أشارت الصحف الاسرائيلية أخيراً الى أن وزارة الدفاع الاسرائيلية تسعى لشراء 20 مقاتلة ف -15 أي، ومروحيات هجومية طراز اباتش - لونغ بو المتطورة، بالاضافة الى صفقة قيمتها 150 مليون دولار للحصول على مروحيات اخرى هجومية طراز كوبرا المحسنة. وتأتي هذه الاخبار متناسقة مع ما تسرب من معلومات عن خطة تطوير القوات المسلحة الاسرائيلية خلال العقد المقبل حتى عام 2010 لا سيما القوات البرية بهدف بناء قوة طيران الجيش المستقلة عن السلاح البري الاسرائيلي، وهي الاستراتيجية التي تبناها إيهود باراك عندما كان رئيساً للاركان، وتنهض الاستراتيجية على فكرة مفادها ان القوات الجوية في الحرب المقبلة سيتعين عليها أن تقوم بمهمات متعددة يصعب تنفيذها كلها في المرحلة الاولى للحرب، أبرزها تحقيق السيادة الجوية بقصف المطارات ووسائل الدفاع الجوي المعادية في كل المواجهات والاعماق العربية التي قد تؤثر على اعمال القوات البرية، وحماية الاجواء الاسرائيلية، الى جانب تدمير وحدات الصواريخ البالستية العربية أرض - أرض التي يمكن ان تهدد العمق الاسرائيلي بأسلحة دمار شامل، ومنع قوات الدعم العربية من الوصول الى جبهة القتال. هذا بالاضافة الى مهمات اخرى مثل تدمير البنية التحتية، العسكرية والمدنية ابرزها المصانع الحربية والجسور ومحطات الطاقة. ومن ثم فإنه يتعين ان تستقل القوات البرية بقوة طيرانها طيران الجيش لكي تعتمد على نفسها في الحصول على المساندة النيرانية وتنفيذ عمليات الاقتحام الجوي، لا سيما وان القوات الاسرائيلية تنوي في حروبها المقبلة ان تطبق اساليب الحرب جو - برية القائمة على فكرة مهاجمة كل انساق العدو في وقت واحد، بمعنى ان تتولى القوات المدرعة مهاجمة دفاعات العدو الأمامية، بينما تتولى المقاتلات والهليوكبترات الهجومية والاقتحامية التعامل مع الدفاعات واحتياطياته المدرعة في العمق لمنعه من شن هجمات مضادة لاستعادة المبادرة او المواقع التي سقطت. تحديث أسراب المقاتلات تأتي رغبة اسرائيل في شراء 20 مقاتلة ف -15 أي في إطار خطة تستهدف إعادة تنظيم اسراب القتال في 24 سرباً باجمالي 1550 مقاتلة، تشكل الحديثة منها 76 في المئة من اجمالي طائرات القتال، وذلك بعد أن تحل المقاتلات ف -15، ف -16 بالتدريج محل المقاتلات سكاي هوك، كفير التي اوقف انتاجها. وليس متوقعاً ان يزيد عدد اسراب المقاتلات خلال العقد المقبل عن 24 سرباً. مع مراعاة عوامل التخصص الفني، والاحتفاظ بالهياكل التنظيمية والبشرية التي تتيح التوسع او التقلص داخل السرب عند الضرورة. واعلن قائد السلاح الجوي الاسرائيلي عن رغبة بلاده في الاعتماد مستقبلا على المقاتلة ف -15 أي لكونها مقاتلة حديثة بعيدة المدى، لتصبح عصب القوات الجوية الى جانب المقاتلة ف -16 ولان اسرائيل تدرك ابعاد الصراع الدائر في الكونغرس حاليا لاغلاق خط انتاج ف -15 تصنيع مكدونال دوغلاس في سانت لويس ولاية ميسوري بسبب قلة الطلبات لارتفاع ثمنها، قررت اسرائيل شراء 20 مقاتلة من هذا الطراز، بالاضافة الى 54 محركاً تحسبا لتوقف الانتاج في المستقبل. فحسابات قيادة السلاح الجوي الاسرائيلي تقوم على أساس ان نسبة التآكل في الطائرات المقاتلة خلال نشاطها العملي في وقت السلم تصل إلى ما بين 4-5 مقاتلات خلال عشرين عاماً، وترتفع هذه النسبة في وقت الحرب وطبقا لظروف القتال. وكان سلاح الجو الاسرائيلي استكمل في الشهور القليلة الماضية استيعاب 25 مقاتلة من هذا الطراز بهدف منع تآكل هذا النوع من المقاتلات الحديثة التي لا تزال القوات الجوية الاميركية تعتمد عليها. اما المقاتلة ف -16 التي وقعت اسرائيل العام الماضي صفقة لشراء 50 طائرة منها مع امكان شراء 60 طائرة اخرى من النوع نفسه هذا العام، فانه وبسبب التجارب والدراسات التي اجرتها اسرائيل على المقاتلة ف - 16 A/B في الثمانينات اثبتت انها متأخرة في منظومات تسليحها قياساً مع المقاتلات الروسية ميغ - 29 وسوخوي - 37 التي ينتظر ان تتسلح بها الجيوش العربية خلال العقد المقبل، اخضُعت هذه المقاتلة في عام 1991 لبرنامج تحديث واسع بعمر نصفي Midlife update/MLU وحلق النموذج الاولى منها في نيسان ابريل 1995. ويتوقع ان ينتهي تسليم تعاقداتها في عام 2003 بعد ان جعل برنامج MLU هذه المقاتلة متعددة المهمات، وقادرة على الهجوم الليلي جو / أرض بعد تزويدها برادار متنوع الاهداف ازداد مداه بنسبة 25 في المئة. ويستطيع هذا الرادار الاشتباك مع ستة اهداف في آن واحد، بالاضافة لتتبع عشرة اصداء رادارية اخرى في الوقت نفسه. وشمل التحديث ايضا دمج الصاروخ الجديد المتوسط المدى جو / جو آمرام في المنظومة نفسها وحصلت اسرائيل على 75 مقاتلة من هذا النوع إلا أنها تسعى للحصول في العقد المقبل على الطراز الجديد الجاري تطويره حاليا في مصانع لوكهيد وهو ف - 16 بلوك 60. وكانت دولة الاماراتالمتحدة طلبت في 12 ايار مايو 1998 التعاقد على 80 طائرة من هذا الطراز. وتسعى اسرائيل الى ضم ال 60 مقاتلة ف-16 من هذا الطراز الحديث، في العام الجاري. الا ان دوائر لوكهيد صرحت ان تسليم طراز ف - 16 بوك 60 لن يكون قبل 2002 وتتمتع هذه المقاتلة بآداء مماثل لاداء الطائرة تايفون وطائرة رافال ولكن بسعر اقل منهما. وعلى رغم مميزات الطراز الجديد بلوك - 60 لم تعرف بشكل دقيق بعد، إلا أن البعض يشير الى دمج خزانين سعة 1900 لتر لكل منها بطول الوصلات الجناح والبدن وبالتالي فان مداها قياساً مع ف - 16 العادية سيزيد الى معدل الثلث. كما ستزود برادار جديد هوائي الكتروني قادر على تتبع الاهداف الجوية من دون توقف في الوقت الذي تبحث عن طائرات اخرى، وكشف الاهداف الارضية. وتم ايضاً دمج منظومة FLIR للتصوير بالاشعة تحت الحمراء، لتعيين الاهداف ليزرياً والتسديد عليها، كما زودت الطائرة بتدابير الكترونية مضادة CEM، كذلك تحديث حجرة الطيار بدمج ثلاث شاشات كبيرة ملونة متعددة الاغراض. وللابقاء على مرونة الطائرة بوك 60 وسرعتها وآداء تحليقها المناسب، ستزود بمحركات بديلة اقوى من مثيلتها في بلوك -50 بحيث تؤمن دفعاً إضافيا بنسبة 15 في المئة. تحديث أسراب الهليوكبترات الهجومية في إطار تطوير اسراب الهليوكبترات الهجومية التي تعتبر عماد قوة طيران الجيش، ذكرت صحيفة يديعوت آحرونوت ان وزارة الدفاع الاسرائيلي تسعى لامتلاك طراز اباتشي لونغ بو كجزء من خطة لاستيعاب متطلبات ميدان القتال المستقبلي وتزويد 12 طائرة عمودية من الطراز نفسه بأنظمة رادار لونغ بو من بين 40 طائرة اباتشي تمتلكها اسرائيل، وذلك في إطار صفقة يصل حجمها الى بليون دولار، إذ تصل تكلفة تحديث هذه الطائرات الى حوالى 400 مليون دولار. أما المرحلة الثانية فسيتم فيها تحديث مزيد من الطائرات العمودية، وفي المرحلة الثالثة ستشتري اسرائيل طائرات أباتشي أكثر تقدماً. ويصل سعر كل نظام راداري الى حوالى 30 مليون دولار، وهي الانظمة التي يطلق عليها، لونغ بو وتمنح الطائرة قدرات خاصة تجعلها بمثابة صائدة الدبابات الاولى على مستوى العالم، لان امكاناتها على تحديد الهدف وتدميره تزيد سبعة اضعاف بالمقارنة مع أي طائرة اباتشي غير مزودة بهذا الرادار. وتعمل أباتشي في ميدان المعركة على هذا النحو: ترتفع الطائرة ويقوم جهاز الرادار خلال ثوان محدودة بعمل خريطة للمنطقة تحوي كل الاهداف الارضية لا سيما مركبات القتال المدرعة والرادارات المعادية، ولانها محملة ب16 صاروخاً مضاداً للدبابات هيل فاير فإن النظام الجديد يؤمن الدمج بين الرادار لونغ بو وبين الصواريخ المضادة للدبابات المزودة برؤوس قادرة على اصابة الاهداف بدقة عالية، وذلك بواسطة موجات ملليمترية وتوجه الصاروخ نحو الهدف، وبذلك يمكنها ان تشتبك مع 16 هدفاً في زمن قصير جداً، ثم يسارع الطيار بالهروب من اخطار الدفاعات المضادة للطائرات الارضية والجوية. ويمتاز هذا النظام الراداري الجديد بالقدرة على العمل نهاراً وليلاً وفي كل احوال الطقس والرؤية الرديئة. اصبح نظام لونغ بو مرغوبا بدرجة كبيرة في الجيش الاميركي، اذ ينوي تحديث طائرات الاباتشي وتزويدها بهذه المنظومة الرادارية الجديدة، لذلك صدقت وزارة الدفاع الاميركية على انتاج 800 منظومة لونغ بو، واضافة هذه المنظومة يستوجب فك اجزاء الطائرة واعادة تركيبها من جديد، بهدف تقوية المحرك واجزاء اخرى في الطائرة. الا انه على رغم الحماس الشديد لمنظومة لونغ بو فإن هناك بعض التحفظات المثارة حولها، ابرزها ان هذا الرادار ثقيل الوزن وكبير، الامر الذي يضع عراقيل امام تنفيذ الاباتشي للمهمات القتالية المنوطة بها، خصوصاً في ما يتعلق بسرعتها ومدى عملها وقدرتها على المناورة وخفة الحركة، هذا بالاضافة لمشكلة اخرى تتعلق بمدى الرادار. فطبقاً للبيانات التي نشرتها شركة بوينغ المنتجة للمنظومة، فإن مدى لونغ بو لا يزيد عن ثمانية كيلومترات، مما يضطر الطيار الى الاقتراب من منطقة الاهداف من اجل رصدها، وبالتالي يتعرض للدفاعات الارضية المعادية، وربما كان هذا هو السبب الرئيسي وراء امتناع الولاياتالمتحدة عن الزج بطائراتها اباتشي وعددها 24 التي ارسلتها الى مقدونيا اثناء حرب كوسوفو، خوفا من تعرضها لنيران الدفاعات الجوية اليوغوسلافية، خصوصاً بعد سقوط احداها اثناء التدريب هناك. بالاضافة الى هذا هناك اعتبار اقتصادي مهم يتمثل في ان ثمن كل صاروخ هيل فاير مضاد للدبابات 300 ألف دولار، ولذلك فإنه من اجل تزويد الاباتشي التي يملكها سلاح الطيران الاسرائيلي بصواريخ مضادة للدبابات من هذا الطراز، فإنه في حاجة الى موازنة تصل إلى 41.192 مليون دولار. والسؤال المطروح في دوائر وزارة الدفاع الاسرائيلية ورئاسة الاركان هو: هل تستطيع وزارة المالية ان تدبر هذا المبلغ لسلاح الطيران لشراء احتياجاته من الصواريخ، فضلا عن 400 مليون دولار لتحديث الهليوكبترات بنظام لونغ بو ليصبح اجمالي المبلغ المطلوب حوالى 600 مليون دولار؟ وهل بعد توقيع معاهدة سلام مع سورية كما هو متوقع بعد عدة اشهر، ستكون هناك حاجة الى هذا التسليح المتطور باهظ التكاليف؟ * لواء ركن متقاعد، خبير استراتيجي مصري.