دفعت المواجهات الطائفية شمال نيجيريا البرلمان الفيديرالي في ابوجا الى عقد اجتماع لتدارس قضية اعتماد الشريعة في الولايات الشمالية ومدى شرعية ذلك وانعكاسه على المسيحيين هناك. وهي المرة الاولى التي يناقش البرلمان النيجيري هذا الموضوع في ظل عتب المسيحيين على الرئيس النيجيري لانه "لم يتحرك" باعتباره ابن طائفتهم، فيما اعلن ان ولاية ثالثة في الشمال تبنت الشريعة. واظهرت حصيلة جديدة لضحايا المواجهات سقوط أكثر من مئة قتيل منذ اندلاعها مطلع الاسبوع. كادونا، لاغوس - أ ف ب، رويترز - استمر التوتر في مدينة كادونا شمال نيجيريا امس الاربعاء، رغم انتشار كثيف لقوات الجيش والشرطة في محاولة لاحتواء المواجهات الطائفية الناجمة عن مشاريع لاعتماد الشريعة في الولاية حيث يتمتع المسلمون بغالبية ضئيلة. وأبلغ ضابط في الشرطة وكالة "فرانس برس" ان اكثر من مئة قتيل سقطوا في المواجهات التي اندلعت في 21 الشهر الجاري في المدينة اثر تظاهرة للمسيحيين قوبلت بموقف عنيف من المسلمين. وقال الضابط : "رأيت اكثر من مئة قتيل. قتلوهم واحرقوهم ... انهم يقتلون مثل المجانين". وأشار أيضاً الى وقوع مئات الجرحى. واستفاد سكان المدينة من "هدوء نسبي" خيم فيها صباحاً لنقل الجرحى وجثث القتلى الى المستشفيات والعيادات. وافاد طبيب في المستشفى العام في كادونا ان مشرحته تضم اكثر من 40 جثة، فيما استقبل المستشفى اكثر من مئة جريح. ونقلت جثث اخرى الى المستشفى الكاثوليكي حيث عولج 60 شخصاً من جروح اصيبوا بها. وافادت مصادر طبية ان القائمين بالاعتداءات كانوا يدهمون المنازل مسلحين ببنادق وسواطير. وظل دوي اطلاق نار متقطع مسموعاً في ضواحي المدينة لليوم الثالث على التوالي امس، فيما اخفقت قوات الجيش والشرطة في وقف اعمال العنف المتفرقة، ركزت جهودها للحيلولة دون وقوع مواجهات كبرى واعتداءات على مراكز دينية. وأصدرت الرئاسة النيجيرية بياناً مساء اول من امس، نقلت فيه عن الرئيس اولوسيغون اوباسانجو قوله ان "التدمير الغاشم للأرواح والممتلكات في المدينة كان يمكن تفاديه لو ان زعماء الطائفتين التزموا بنداءات سابقة من اجل السلام والتفاهم المتبادل". وواجه الرئيس النيجيري وهو مسيحي انتقادات من طائفته التي اكد اركانها ان تطبيق الشريعة على مستوى الولايات يمثل انتهاكا للدستور الفيديرالي. وجاء ذلك بعدما اعرب العديد من مسلمي شمال نيجيريا حيث يشكل المسيحيون حوالى عشرة في المئة من السكان، عن رغبتهم في تطبيق الشريعة للحد من الفساد وظواهر الجريمة التي تفشت في الاعوام الاخيرة من حكم النظام العسكري. ودعي مجلس النواب الفيديرالي في ابوجا الى عقد جلسة طارئة للبحث في قضية تطبيق الشريعة. ولم تتوفر على الفور تفاصيل عن المناقشات البرلمانية التي توقع كثيرون ان تكون حامية ويتخللها تراشق بالاتهامات. وهذه المرة الاولى التي يناقش البرلمان النيجيري هذه القضية. وفي غضون ذلك، تبنت ولاية سوكوتو في شمال غربي نيجيريا اول من امس، الشريعة الاسلامية على غرار ولايتي زمفرا شمال والنيجر وسط، حسبما نقلت الصحف النيجيرية امس، عن حاكم الولاية اتاهيرو بافاراوا. ووقع حاكم الولاية القانون، معلناً البدء بتطبيق احكام الشريعة في 29 أيار مايو المقبل، بغية اتاحة الوقت لاقامة المؤسسات الضرورية، حسبما افادت صحيفة "ذي غارديان". ونقلت الصحف عن الحاكم قوله: "اعلنت في وقت سابق عن عزمنا على تأمين كل البنى اللازمة بغية ضمان التطبيق الفاعل للشريعة في كل الولاية". واشار الى ان تبني الشريعة "يستجيب لحاجات الافراد باعتبار ان سوكوتو تمثل مركز نشر الاسلام في نيجيريا". ويشار الى ان ولاية سوكوتو التي تضم قبر القائد المسلم الكبير عثمان دان فوديو تضم غالبية من المسلمين وتعتبر بمثابة معقل الاسلام في نيجيريا. ويعتبر سلطان سوكوتو بمثابة الزعيم الاول للمسلمين في نيجيريا. وكانت ولاية زمفرا تبنت الشريعة في تشرين الاول اكتوبر الماضي. ودخلت حيز التنفيذ في 27 كانون الثاني يناير الماضي. وكان حاكم ولاية النيجر عبدالقادر كوري وقع اول من امس قانون تبني احكام الشريعة التي ستطبق رسميا في الولاية في الرابع من ايار مايو المقبل. واكد حاكم الولاية ان الشريعة ستطبق على المسلمين وحدهم في حين ان المسيحيين لن يواجهوا مضايقات. وتدرس ثلاث ولايات اخرى هي كادونا وكانو ويوبي في الشمال، تبني الشريعة الاسلامية.