فاجأت محكمة امن الدولة في تركيا المراقبين، أمس، إذ حكمت بالسجن لمدة عام بحق رئيس الوزراء الاسلامي السابق نجم الدين اربكان. كما غرمته مبلغاً يعادل نصف دولار اميركي. وجاء ذلك بعد ادانته بتهمة "التحريض على الفتنة الطائفية والعرقية" في خطاب القاه قبل أكثر من خمسة اعوام. ووصف مراقبون في انقرة الحكم بأنه "سياسي، جاء تحت ضغط المجموعة التي تعارض دخول تركيا للاتحاد الاوروبي"، اذ صادف زيارة المسؤول عن عملية توسيع الاتحاد الاوروبي غونتر فيرهويغن لانقرة وتأكيد الاخير على ضرورة تطبيق تركيا المعايير الاوروبية في ما يتعلق بالديموقراطية وحقوق الانسان، من اجل انضمامها الى الاتحاد. كما جاء الحكم قبل شهر من موعد مؤتمر عام لحزب الفضيلة الذي يشهد انقسامات في ظل صعود تيار شبابي داخله يطالب ب "التخلص من هيمنة اربكان" مؤسس حزب الرفاه المنحل الذي يعتبر "الفضيلة" وريثه الشرعي. وابلغت مصادر قانونية في انقرة "الحياة" امس، ان من حق اربكان استئناف الحكم مرة واحدة. وفي حال فشله، توقعت المصادر أن يسجن لمدة 4 اشهر و24 يوماً حسب القانون التركي، مشيرة الى ان قرار المحكمة حرم اربكان من طلب تخفيف الحكم او وقف نفاذه. وغاب اربكان عن جلسة النطق بالحكم، فيما صرح محاميه محمد انار بأن المحكمة اعتمدت على شريط فيديو دليلاً وهذا غير قانوني، اضافة الى أن الشريط ليس نسخة اصلية وربما خضع لعملية مونتاج. كما لاحظ انقضاء المهلة القانونية للادعاء وهي ثلاثة اشهر. وكانت المحكمة أجلت مرات عدة، النطق بحكم ضد اربكان بتهمة التحريض على الفتنة الطائفية والعرقية في كلمة القاها اثناء التحضير للانتخابات المحلية في محافظة بينغول في شباط فبراير 1994. وسجل الشريط كلام اربكان على الشكل الآتي: "اذا كنت مصرّاً على تكرار قول: انا تركي مجتهد ونزيه، فستعطي الحق لغيرك الآن ان يقول انا كردي نزيه واكثر اجتهاداً"، وذلك في اشارة الى وجوب عدم التعاطي مع الآخرين من منطلق عرقي. وعلى رغم ان كلمته هذه لم تثر في حينه محكمة امن الدولة وخرج حزب الرفاه في تلك الانتخابات بالنسبة الأعلى من الاصوات واصبح اربكان رئيساً للوزراء بعد ذلك، فإن الادعاء رفع القضية بعد سقوط حكومة الأخير وفي وقت تزامن مع الادعاء على حزب الرفاه في المحكمة الدستورية العليا. واستنكر زعيم حزب الفضيلة رجائي قطان هذا الحكم، قائلاً ان اربكان خدم تركيا50 عاماً ولا يستحق هذه المعاملة. كما شبه عبدالله جول، العضو البارز في الحزب، الحكم ب"الاعدام" الذي صدر بحق رئيس الوزراء التركي الاسبق عدنان مندريس ابان انقلاب عام 1960 .