لو كانت يوغوسلافيا تتمتع بنفوذ اميركا في العالم، لأصبح الرئيس بيل كلينتون مطلوباً دولياً ب "جرائم حرب" وربما فرضت عقوبات دولية على بلاده، اذ يتوقع أن تصدر "المحكمة الدولية" الخاصة ب"جرائم" حلف شمال الأطلسي في يوغوسلافيا اليوم احكاماً في حق 14 متهماً، يتقدمهم كلينتون والرئيس الفرنسي جاك شيراك ورئيس الوزراء البريطاني توني بلير. كما يتوقع ان تصدر المحكمة التي اختتمت جلساتها في بلغراد امس، برئاسة قاض روسي ومشاركة قضاة من دول عدة "صديقة"، احكاماً ضد الوزراء مادلين أولبرايت ووليام كوهين اميركا وهوبير فيدرين فرنسا وروبن كوك بريطانيا ويوشكا فيشر المانيا ومسؤولي الحلف الأطلسي السابقين والحاليين الجنرال ويسلي كلارك وجورج روبرتسون وخافيير سولانا. ويتهم هؤلاء ب"ارتكاب جرائم ضد السكان المدنيين وانتهاك الأعراف والقوانين الدولية". وتتألف هيئة المحكمة من 19 قاضياً من روسيا وجورجيا واوكرانيا وبولندا وأفغانستان والمانيا والمكسيك والولايات المتحدة ويوغوسلافيا، ويرأسها الحقوقي الروسي ميخائيل كوزنيتسوف، بينما تولى الادعاء العام البروفسور البلغاري في القوانين الدولية فيلكو فليكانوف. وشارك في المرافعات خبراء عالميون في الطب والأسلحة المحرمة دولياً ومقررون احصوا الأضرار المادية والاقتصادية التي لحقت بيوغوسلافيا. وكانت المحكمة عقدت جلستين في كل من موسكو وكييف مطلع هذا العام. وانتقلت إلى بلغراد حيث اتخذت من قاعة "مركز سافا للمؤتمرات" مقراً لها. واستمعت إلى مئات الشهود الذين تحدثوا عن "الجرائم التي ارتكبها الحلف الأطلسي اثناء غاراته الجوية على يوغوسلافيا". وذكرت اوساط المحكمة أنها اعتمدت في مرافعاتها على "قوانين الشرعية الدولية في حماية الدول وحقوق سكانها". وجاء في حيثيات الادعاء ان "قصف يوغوسلافيا يمثل عدواناً دولياً وانتهاكاً لميثاق الأممالمتحدة والقوانين الدولية، لأنه جرى من دون موافقة مجلس الأمن ونتج عنه قتل وجرح والحاق الأضرار بآلاف الاشخاص، إضافة إلى الخسائر المادية والحضارية والاقتصادية وتلوث البيئة". ودان رئيس المحكمة كوزنيتسوف، خلال المرافعات، رئيسة الادعاء العام في محكمة لاهاي كارلا ديل بونتي "التي لم تلب الدعوة الموجهة إليها لحضور جلسات النظر في الجرائم الأطلسية". ورأت صحيفة "بوليتيكا" شبه الرسمية الصادرة في بلغراد أمس ان "قرار المحكمة سيثير صدى واسعاً في انحاء العالم، باعتبار ان الجرائم التي ارتكبها الأطلسيون ضد المدنيين في يوغوسلافيا، تمثل امتداداً للوسائل التي استخدمها الفاشيون في الحرب العالمية الثانية". ونقلت الصحيفة عن رئيس المحكمة كوزنيتسوف ان ما حدث في يوغوسلافيا "يشكل مأساة، ليس فقط للشعب اليوغوسلافي، وإنما أيضاً للبشرية جمعاء، إذ تعمد الأطلسيون ادخال العالم في الألفية الثالثة من خلال دوي الانفجارات والصواريخ".