حقق فلاديمير بوتين الذي يتوقع له المراقبون الفوز في الانتخابات الرئاسية بعد ثلاثة اشهر، شعبيته بفضل ادارته للعمليات العسكرية في القوقاز ورفضه الخضوع لضغوط خارجية وتحديات داخلية. الا ان الرأي العام في روسيا وخارجها لا يعرف الكثير عن حاكم الكرملين الجديد، فهو كتوم بطبعه وبحكم عمله في الاستخبارات سابقاً. وكان بوتين ولد عام 1952 في مدينة لينينغراد سانت بطرسبورغ حالياً التي وصل الكثيرون من ابنائها الى مراتب عليا في السلطة. وفي كلية الحقوق، درس على ايدي أناتولي سويتشاك الذي لعب لاحقاً دوراً بارزاً في البرلمان السوفياتي ثم صار محافظاً لسانت بطرسبورغ. وبعد تخرجه من الجامعة، التحق بوتين بلجنة امن الدولة كي. جي. بي وأُوفد الى المانياالشرقية حيث عمل تحت ستار منصب "نائب مدير دار الثقافة والعلوم" في مدينة درسدن. ويبدو انه واجه مشاكل هناك اذ لم يكافأ بعد عودته الى الوطن، كما كان يحصل لغالبية زملائه، بل عُين مساعداً لنائب عميد جامعة لينينغراد لشؤون الطلبة الاجانب، وهي وظيفة تعد "تافهة" لدى رجال المخابرات. واستقال بوتين من "كي. جي. بي" برتبة مقدم وبدأ يبحث عن موطئ قدم في الوضع الجديد. والتقى استاذه السابق سويتشاك الذي عُين مستشاراً ثم نائباً لمحافظ العاصمة الثانية. وقال بوتين الحملة الانتخابية التي خاضها سويتشاك لتمديد ولايته وخسرها بسبب صلاته الوثيقة مع اقطاب اليمين الراديكالي والاتهامات العديدة بتورطه في الفساد. وبعد السقوط المدوي لسويتشاك، ظل بوتين "معلقاً" وجاءته النجدة من رفيق سابق في العمل هو اناتولي تشوبايس الذي صار واحداً من اهم ركائز الرئيس بوريس يلتسن ومديراً لديوانه. وبعد فترة عمل قصيرة في الديوان، عين بوتين رئيساً لهيئة وزارة الأمن ثم سكرتيراً لمجلس الأمن القومي. وكانت تلك ترقية اشبه بالصاعقة لمقدم سابق في المخابرات. الا ان ذلك التعيين كان البداية، اذ سرعان ما اسندت اليه رئاسة الحكومة في آب اغسطس واعتبره الكرملين "الضالة المنشودة" بعد سلسلة من الاخفاقات والخيبات. وكان "الحظ" حليفاً لبوتين اذ تزامنت بداية عهده مع هجوم قاده شيشانيون على أراضي داغستان وانفجارات حصلت في موسكو ومدن روسية اخرى، اتُّهم الشيشانيون بتنظيمها. وكان ذلك ذريعة لبدء "حملة مكافحة الارهاب" وهو الاسم الذي يطلق على الحرب الشيشانية التي يديرها بوتين على خلفية تأييد شعبي قوي. وعلى الصعيد الاقتصادي حالفه الحظ مرة اخرى بارتفاع اسعار النفط والمعادن، ما ادى الى تحقيق نمو اقتصادي متواضع. لكنه كان الأول من نوعه منذ عشر سنوات. واستكملت دورة الحظ بفوز كتلة "الوحدة" المؤيدة لبوتين في الانتخابات البرلمانية الاخيرة. كل ذلك يجعل لبوتين فرصاً قوية للفوز في الانتخابات وتأمين "سلامة" يلتسن وعائلته والمقربين اليه. وأبلغ الى "الحياة" مصدر برلماني ان بوتين تعهد بإبقاء الكسندر فولوشين مديراً للديوان الرئاسي ما يضمن "استمرارية" العهد، ولم يستبعد المصدر ان تسند رئاسة الحكومة الى اناتولي تشوبايس بعد انتخابات مبكرة تجري في آذار مارس المقبل. الا ان مراقبين لم يستبعدوا ان يسعى بوتين لاحقاً الى البرهنة على استقلاليته عن "العائلة" باستبعاد بعض رموزها عن مراكز صنع القرار واجراء حملة مناقلات تكون مفاجئة للجميع.