هناك ، طاغية مخيف وهناك، طاغية، حصيف. وهناك، طاغية، سادي، ومحترف، ومهني، الى أبعد الحدود. وعلى الرغم، من أن مهنة، الطغيان، قد تعرضت، لاهتزاز كبير، بعد سقوط ، حائط، برلين، وانهيار، الأنظمة الشمولية، الا أن العالم لن يفتقد، بعض البقايا، المتشبثة، بالتراث، الطغياني، المخلصة لقواعد المهنة، وأصولها. غالباً، ما تكون، تلك البقايا الطغيانية، ذات بنية قوية، تستعصي على الفناء، أو الاستئصال. فالخلايا السرطانية الدقيقة، تستطيع المراوغة، والاختفاء. والميكروبات، المتفوقة، تستعصي على المضادات الحيوية، بل، وتكتسب، قوتها وقدرتها على المقاومة والبقاء من العراك مع هذه المضادات، وتعيد، خلق نفسها، وهندسة استجاباتها، نتيجة مجابهاتها المستمرة معها. النماذج الطغيانية، المتشبثة بالبقاء، المتمرسة، في حواجها التحديات، تستثير، اعجابك، من قدراتها، الابداعية على اختراع، الجديد، والغريب، كما، تستثير، تقززك، وربما ، غثيانك، من صمودها، واستمرارها، في امتهان، القيمة الانسانية، وانتهاك، المحرمات السياسية الأخلاقية. يتسرب الملل الى نفس الطاغية، يسأم من المدائح المكررة، والهتافات الأكلشية. يطول به مقام الاستبداد، بالمكان، والزمان، والأفكار، والأحداث، وترتد، اليه، مراسم الخنوع، والخضوع، بليدة متثائبة، فلا يجد فيها، النشوة، القديمة، أو، اثارة، أزمنة الاستبداد الطازجة، أو مراهقتها الطائشة والعشوائية. استتب له الأمر، وعنت، له الأوضاع، وانتظم "الكيان" الطغياني، وفق اجراءات بيروقراطية، وأمنية وتعذيبية حاذقة. تبدأ، المخيلة، الابداعية السادية، للطاغية، في البحث، عن متعة جديدة، ولعبة طريفة، وتسلية مثيرة. أنشد الشعراء، وخطب الخطباء، وكتب الكتاب، وابدع، صانعو الهتافات، والشعارات، فأتقنوا صنعتهم، وشذبوها، وهذبوها، وغنى المطربون، بعد أن لحن الملحنون، ونحت الناحتون، فأقاموا التماثيل الشامخة، والنصب الباهرة، ودرس التلاميذ، مآثر الزعيم الأوحد، ومناقبه، وخصائصه، الجينية المتميزة. لكن، يبقى، في نفسه، شيء، من هؤلاء، المتباهين، بالابداع، والفكرة. هناك، مساحات، لم تحتل 00 بعد، ومسافات، لم تقطع، واذلال، لم يبلغ منتهاه، وامتهان، لم يصل ذروته. أعمل ذهنه، السادي، حتى تفتق، عن "مشروع" مهين، مثير. أرسل، في المدائن، والأرياف، والبوادي، وأعلن، أن الموعد الكبير سيكون، ضحى، يوم الزينة الأكبر. وأقبل، المثقفون، والأدباء، والمبدعون، خانعين، خائفين. قال لهم: سأكتب الرواية العظمى، وسأطلب منكم، أيها المناضلون، الشرفاء، الصادقون، الموضوعيون، أن تنقذوها، وتبحثوها، قبل أن تقرأوها. أما، المتفوقون، البارعون، المتميزون، شرفاً، وصدقاً، وموضوعية: فان عليهم، أن يقرأوها، ويقيّموها، ويعلنوا، رأيهم فيها على الملأ، حتى، قبل أن أكتبها. نظر الى وجوههم، وابتسم، وأيقن، أنه، في علم الطغيان، عالم، مبدعٌ، كبير.