فتح نجاح اطلاق "الفرقاطة" الفضائية الروسية مطلع هذا الشهر عصراً جديداً في الفضاء. يشير الى ذلك اسمها البحري "الفرقاطة" Fregat وتصميمها الفريد وقدرتها على العودة الى الأرض والتحليق في الفضاء من جديد. وتستمد "الفرقاطة" سمعة جيدة من العمر الطويل لمحطة الفضاء الروسية "مير". المحطة العجوز التي هجرها أصحابها بعد أن اصيبت بحروق وتجمدت "عروقها" وخدش تراب المذنبات سطحها واصيبت بحادث اصطدام ووقع فيها حريق، مع ذلك عثرت على من يشتريها قبل الدفن. وأعلنت الشركة الأميركية الروسية "ميركورب" التي اشترتهاعن خطط لتحويلها الى منصة اعلانية وفندق سياحي وورشة لاصلاح الأقمار الاصطناعية. "الفرقاطة" نجح الاطلاق التجريبي للفرقاطة الروسية في مطار "بايكونور" الفضائي في كازاخستان في التاسع من الشهر الحالي. وذكر متحدث في "مؤسسة لافوشكين للانتاج العلمي" التي قامت بتصميم الفرقاطة أنها ستحدث ثورة في صناعة الطيران الفضائي. وقال مدير التصميم في المؤسسة فاليريان بايكين أن "الفرقاطة" تمثل أحدث تطورات تكنولوجيا الصواريخ. تملك المحطة تصميماً مدمجاً ونظام توجيه ثلاثي المحاور وقدرة على تشغيل ووقف المحركات مرات عدة خلال التحليق. وتتميز الفرقاطة إضافة الى ذلك بالقدرة على العودة الى الأرض والتحليق من جديد. ويخطط الروس لاطلاق تجريبي ثان الشهر المقبل. وفي حال نجاح التجربة يتم اطلاق مركبتين خلال الصيف تحملان معدات لوكالة الفضاء الأوروبية "إيسا". تعمل الفرقاطة كعربة شحن، وترفع حمولة تزيد عن طنين الى ارتفاع ألف و400 كلم ويمكنها رفع حمولة أخف الى ارتفاعات أعلى. وتملك الفرقاطة جهاز كبح قمعي الشكل يتيح لها العودة الى الأرض بعد انتهاء مهمتها في الفضاء، كما يساعد على تخفيف صدمة هبوطها الى الأرض. ويساعد جهاز الكبح أيضاً على دعم نظام مظلة الهبوط في حالات الطوارئ وتأمين العودة بسلام الى الأرض. وذكر فلاديمير يافانوف، نائب مدير مشروع "الفرقاطة" في "مؤسسة لافوشكين" أن الفرقاطة يمكن أن تطلق بواسطة جميع أنواع الصواريخ المستخدمة في برنامج الفضاء الروسي، وقال أن تصميمها شمولي ويمكن استخدامها مع صواريخ بروتون وزنيت وسويوز ودنيبر، وكان تحليقها هذا الشهر على متن "سويوز". مواطنو الفضاء وتستفيد الفرقاطة من سمعة محطة الفضاء الروسية "مير"، التي تبدأ مرحلة جديدة ومثيرة من حياتها المديدة. بلغت "مير" 13 سنة من العمر أي نحو ضعفي فترة التشغيل المقررة لها. مع ذلك وجدت من يشتريها ويوقف خطة ردمها في الفضاء الصيف المقبل. وأعلن المسؤولون عن الشركة الروسية الأميركية المختلطة "ميركروب" عن خطط لتحويل المحطة الى فندق للسياح الأثرياء الموفوري الصحة، بما يكفي للقيام بنزهات فضائية والتمتع بمشاهدة الكرة الأرضية من بعيد. تساهم في مشروع "مير" مؤسسة الفضاء الروسية "إنرجيا" وشركة الاستثمارات المالية الأميركية "غولد إند أبل"، إضافة الى شركات بريطانية صغيرة. ويفضل المستثمرون اطلاق اسم "مواطني الفضاء" بدلاً من "سياح" على المشاركين في الرحلات السياحية. وذكروا أن أول الأشخاص سجلوا للرحلة المقبلة وسيخضعون للفحص النفسي والبدني للتأكد من لياقتهم البدنية وشغفهم بالمغامرات الفضائية. وذكر القائمون على المشروع من الجانب الأميركي أنهم وظفوا فيه نحو 30 مليون دولار وسيحتاج المشروع الى 150 مليون دولار إضافية لتأهيل "مير" للخدمة. ويغطي التمويل الأولي بعثة رواد فضاء مقررة الى المحطة الشهر المقبل. تستغرق البعثة فترة 45 يوماً وهدفها فحص المحطة ووضع تقرير عن الاصلاحات التي تحتاج اليها. للتجارة والعلم فقط! وذكر رجل الأعمال الأميركي جيفيري مانبر رئيس شركة "ميركروب" أن المحطة تساوي ما بين بليونين وأربعة بلايين دولار، وتوقع أن يحقق طرح أسهم "مير" في الأسواق موارد كبيرة. وتحدى رجل الأعمال وكالة الفضاء الأميركية "ناسا" ووكالات الفضاء الحكومية الاخرى، وقال "نحن نريد أن نطلق المخيلة الواسعة للقطاع الخاص". وينتظر أن يحقق المشروع موارد عن تأجير "مير" لبحوث تجارية خاصة بتطوير أدوية ومواد جديدة يمكن انتاجها في ظروف انعدام الوزن. وتخطط الشركة أيضاً لاستخدام المحطة كورشة لتصليح الأقمار الاصطناعية التي تتعرض الى مشاكل، وأعلنوا أيضاً عن تأسيس مواقع في الانترنت لعرض صور ملونة مباشرة للكرة الأرضية يجري بثها من كاميرات في "مير". وتؤكد مؤسسة صناعة الفضاء الروسية "إنرجيا" أن محطة "مير" سليمة ويمكنها العمل سنوات قادمة. وتمثل "مير" بالنسبة للروس رمز عصر الفضاء الذهبي الغابر مع الاتحاد السوفياتي. وينص اتفاق تأجيرها للمشروع التجاري على توفير نسبة معينة من نشاط المحطة للباحثين الروس دون مقابل. ولا يتسع هذا الامتياز للمسؤولين الحكوميين الروس الذين ينبغي أن يدفعوا مقابل استخدامهم للمحطة. كما يُحرّم المشروع استخدام المحطة لأي أهداف عسكرية. وقال جيفري مانبر "نحن نعرف أن الروس لا يريدون أن يأتي الأجانب ويأخذون محطتهم الفضائية منهم. لكننا نقول لهم: هذه محطتكم، وهذه شركتكم ودعونا نعمل معاً".