} وضعت الانتخابات الرئاسية في روسيا النقاط على بعض الحروف، لكنها طرحت تساؤلات كثيرة يحاول الساسة في موسكو الاجابة عليها، وفي مقدمها هوية رئيس الحكومة الجديدة وسياستها ومدى استعداد الرئيس فلاديمير بوتين لمحاربة "الحيتان المالية" التي ساعدته في الوصول الى السلطة. أكد النائب الاول لرئيس الوزراء ميخائيل كاسيانوف ان الرئيس فلاديمير بوتين طلب منه امس الثلثاء، ابلاغ اعضاء الحكومة ان "لا داعي للقلق" ودعاهم الى الانصراف لعملهم من دون التفكير طويلاً بمصيرهم الذي لن يتقرر الا بعد تنصيب رئيس الدولة رسمياً في الاسبوع الاول من ايار مايو. وتوقع رئيس الوزراء السابق سيرغي كيريينكو ان تسند رئاسة الحكومة الجديدة الى كاسيانوف او الى رئيس لجنة الموازنة البرلمانية الكسندر جوكوف. ويصنّف كاسيانوف في خانة "المقرّبين" من البليونير بوريس بيريزوفسكي الذي ذُكر انه لعب دوراً في تأهيل بوتين للرئاسة، الا ان مصيره اصبح غامضاً بعدما تحدث الرئيس شخصياً عن احتمال اعتقاله، في ضوء مطالبة عدد من كبار الساسة الروس بإقصائه عن مراكز القرار واتهامهم اياه بأنه يلعب دوراً "تخريبياً". واجمع المحللون على ان الموقف من بيريزوفسكي وسائر افراد "الزمرة الحاكمة" في عهد الرئيس السابق بوريس يلتسن سيكون محكاً لاختبار نوايا خلفه. ولفت الانظار ان بوتين هو الذي زار الرئيس السابق في منزله ليتقبّل منه التهاني وعانقه بحرارة، الا ان المراقبين وصفوا ذلك العناق بأنه "قبلة الموت". وتوقعوا ان يسعى بوتين الى قطع كل الخيوط التي تربطه بنظام يلتسن، من دون ملاحقة الاخير قضائياً. وكان بوتين وقّع حال استلامه الصلاحيات من يلتسن في اليوم الاخير من العام الماضي، مرسوماً يمنح الرئيس السابق وافراد عائلته حصانة تحول دون محاسبتهم على الاختلاسات وسائر الجرائم التي يمكن ان يُتهموا بارتكابها. وبطلب من الحزب الشيوعي، سينظر البرلمان اليوم في شرعية هذا المرسوم بهدف إبطاله، ما أثار قلق واحتجاج الكتل اليمينية المتحالفة مع يلتسن سابقا. ويحاول الشيوعيون دفع بوتين الى محاربة من يوصفون برموز "الاوليغارشيا" او "حيتان المال" الذين كوّنوا ثرواتهم في صور غير شرعية عبر قنوات السلطة. وذكر الزعيم الشيوعي غينادي زيوغانوف انه يرصد بانتباه "الصراع الضاري بين ليبراليين نهبوا البلد وساسة يسترشدون بمصالح الدولة". وقال انه لا يعرف لمن ستكون الغلبة وبالتالي لا يمكن ان يردّ على تساؤلات في شأن احتمال انضمام اليساريين الى الحكومة الروسية الجديدة. بريماكوف و"ديغول روسيا" في المقابل، أشار رئيس الوزراء السابق يفغيني بريماكوف الى ضرورة تنصل بوتين من "الارتباطات بالنظام الذي كان قائماً قبله" ولمح الى انه شخصياً لا يرفض "دراسة مقترحات" يقدمها بوتين، لكنه نفى ان يكون الاخير عرض عليه رئاسة الحكومة. وتوقع فياتشسيلاف نيكونوف رئيس مؤسسة "السياسة" التي تُعدّ من اهم مراكز الابحاث ان يغدو بوتين "ديغول روسيا". واضاف ان الرئيس الجديد "ليس شيوعياً لكنه ليس معادياً للشيوعية وهو محافظ اكثر من كونه ليبرالياً". وتابع انه سيعتمد نموذجاً ليبرالياً في الاقتصاد الا انه سيعمل على بناء دولة قوية تنتهج سياسة خارجية مستقلة. الا ان الزعيم القومي المتطرف فلاديمير جيرينوفسكي الذي نافس بوتين على الرئاسة وحصل على اقل من ثلاثة في المئة من الاصوات، دعا الصحافيين الى "توديع الحرية". وقال ان بوتين سيعيد وضع تمثال فيلكس دزرجينسكي مؤسس جهاز الاستخبارات "كي. جي. بي" الى موقعه في وسط موسكو ويعتمد نظام "عبادة الفرد". واضاف ان انتقاد رئيس الدولة او اجهزة الامن والشرطة والقوات المسلحة "سيغدو من المحرّمات ابتداء من اليوم". واجمع المراقبون على ان بوتين سيواصل الحرب الشيشانية، وقال مدير مركز الدراسات السياسية ايغور بونين ان الرئيس الجديد سوف "يتصرف بلا رأفة" للقضاء على ما تبقى من جيوب المقاومة.