"مضى علينا ستة شهور في الحديث عن هذه المسألة. والانتهاء منها تم الاسبوع الماضي حينما اعلنا عن قناة الشباب في دبي واتفقنا ان تكون قناة مشتركة بين تلفزيون المستقبل ومدينة دبي للانترنت. هذه المرة الاولى يحدث فيها تعاون اعلامي عربي مشترك لانتاج شيء جديد يكون له اطار عربي واسع". هكذا يلخص المدير التنفيذي ل"تلفزيون المستقبل"، علي جابر، ل"الحياة" تفاصيل المحادثات التي سبقت الاعلان قبل ثمانية ايام في دبي عن باكورة المشاريع الاعلامية التي ينتظر ان تستقبلها المدينة الاعلامية الحرة في الامارة الخليجية. ويضيف: "الفكرة كانت من بنات افكاري منذ فترة طويلة. وكنا نبحث عن شريك استراتيجي لننفذ معه هذا المشروع. البحث استغرقنا اكثر من سنة ونصف السنة. كنا نتعاطى جدياً مع المسألة وكان غرضنا العثور على شريك استراتيجي يستطيع ان يبرهن على قدرته على تحقيق هذه الفكرة". المحادثات السابقة لم تكلل بالنجاح. شملت اطرافاً عدة بينها"اوربيت". يتابع السيد جابر قائلاً: "هناك 65 في المئة من الشعب العربي دون سن 35 عاماً. وهؤلاء ليست هناك من وسيلة اعلامية تخاطبهم وتخاطب هواجسهم. الفكرة كانت مهمة وتحمل في داخلها بذور النجاح. لكن نمو هذه البذور يحتاج الى مهنية عالية في التنفيذ وفي ادارة العمل ودعمه". ولماذا دبي؟ يجيب: "عندما تعرفت الى المدير العام لمدينة دبي للانترنت السيد محمد القرقاوي صار هناك ود مشترك بيننا واتفاق. الامور سارت على ما يرام لأنهم في دبي نشطون مقدامون وليسوا هواة كلام لا طائل منه، لا سيما ولي عهد دبي الشيخ محمد بن راشد الذي كان حريصاً على النوعية والجودة وركز على هذه النقطة مرات عدة مبدياً استعداده لدعم المشروع بكل امكاناته طالما كانت النوعية جيدة ومستدامة. كان هذا شرطه الاساسي للحصول على دعمه وهذا ما ابلغه لي رئيس مجلس ادارة تلفزيون المستقبل نديم المنلا". ويواصل قائلاً: "مشروعنا هو انشاء قناة تهتم بأمور الشباب بين 13 و35 عاماً. هذه شريحة عمرية لديها خصائص مشتركة مع بعضها بعضاً ويمكن البناء عليها لتحقيق انتاج تلفزيوني هادف. والقناة ستكون في كل شيء تقدمه: من الرسوم المتحركة الى الاخبار الى الحوارات الى المنوعات الى الفيديو كليب موجهة بمضمونها الى هذه الشريحة العمرية. وعملية التوضيب والتغليف ستكون بدورها موجهة، وسيشعر كل شاب، ضمن هذه الشريحة العمرية، ان القناة موجهة له". أهمية المشروع والهدف منه لا يخفيان الجانب المادي للتنفيذ والحصص والتكاليف. يرفض السيد جابر الاجابة. يقول: "ليس مسموحاً لي ان اذكر حجم رأس المال ولا نسب الملكية لكنها تتوزع بين تلفزيون المستقبل ومدينة دبي للانترنت". السيد القرقاوي التزم الامر نفسه عندما سألته "الحياة" واكتفى بالقول ان قيمة رأس المال واكلاف انطلاق المشروع "ليست كبيرة". ويتابع جابر قائلاً: "الادارة العامة لكل المشروع ستكون لتلفزيون المستقبل، وسيكون العمل كله في بيروتودبي معاً، على ان هناك خمسة استوديوهات في بيروت مقابل اثنين في المنطقة الاعلامية الحرة في دبي". وماذا عن توزيع العمل؟ "سيكون هناك برنامجان يوميان يبثان من دبي. ولأن البنية التحتية موجودة في بيروت سيكون اغلب الانتاج في المرحلة الاولى في بيروت. وفي المرحلة اللاحقة سنزيد الانتاج من دبي ونوسع البنية التحتية هناك ونهيئ الاستوديوهين ونحصل على وسائل اكبر". يضيف: "سيعطوننا مبنى وكل شيء لديهم سيؤمنونه لنا. لم نصل في محادثاتنا معهم الى مرحلة تحديد ما سيقدمونه للمشروع ولكن الاكيد انه سيكون لنا وجود في مدينة دبي للانترنت حيث سيكون نشاطنا هناك، وستكون الشركة مسجلة وخاضعة لقوانين منطقة التجارة الالكترونية الحرة". وما هي ابعاد هذا التعاون بين تلفزيون المستقبل ومدينة دبي للانترنت؟ ومدينة دبي للانترنت؟ يجيب السيد جابر: "هذه اول خطوة نحو قيام عملية تعاون اوسع بيننا وبينهم. هناك امور كثيرة نعد لها. المهم اننا وجدنا على مستوى النزاهة الفكرية المتبادلة اننا شركاء مثاليون اذ لدينا التوجه نفسه والفكر السياسي الهادف نفسه لاقامة قناة ستكون عصرية للغاية ومتحركة وديناميكية وتتوجه الى الشاب العربي بكل اهتماماته". وهل يعني ذلك، عملياً، تنفيذ مشاريع ثانية في دبي؟ "نعم، اعتقد ان ذلك سيتحقق". وماذا عن قناة الشباب، هل هناك بنية تحتية منفصلة لمشروعكم الجديد في بيروت. يعقب: "لا، ليس في المرحلة الاولى. لكن قناة الشباب ستكون لها شخصية مستقلة عن تلفزيون المستقبل مع استخدام موارد التلفزيون كلها لانجاح المشروع ضمن فريق عمل متخصص". وعدد الموظفين في القناة؟ "لا نعرف بعد لأننا في طور البناء ولم نبدأ اساساً. البث سيكون في ايلول سبتمبر المقبل وفي المرحلة الاولى سيكون هناك 70 الى 80 شخصاً يعملون على المشروع، علماً ان كل موارد تلفزيون المستقبل ستكون مسخرة لانجاح قناة الشباب. لدينا 450 موظفاً وستكون لهم جميعاً يد في انجاح المشروع". الهجرة من اوروبا وما هو رأيك بظاهرة عودة المؤسسات الاعلامية من اوروبا الى العالم العربي. يقول: "هذه المؤسسات ولدت في الخارج لأنه لم تكن هناك مناخات اعلامية مواتية في العالم العربي تؤمن لها الجو الديموقراطي الصحيح للعمل والقدرة، في الوقت ذاته، على الاستفادة من المعرفة التقنية. لكن، ومنذ نحو سبع سنوات تقريباً، باتت هناك ظروف مواتية اكثر سمحت بظهور جيل في العالم العربي ملم بتقنيات العمل الاعلامي. واليوم انتفى السببان الرئيسيان وراء الهجرة الى الخارج في وقت باتت المنافسة داخل العالم العربي تكبر يوماً بعد يوم مما يحتم على المؤسسات الاعلامية المهاجرة العودة". ويعتبر المدير التنفيذي لتلفزيون المستقبل ان السبب الرئيسي وراء تقدم الفضائيات داخل العالم العربي على الفضائيات العربية التي تبث من الخارج هو عامل الكلفة، "وهو عامل استراتيجي سيتحكم في فرص النمو داخل السوق الاعلامية على المدى البعيد ويحدد المؤسسات القادرة على الاستمرار على قيد الحياة". ويقول: "كلفة الانتاج والعمل تصل الى الربع في العالم العربي مقارنة مع اوروبا. وسوق الفضائيات تتجه الى مزيد من عمليات التخصيص والدمج. من هنا فان المؤسسات التي لا تستطيع ان تحسّن ماليتها لن تعرف كيف تستفيد من عمليات التحالف التي ستجري داخل السوق العربية، ومع المؤسسات الاعلامية الدولية التي ستبحث عن شركاء عرب يعرفون السوق التلفزيونية ويمسكون بها ويعرفون كيف يتوجهون اليها. لذا يعتبر حساب الكلفة حاسماً في اختيار موقع العمل وفي تحديد قدرة المؤسسات الاعلامية على الاستمرار". وكيف ستفيد دبي تلفزيون المستقبل؟ "دبي مهمة للغاية لأن الدمج في الخدمات فائق الاهمية. واذا ما تطورنا في هذا الاطار التاريخي الذي يتم فيه تقديم خدمات تفاعلية وان ندمج بين تأمين الخدمة عبر الانترنت ونقل المحتوى عبر التلفزيون في آن، فسنحقق سبقاً واضحاً. ووجودنا في منطقة دبي للانترنت سببه اقتناعنا بأنها شريك مثالي، وهي في الحقيقة مشروع شجاع ليس له مثيل في العالم العربي". وهل يعني ذلك، بالمقابل، ان بيروت خسرت القدرة على استعادة مكانتها كمركز اعلامي اول في العالم العربي؟ يجيب علي جابر: "لا اعتقد ذلك. صحيح انهم شرعوا في بناء منطقة اعلامية حرة قرب مطار بيروت الا انهم فعلوا ذلك متأخرين بعض الشيء. بيروت تحتاج اولاً الى تطوير قوانينها في شكل افضل على صعيد الاعلام المرئي والمذاع وان يتم تطوير موقع لبنان في هذه الصناعة لأن ما تحقق حتى الآن، على صعيد التعاطي الرسمي في هذا الصدد، لا يزال بدائياً للغاية".