أفادت صحف بريطانية ان محاكمة ثلاثة شبان جزائرين متهمين بالضلوع في قضايا إرهاب في بلادهم إنهارت أول من أمس أمام محكمة أولد بايلي في لندن، بعدما عجز الإدعاء العام من إقناع أحد مخبري جهاز الإستخبارات الداخلية "ام. آي. 5" في تقديم شهادته علناً ضدهم بسبب خوفه على حياته وعلى حياة أسرته. ويُشكل إنهيار المحاكمة، بعد ثلاث سنوات من بدئها، ضربة جديدة لقانون مكافحة الإرهاب البريطاني الذي كان الثلاثة يُحاكمون بموجبه. وكان الثلاثة، وهم سفيان كبيلين وفريد بوكميش وسفيان سويدي، إعتقلوا في عملية نفذتها الشرطة والإستخبارات في 1997 بعدما تمت مراقبتهم على مدى خمسة أشهر. ويتهم الإدعاء هؤلاء بأنهم أعضاء في "الجماعة الإسلامية المسلحة" أو مناصرون لها، وانهم كانوا يتولون تهريب مواد كيماوية وأجهزة لاسلكية وأخرى للتنصت الى هذه الجماعة داخل الجزائر. كما اتهمهم بأنهم كانوا يمدونها بكميات من المال جُمع بعضها من خلال تزوير وثائق قُدمت الى مصارف في بريطانيا للحصول على قروض لأشخاص وهميين. وبدأت محاكمة الثلاثة في تشرين الأول اكتوبر 1988 واستمرت شهرين تقريباً قبل ان تتوقف لتدخل جهتا الدفاع والإدعاء في جدل قانوني بالغ التعقيد شاركت فيه المحكمة العليا ومجلس اللوردات. وكلّفت المحاكمة حتى تاريخ إنهيارها دافعي الضرائب في بريطانيا ثلاثة ملايين جنيه استرليني. وانهارت المحاكمة بعدما اعتبر القاضي هنري باونل ان من الضروري كشف هوية المُخبر لجهة الدفاع عن المتهمين الثلاثة. ولم يستطع الإدعاء العام إقناع المُخبر-الشاهد بتقديم شهادته بحجة ان ذلك يُعرّض حياته وحياة أهله للخطر. وكتبت صحيفة "الغارديان" ان جهة الإدعاء كانت مُصرة على متابعة المحاكمة على رغم وجود وثائق سرية تُظهر ان الإستخبارات البريطانية تعتقد بأن الحكومة الجزائرية متورطة في فظائع، وهو أمر يتعارض مع ما تقوله الحكومة البريطانية للرأي العام. ووقع ثلاثة وزراء هم جاك سترو وجيفري هون وروبن كوك شهادات تعارض كشف هذه الوثائق الإستخباراتية والموجودة خصوصاً لدى وزارة الخارجية يرأسها روبن كوك. لكن قاضي محكمة أولد بايلي أمر بكشفها، وهو أمر تم بالفعل بعد 18 شهراً من الطلب الذي قدّمته جهة الدفاع. وتفيد إحدى هذه الوثائق - التي حاول وزراء منع كشفها والصادرة عن لجنة الإستخبارات في وايتهول مقر الحكومة - ان "مسؤولية العنف لا يُمكن ان تُلقى في شكل كامل على طرف دون آخر ... ليس هناك دليل حاسم يؤكد عدم ضلوع الحكومة في استخدام الجماعات المسلحة او في أعمال العنف الإرهابي". وأشارت وثائق أخرى الى "استخدام" الحكومة الجزائرية "الجماعة المسلحة" لتنفيذ عمليات عنف. وذكرت وثيقة إستخباراتية أميركية ان ليس هناك أي دليل يربط تفجيرات باريس في 1995 بالجماعات المسلحة. وأقر محامي جهة الإدعاء العام، نايجل سويني، أول من أمس، بأن مُخبر "أم آي 5" قدّم شهادة سرّية أفاد فيها انه رأى أشخاصاً يُشتبه في أنهم أعضاء في "الجماعة الإسلامية المسلحة" أو في الجبهة الإسلامية للإنقاذ "يُضربون، ويُخطفون، ويُقتلون على يد الجيش". وكان الإدعاء أقر في وقت سابق خلال جلسات المحاكمة ان جهاز "ام. آي. 5" تنصّت على محادثة تمت بين المتهمين الثلاثة ومحاميتهم غريث بيرس في سجن بلمارش. ويطلب الثلاثة اللجوء السياسي في بريطانيا. ويُتوقع ان تصدر أحكام على اثنين من الثلاثة كبيلين وبوكميش بعدما أقرا بذنبهما في اتهامات بالإحتيال.