"عيد بأية حال عدت يا عيد". بهذه المقولة استقبل السوريون العيد هذه السنة، فالأسواق لم تشهد الازدحام الذي كان متوقعاً والذي يميز الأعياد بشكل عام، على رغم تزامن عيد الأضحى مع عيدي "المعلم" قبل أيام و"الأم" الذي سيأتي منتصف الأسبوع المقبل. وأكد أصحاب المحلات التجارية في الأسواق الرئيسية مثل "الشعلان" و"الصالحية" و"باب توما" و"الحمراء" أن مبيعاتهم لم يسبق لها ان انخفضت إلى مثل هذا الحد في الأعوام السابقة على رغم التنزيلات التي تصل إلى 50 في المئة والتسهيلات التي لم يقدم مثلها من قبل. ولولا ان عيد الأضحى المبارك يرتبط بفرض ديني، وهو الحج إلى بيت الله الحرام، لما لاحظ أحد مرور العيد ذلك ان الحالة المادية تركت أثرها هذه السنة بشكل واضح على شريحة كبيرة من المجتمع السوري. وقال أحدهم: "أحاول الاختصار ما أمكن فلا طاقة لي بمتطلبات العيد هذا العام". ومتطلبات العيد تبدأ من ثياب الأطفال الجديدة، مروراً بشراء الحلويات وضيافة العيد، انتهاء بالعيدية. إلا أن غالبية الأسر تحاول الاختصار ما أمكن. وقال أحد المواطنين: "الحاجات الأساسية فرضت نفسها على رب الأسرة لتلغي كل ما عداها وهذه ليست إلا تحضير طعام العيد والنفقات الأكثر إلحاحاً". وغدت أحاديث الناس في هذه الفترة تدور حول موضوع واحد هو غلاء الأسعار وجمود الأسواق، إذ يصف البعض حركة السوق ب"الخجولة والمتواضعة وبعيدة عن أجواء العيد". وأشار البعض إلى ان "التجارة الوحيدة المزدهرة هذه الأيام هي تجارة البسطات والبالة لسلع من الدرجة الثانية والثالثة بعيداً عن أعين الرقابة". ويتفنن الراغبون في الشراء في أساليب المساومة، إذ ان معظمهم لن يشتري إذا لم يحصل على حسومات كبيرة وشعاره "لا خوف على التجار لا أحد يبيع بخسارة". وكان التجار ابتكروا هذه السنة طرقاً إضافية للخروج من دوامة "الجمود الاقتصادي" ومنها تقديم الهدايا وتسهيلات مختلفة لاقناع الأطفال والنساء الضعيفات أمام اغراء الألبسة الجديدة، إضافة إلى ان اغلب المحلات التجارية فتحت أبوابها حتى ساعات متأخرة من الليل، على أمل ان يغير بعض المترددين رأيه ويقوم بالشراء ربما تحت ضغط من أولاده أو زوجته. أما تأثر محلات الحلويات بموضوع الجمود فكان الأقل نسبياً خصوصاًَ أن ضيافة العيد أمر مفروغ منه، إذ يستطيع رب الأسرة الاختصار في كل شيء إلا تجهيز الضيافة للمعايدين من الأقرباء والأصحاب. وكان مئات الزبائن تقاطروا أمام محلات الحلويات العربية لتسجيل طلبات العيد التزاماً بالإعلان الذي علق على أبواب المحلات: "الرجاء من الاخوة المواطنين الراغبين في شراء الحلويات تسجيل اسمائهم في الدور". ووصل الدور في أحد المحلات إلى 1500 طلب ويتراوح سعر الكيلو حسب نوع الصنف من ثمانية دولارات إلى 12 دولاراً، يأتي في مقدمها "المبرومة" و"المغشوشة" و"عش البلبل" و"كول وشكور". ولم تؤثر الضائقة المالية على عادات الدمشقيين في اصطحاب أولادهم إلى أماكن "العيد" الموجودة في معظم الحارات الشعبية، حيث تنصب المراجيح والقليبات والدويخة وصندوق الفرجة وركوب الخيل في الشوارع العامة. ويشتد الازدحام على هذه الاماكن مثل بئر التوتة والميدان والجزماتية والمهاجرين، على رغم وجود مدن ملاهي في منطقة المزة وطريق المطار مدينة الأرض السعية، إلا أن للعيد طقوساً لا يمكن التخلي عنها.