قناة «تحت 35» التي بدأ أخيراً بثّها على موقع «يوتيوب»، هي مشروع أطلقه السوريان المخرجة إيناس حقي وزوجها الكاتب والسيناريست غسان زكريا. تستهدف القناة جمهور الإنترنت العربي عموماً، ومن هنا تأخذ تسميتها، إذ تراوح الفئة العمرية لهذا الجمهور بين 15 و35 سنة. وتقول حقي إن القناة «فرصة حقيقية لتقديم صورة عن جيل كامل لم يأخذ مكانته سابقاً، ونجاح الفكرة يكمن في شعور الشباب بأن هذا المنبر يمثلهم ويقدم صوتهم الذي خفت في السنوات الماضية، على رغم أنهم حملوا العبء الأكبر للثورات». تبدو شبكة الإنترنت الوسيلة الفضلى للشباب، سواء أرادوا تقديم أعمالهم من خلالها أو متابعة ما ينتجه شباب آخرون في أماكن مختلفة من العالم. ويشكل انعدام الرقابة المفروضة في المنطقة العربية أحد أهم أسباب توجّه المشاريع الشابة نحو الإنترنت كوسيلة عرض. وهنا تقول حقي: «كنا دوماً مع عدم وجود رقابة وإنما تقويم عمري، بمعنى أن من تجاوز الثامنة عشرة لا يحق لنا مراقبة ما يشاهده، أما رقابتنا فقائمة فقط على معاداة نشر ثقافة العنف والطائفية والقتل، بينما «التابوهات» قابلة للطرح والنقاش. وأشير هنا إلى أن الموضوع مهما كان شائكاً يمكن تناوله، بينما ستحكم المعالجة رغبتنا في عرضه من عدمها». تسعى قناة «تحت 35» إلى تقديم الأعمال الدرامية أيضاً، والتي كان لإيناس حقي وغسان زكريا تجربة لافتة فيها، خلال فترة إقامتهما في سورية قبل انتقالهما إلى بيروت. وعن اختلاف المحتوى الدرامي الذي يمكن أن يقدمه بين الدراما التلفزيونية والإنترنت، يقول زكريا: «لن يقتصر عملي عبر الإنترنت على الكتابة، بل سيمتد إلى الإنتاج وربما إلى الإخراج. ستكون الكتابة جزءاً مهماً من عملي. ضمن هذا السياق، ليس هناك قرار مسبق لدي في شأن ما سأكتبه، من حيث النوع الفني. فحتى الأعمال التاريخية لا تشكل نوعاً درامياً بحد ذاتها، بل هي تتألف من العناصر نفسها التي نجدها في غيرها من الأعمال: الصراع والشخصيات والأحداث، إلخ». ويضيف: «يمكن أن يكون العمل التاريخي كوميدياً أو اجتماعياً أو تشويقياً أو نفسياً، مستخدماً التاريخ كحكاية، عوضاً عن أحداث معاصرة. ما أطمح إليه هو كتابة أعمال جيدة تعبِّر عن رؤية وصوت لا يُعبَّر عنهما بما يكفي، وتستفيد من غياب الرقابة». تسعى القناة في محتواها للتعريف بمواهب وتجارب شابة في سورية والعالم العربي، وفي هذا السياق قدمت برنامج «بطاقة تعريف» الذي تقول عنه حقي: «بدأ المشروع برغبة في تغطية كامل الوطن العربي ومواهبه، لكن الإمكانات اللوجستية الآن لا تسمح لنا إلا بإنجاز ما هو متاح في محيطنا الجغرافي الحالي، إلا أننا نقدم هذا الشهر بطاقة تعريف من فلسطينالمحتلة، ونأمل في تغطية المزيد من الدول العربية لا سيما مصر والمغرب العربي». يعمل المشروع على إشراك هذه المواهب في ما سيقدمه من برامج وأعمال درامية، ويؤكد زكريا: «فتح الباب لتجارب كتابية (وإخراجية وتصويرية...) هو أحد أهداف القناة. وبالتالي لا يمكن للقناة إلا أن تكون مفتوحة للتجارب الشابة، ليس في المستقبل فقط، بل اعتباراً من الآن. فالشركة نفسها شابة، وفكرة العرض عبر الإنترنت في المنطقة، بل وفي العالم، شابة أيضاً. ومن صُلب هذه التجربة أن يساهم فيها الشباب». ويأمل زكريا أن «تشكِّل القناة منطلقاً للتعبير الحر، سواء كان ذلك من ناحية الأفكار أو من ناحية البنية الفنية. ولا يتوقف الأمر على التعبير بالكتابة، بل بالإخراج والتصوير والموسيقى وغيرها من جوانب العمل الفني السمعي البصري». تنحاز القناة في ما تقدمه إلى الثورة السورية والربيع العربي، إلا أن حقي ترى أنهم «كجهة منتجة لسنا قائمين على الإنتاج «الثوري» إنما كفنانين مؤسسين للمشروع منحازون بطبيعة الحال لحق شعبنا في الحرية والكرامة ولثورته النبيلة الطامحة إلى دولة مدنية ديموقراطية. وربما يؤثر هذا التوجه على المضمون لكننا نجد أنه من واجبنا كعاملين في الفن، التعبير عن طموحات جيلنا وأحلامه، والانحياز إلى الحرية والعدالة». وعن مستقبل المشروع يقول زكريا إن «هناك تصوُّراً مرناً وقابلاً للتعديل وفق الظروف المستقبلية للشركة/القناة. طموحنا النهائي كبير جدًا، وأعتقد أننا نخطو نحوه بتؤدة وعلى قدر الإمكانات. ما يمكنني تأكيده الآن أن الأعمال الدرامية ستكون مُكوِّناً رئيسياً في القناة».