} شاهد الروس رئيسهم فلاديمير بوتين يبكي للمرة الأولى عند تشييع استاذه و"عرابه" في السياسة اناتولي سوبتشاك، وأصر بوتين على المشاركة في مراسم الجنازة رغم ما أشيع عن محاولة لاغتياله في سانت بطرسبورغ، مؤكداً ان "الكلب لا يعض الا من يخافه". يعتبر اناتولي سوبتشاك، وهو استاذ سابق في كلية الحقوق، من رعيل "الديموقراطيين" الأوائل الذين تبنوا الاصلاحات وتحالف في بداية عهد البيريسترويكا مع الزعيم السوفياتي ميخائيل غورباتشوف ثم صار من معارضيه وعمل مع فريق الرئيس السابق بوريس يلتسن. وعند انتخابه محافظاً لبلدية لينيننغراد سانت بطرسبورغ حالياً تذكر سوبتشاك فلاديمير بوتين، أحد طلابه في الكلية الذي كان سرح لتوه من سلك الاستخبارات. واسند اليه الأخير مناصب عدة، كان آخرها نائب المحافظ للشؤون الاقتصادية. وصادف ان أفول نجم سوبتشاك تزامن مع بزوغ نجم بوتين. فبعد فشل الأول في انتخابات محافظ سانت بطرسبورغ لاحقاً وبدء ملاحقته قضائياً وهربه الى باريس، عرض على بوتين منصب مهم في ديوان الرئاسة فانتقل الى العاصمة ليبدأ درباً أوصله الى القمة. وعندما تربع على عرش الكرملين، مؤقتاً، عمل بوتين على إزالة عقبات تعترض عودة استاذه الى الوطن فألغيت الدعاوى المرفوعة في حق سوبتشاك، وغدا احد المشرفين على الحملة الانتخابية الرئاسية لبوتين. وأثناء جولة في اطار هذه الحملة أعلن عن إصابة سوبتشاك بنوبة قلبية قتلته على الفور. واكد الاطباء ان قلب سوبتشاك لم يحتمل. إلا أن أرملته النائبة لودميلا فاردسوف قالت انه "قتل" بسبب ملاحقته قضائياً واتهامه بالسرقة والرشوة. ورفضت ان يحضر محافظ سانت بطرسبورغ الحالي مراسم دفن زوجها لأنه "خائن" على حد تعبيرها، وهو الذي أدار حملة التشنيع ضده. وأصر بوتين على المشاركة شخصياً في تشييع "استاذه"، رغم ان الاجهزة الأمنية اكدت عملياً احتمال وقوع محاولات لاغتياله أثناء مراسم الدفن التي تعرف مواعيدها بدقة. ووصل بوتين الى سانت بطرسبورغ في وقت متأخر من مساء أول من أمس، ترافقه اعداد كبيرة من حراسه الشخصيين وفرقة "الفا" النخبوية لمكافحة الارهاب. واكد سيرغي رفيانوف الناطق الرسمي باسم جهاز الحماية الرئاسي ان الخطر على بوتين "موجود دائماً" واضاف ان مصدره هذه المرة "ليس رجلاً مختلاً عقلياً بل تنظيم من الارهابيين الدوليين الذين يملكون تمويلاً جيداً". وقال ان اجراءات "تختلف بوضوح عن المعتاد" اتخذت في سانت بطرسبورغ، لإحباط أي محاولة لتنفيذ تهديدات كان أطلقها القائد الشيشاني شامل باسايف الذي وعد ب2.5 مليون دولار لكل من يقتل بوتين. وعندما سئل عن احتمال اغتياله، قال بوتين انه "لا يحب الحديث في هذا الموضوع". وتابع ان هناك جهاز أمن يتولى المهمة، وشدد على انه شخصياً يعتبر ان "الكلب لا يعض الا من يخافه" في حين انه "يهز ذيله" حينما يشعر بأن من يقف الى جواره هو سيد الموقف. وتوجه بوتين وزوجته الى قصر مسجى فيه جثمان سوبتشاك ووقف أمام التابوت طويلاً ثم جلس الى جانب ارملته التي اسندت رأسها الى كتفه واجهشت في البكاء، وشاركها صاحب الكرملين الذي ذرف دموعاً على "عرابه" في السياسة.