، جهزت أس أس بعجلات معدنية رياضية مصنوعة من خليط من المعادن الخفيفة بقياس 17 إنشاً، تم تلبيسها بعجلات رياضية بجانب منخفض تحمل توقيع بريدجستون، مهمتها زيادة نسبة التماسك مع الطريق في مختلف ظروف القيادة. من الخلف، حافظت كابريس أس أس على تصميمها القديم بإستثناء شعار شيفروليه الأزرق في الخلف الذي تم إستبداله بشعار أس أس، ومخرج جهاز العادم الذي كبر حجمه بعد أن تم طلاؤه بالكروم اللماع، في وقت وضع شعار كابريس أس أس في أسفل البابين الخلفيين لمقصورة الركاب. مقصورة ركاب أم صالون رحب؟ فور دخولك مقصورة كابريس أس أس، ستشعر بمدى رحابتها. فالسيارة مبنية على قاعدة عجلات بطول 294 سنتمتراً هي أطول من قاعدة عجلات أي طراز منافس تم إستغلال القسم الأكبر منها لصالح مقصورة الركاب، التي تمكنت معها شيفروليه من تحقيق درجات عالية من الرحابة، وبالتالي من العملانية والترف. ورغم أن أبعاد كابريس الجديدة أقل منها للجيل السابق، إلا أن مقصورتها أكبر بنحو ستة أقدام مكعبة. وقد إستفاد قسم التصميم من مقاسات مقصورة الركاب ليوفر مساحات ضخمة سواء للجالسين في الأمام أو في الخلف. ففي الأمام، تتمتع المقصورة بوضعية جلوس ممتازة يدعمها مقاعد وثيرة يمكن تحريكها في كل الإتجاهات كهربائياً بما فيه التحريك العمودي لهذين المقعدين، مع مقود يمكن تحريكه تلسكوبياً والتحكم بدرجة إنحنائه أيضاً، إضافة إلى مساحات زجاجية واسعة توفر مجالات رؤية جيدة في كل الإتجاهات. أما في الخلف، فالمساحة "هائلة" إذ يستوعب المقعد الخلفي ثلاثة لاعبي كرة قدم أميركيين من القياس الضخم مع كافة لوازم الحماية على أكتافهم ورؤوسهم، من دون أن تحتك أكتافهم أو أن تلامس خوذاتهم السقف! أما المساحة المخصصة لأرجل الجالسين في الخلف، فهي كبيرة جداً، حتى في حال إرجاع المقعدين الأماميين إلى أقصى الخلف. وفي وسط المقعد الخلفي، تم تزويد أس أس مسند يد وسطي يمكنه أن يتحول إلى طاولة طعام، جهزت بدورها بحاملين للأكواب. لوحة القيادة أوروبية الطابع وهي مدمجة مع بطانات الأبواب بحيث تشكل قطعة واحدة، أبرزها تجويف العدادات الذي يحتوي على عدادين كبيرين للسرعة ولدوران المحرك، إضافة إلى آخرين لدرجة حرارة المحرك ومستوى الوقود في الخزان. وعلى جانبي تجويف العدادات المصمم بحيث يمنع الإنبهار الضوئي، وضع قسم التصميم عدداً من المفاتيح المخصصة لتشغيل بعض أجهزة السيارة، في وقت ضم الكونسول الوسطي مفاتيح التحكم بعمل جهاز تكييف الهواء والتي تم تثبيتها مباشرة تحت مخارج الهواء، وفوق جهاز الإستماع الموسيقي المتطور المزود قياسياً بجهاز راديو مع قارئين للأشرطة المسجلة والأسطوانات المدمجة. وفي أسفل الكونسول الوسطي المبطن بالخشب المصقول، تم وضع منفضة السجائر والولاعة، في وقت وفرت شيفروليه مخرجاً ثانياً ل الولاعة، خصصته لشاحن بطارية الهاتف النقال. وقرب مقبض علبة التروس الأوتوماتيكية، جمع قسم التصميم عدداً من المفاتيح خصص منها المفتاحين المثبتين على جوانب المقبض لتشغيل جهاز التحكم بالتماسك وللتحكم ببرنامج عمل علبة التروس، في ما تم تخصيص المفاتيح الخمسة الباقية للتحكم بعمل النوافذ الكهربائية. وخلف هذه المفاتيح، تم إستغلال المساحة المتبقية لحاملي الأكواب اللذين تم تثبيتهما مباشرةً أمام مسند اليد الوسطي الذي يخفي تحته حيزاً مخصصاً لتوضيب الحاجيات الصغيرة. يبقى أن نشير إلى أن وضعية معظم مفاتيح تشغيل أجهزة السيارة عملية جداً، بإستثناء تلك المخصصة لتشغيل النوافذ الكهربائية والتي تمنينا لو أنها ثبتت في بطانة باب السائق، إضافة إلى مقبض مكبح اليد الموجود إلى يمين الكونسول بحيث بدا يعيداً عن متناول يد السائق. لسيارتها هذه، إعتمدت شيفروليه على محركها الرياضي الذي يجهز طرازي كورفيت سي 5 وكامارو زي 28، وهو يقوم على مبدأ الأسطوانات الثمانية على شكل 7، سعة 7،5 ليتر، بقوة 325 حصاناً عند5200 دورة في الدقيقة مع عزم دوران يبلغ حده الأقصى 26،45 م كلغ عند مستوى 4000 دورة في الدقيقة. وهذا المحرك الذي يمكن القول أنه الجيل الثالث من محركات شيفروليه الرياضية مصنوع من خليط من المعادن أبرزها الألومنيوم الخفيف الوزن. وهنا نشير إلى أن تكلفة تطوير هذا المحرك، الذي يتميز بنعومة عمله بسبب تقنياته المتطورة الخاصة بتخفيض نسبة إحتكاك العناصر المتحركة فيه، بلغت حوالي مليار دولار أميركي. أما قوة وعزم هذا المحرك المربوط إلى علبة تروس أوتوماتيكية من أربع نسب أمامية ونظامين للتعشيق عادي ورياضي يعمل الرياضي منهما على تأخير تبديل النسب، فينتقلان إلى العجلات الخلفية التي تخفي خلفها تعليقاً يعتمد على الأذرع المسحوبة، التي يقابلها في الأمام قائمة ماكفرسون الإنضغاطية، الأمر الذي يوفر ل كابريس أس أس تماسكاً مذهلاً بمساعدة جهاز التحكم بالتماسك الذي أظهر كفاءة متقدمة جداً عند تشغيله. قيادتها ممتعة فعلاً تجربة كابريس أس أس توزعت على ثلاثة مراحل، أولها تجربتها على حلبة أعدتها جنرال موتورز خصيصاً لهذه الغاية. أما المرحلة الثانية، فتمثلت في قيادتها على الطرق السريعة، في وقت كان القسم الثالث على طرقات ملتوية تضم عدداً كبيراً من المنعطفات. الحلبة التي أعدها مسؤولو جنرال موتورز في دبي، تضمنت مقطعاً مستقيماً تخللته عوائق عدة، توجب علينا عبورها وكأننا نجري سباقاً للتعرج. وقد تلاها طريق محددة مسبقاً إحتوت على منعطفات، منها ما يمكن الدخول فيه بسرعة عالية، ومنها ما هو صغير وضيق بحيث يتطلب المناورة لعبوره بأسرع وقت. وفي هذه المرحلة، أبدت كابريس أس أس تماسكاً عالياً وقدرة تسارع متقدمة جداً لم يعكر صفوهما أي شئ، بإستثناء ردات فعل المقود عند لفه إلى أقصى إحدى جهتيه، وهو بالمناسبة رد فعل طبيعي للمقود في حالات التسارع المفاجئة. وهنا لا بد من الإشارة إلى مكابح السيارة أظهرت فعالية عالية، حتى في حالات الإستعمال المتكرر حيث تسخن هذه المكابح عادةً مما يفقدها بعضاً من فعالية عملها. ومن ناحية أخرى، أبدى جهاز التحكم بالتماسك كفاءةً عالية في العمل حيث عمل على الحد من إنزلاقات القسم الخلفي من السيارة. أما في القسم الثاني، فقد أظهرت كابريس أس أس نعومة عالية في العمل وهدؤاً في التشغيل، كما أن إختراقها للهواء كان سهلاً جداً نظراً لتصميمها الإنسيابي وزواياها الدائرية. وليبقى المأخذ الوحيد عليها محصوراً في الضجيج الذي أصدرته إطاراتها الرياضية على الطريق السريعة بين إمارة دبي ومنطقة حتا الجبلية. وعلى هذه الطريق، لم نتمكن من الوصول الى السرعة القصوى للسيارة والمقدرة ب 240 كلم/س، ذلك أن الطرق في الإمارات العربية المتحدة تخضع لقوانين صارمة تحدد السرعة القصوى. إلا أننا تمكنا من الوصول إلى سرعة 100 كلم/س في زمن تقديري راوح في حدود 7 ثوان. وفي القسم الثالث والأخير من التجربة، أي في طريق العودة من حتا إلى دبي على طريق ملتوية مليئة بالمنعطفات، قمنا بتجربة تماسك السيارة الفعلي حيث أظهرت كابريس أس أس تماسكاً متقدماً في المنعطفات السريعة والبطيئة على حد سواء. إلا أن مقدمتها أبدت ميلاً لإنزلاقات طفيفة كان تصحيحها سهلاً جداً إذ لم يتطلب أكثر من رفع القدم عن دواسة الوقود. ومع الثقة العالية التي توفرها كابريس أس أس لسائقها، كان لا بد لنا من تجربتها من دون جهاز التحكم بالتماسك، والذي تحولت من دونه كابريس أس اس إلى سيارة دفع خلفي من الجيل القديم سيتمتع محبو سيارات الإندفاع الخلفي بقيادتها كونها تظهر ميلاً كبيراً لإنزلاق جزئها الخلفي.