انقضى القرن العشرون أو بالأحرى انقضت سنوات ال 1999 فأهدتنا فرصة ذهبية لممارسة هوايتنا التاريخية المفضلة "الوقوف على الأطلال". ورغم حرصي على هذه الميزة من باب الحفاظ على التراث خاصة ان الوقوف على الأطلال ولدّ في أدبنا روائع خالدة، فلم أكن في صفوف الواقفين على أطلال القرن المنصرم. ولم أكن أيضاً في صفوف الشق المقابل، أولئك الذين سارعوا بالاحتفاء بالقرن الجديد والتهليل بالحبر الوردي لما سيحمله من منجزات، وان كان ذلك مبكراً إذ لا تزال لدينا مهلة للتأمل والتدارك. فالقرن الجديد لن يبدأ الا بعد سنة حسب الفلكيين، وهي بالفعل فكرة مواتية لنا نحن العرب هواة "مهلة للتفكير" و"الفرصة الأخيرة" و"الوقت الضائع" و"… وغدا أمر" وما شابه ذلك من التعابير التي تزخر بها قواميسنا وتستسيغها السنتنا. على الهامش بين هؤلاء وأولئك حاولت الوقوف على سؤال وحيد. شيء وحيد كاد يدخل سجل المحرمات والمسكوت عنه مع أنه ليس بحاجة الى ترخيص خاص، شيء، على بساطته، عظيم وبالغ الأهمية: الحلم! بأي حلم ندخل القرن الجديد، الآن أو بعد سنة لا يهم، نحن الذين دخلنا القرن المنصرم بأحلام: "النهضة"، "الاستقلال"، "تحرير الشعوب"، "الوحدة"، "القوة الاقتصادية"؟؟ وحتى نظل في حضرة الحلم أدع عنكم وعني مهمة تقييم ما تحقق من هذه الأحلام وما تحطم، وما فعله الواقع بها والحكام، فهو موضوع لاكته الألسن واجترته الأشداق حتى بات ممجوحاً عديم الجدوى، ثم ليس هو بيت القصيد في هذه السطور، المهم هو الحلم! فنسيج التاريخ خيوطه الأحلام، كل الإنجازات العظيمة كانت في البداية أحلاماً، حتى ان مارتين لوثر كينغ فجر ثورة وغير وجه المجتمع الأميركي "حلمت حلماً I Have A Dream. ليت السنة المتبقية تسعفنا بحلم. أو حبذا لو كانت أحلاماً نطرد بها كابوس العولمة وهواجس الأصولية الإقصائية الدامية، والحداثة الهجينة الاغترابية، وعسى ألا يقابل حرصنا على الحلم والحث عليه ب"وحدات مقاومة الحلم والحالمين" و"جماعات تكفير الحالمين والحالمات" بتهم تعاطي الحلم السري و"الحلم في الطريق العام" و"الضبط في حالة حلم واضح" فتكون مفاجأة جديدة للقرن الجديد! كلثوم السعفي رئيسة القنوات العربية في شبكة "اوربت"