محطة الفضاء الروسية العجوز "مير" برهنت على صحة حكمة فارس الأمل الأسباني دون كيشوت "أهم شيء في الحياة هو أن تواصل البقاء. فحتى الموت كلها حياة". وقد بقيت المحطة، التي بنيت عام 1986 تواصل العمل حتى بعد انهيار النظام السياسي والاقتصادي الذي بناها، واندلاع النيران فيها، ودورانها اللولبي حول نفسها خارج نطاق السيطرة. وها هي تستعد، رغم تحذير الخبراء الصيف الماضي من كارثة سقوطها لاطلاق مرايا تضيء الكرة الأرضية. مرايا عملاقة يبلغ قطر دائرتها 25 قدماً تنفتح ليل الأربعاء القادم عاكسة نور الشمس فوق مدن شمال أوروبا وأميركا. تحمل المرايا حافلة الشحن الفضائية "بروغرس" التي تنقل المؤونة والمواد من والى "مير". وستشرع "بروغرس" حال الابتعاد عن المحطة بالدوران بالمرايا ناشرة إياها على شكل مظلة محلقة في الفضاء. وسيتحكم الرواد الموجودين على متن "مير" باتجاه المرايا بواسطة مقود شبيه بقضيب "جوي ستيك"، الذي يستخدم في ألعاب الفيديو. ويقدر قطر البقعة المضيئة التي ستقطع سطح الكرة الأرضية ما بين 5 و7 كلم. وقد لا ينتبه سكان المدن الغارقين في النوم الى الضوء الذي يمر فوق منازلهم، لكن يُنصح اللصوص والعشاق المختبئين تحت جنح الظلام بالحذر من المرايا التي تعادل درجة إضاءتها نحو 10 أقمار بدر التمام. تستمر التجربة فترة ما بين 18 و24 ساعة، وسيدعم نجاحها مشروع اطلاق مرآة أكبر قد يبلغ قطرها 70 متراً ويعادل ضوؤها 100 بدر. ويهدف المشروع الى استخدام المرايا الفضائية لإضاءة مناطق الكوارث وعمليات الاغاثة والأماكن التي تتعرض لانهيار خدمات الكهرباء ومواقع الانشاءات والمناطق النائية. وتدرس مؤسسة الفضاء الروسية "إنرجيا" التي تشرف على المشروع خططاً لأطلاق عناقيد من المرايا الكبيرة في المستقبل لتقليل الحاجة الى إضاءة شوارع المدن والقرى. وسبق للروس أن قاموا بتجربة مماثلة في هذا الوقت بالذات من 1993. وسيعزز نجاحها للمرة الثانية مواقع "مير" التي قررت الحكومة الروسية الاسبوع الماضي تمديد فترة عملها 3 سنوات اخرى. وقد أثار القرار استياء الأميركيين، وطالب بعض أعضاء الكونغرس بابعاد روسيا عن مشروع المحطة الدولية الجديدة بدعوى عجز الروس عن تسيير محطتين في وقت واحد. وعلق أول ممن أمس ناطق في "إنرجيا" على هذه الاتهامات بأن موارد مؤسسة الفضاء الروسية "موزعة بطريقة لا يمكن من الناحية الفنية أن ىؤثر مشروع في آخر".