شهدت الانتخابات التكميلية لدائرة "العديلية" في الكويت ليل الخميس مفاجأة كبيرة، إذ تفوق المرشح المستقل جمال حسين العمر على مرشحي التيارات السياسية، وعلى الوزير السابق أحمد الكليب، وفاز بمقعد الدائرة في مجلس الأمة البرلمان. ويدرس بعض التيارات السياسية القيام بخطوات للاحتجاج على ما يعتبره تغاضياً من السلطات عن عمليات واسعة لشراء الأصوات. نال المرشح جمال العمر 38 سنة، الذي يوصف بأنه قريب إلى الحكومة، 873 صوتاً متقدماً على مرشح "الحركة الدستورية الإسلامية" الدكتور جاسم إبراهيم العمر من عائلة أخرى ب75 صوتاً، ما شكل خسارة مهمة للحركة التي كانت ترى نفسها الأوفر حظوظاً في كسب المقعد الذي خلفه النائب الليبرالي المخضرم سامي المنيس بوفاته قبل ثلاثة شهور. وخسر الوزير النائب السابق أحمد الكليب فرصة مهمة للعودة إلى الحياة السياسية، وجاء ثالثاً ب629 صوتاً. أما النائب السابق الدكتور ناصر صرخوه فجاء رابعاً ب494 صوتاً، وهذه نتيجة محبطة للتيار الإسلامي الشيعي الذي يمثله، إذ حصل على أقل من ثلث أصوات الناخبين الشيعة وبفارق غير كبير عن النائب الشيعي السابق عباس الخضاري 400 صوت وصوت الذي يعتبر قريباً إلى الحكومة. ولفت مراقبون تابعوا فرز الأصوات ليل الخميس إلى أن الناخبين الشيعة، خصوصاً في منطقة "الجابرية" التابعة للدائرة، منحوا ما لا يقل عن مئتي صوت للسني جمال العمر، ما مكّنه من التفوق على المرشحين السنيين الآخرين جاسم العمر وأحمد الكليب، وهو تطور لم يكن متوقعاً. أما مرشح "المنبر الديموقراطي الكويتي" يوسف الشايجي فجاء خامساً ب447 صوتاً، وقال ليبراليون من المنبر إنهم يعتبرون هذا الرقم بداية لا بأس بها للشايجي الذي يترشح للمرة الأولى خلفاً لنائب المنبر الراحل سامي المنيس. ولكن يمكن القول إن العشرة في المئة منؤ الأصوات التي حصل عليها الشايجي تمثل الثقل الفعلي لليبراليين في الدائرة. وقال إسلاميون ل"الحياة" إن اختيار التيار السلفي التقليدي جمعية إحياء التراث توجيه دعمه إلى الوزير السابق أحمد الكليب بدلاً من جاسم العمر الذي يدعمه باقي المجموعات الإسلامية، كلّف الأخير فرصته الأخيرة لبلوغ مجلس الأمة، إذ أنه خسر الانتخابات عامي 1996 و1999 ولن يراهن الإسلاميون عليه مرة رابعة. وتعتبر نتائج "العديلية" انتكاسة حقيقية للتيارات السياسية في الكويت، ما سيدفعها لمراجعة هذه النتائج والتحرك - كما قال ل"الحياة" مصدر في أحد التيارات - للطعن فيها على أساس ما أثير من معلومات عن عمليات واسعة لشراء الأصوات جرت خلال الأيام الأخيرة، وتكشفت مساء يوم الانتخاب، حتى أن مجلة "الطليعة" نشرت في عددها الأخير أن سعر الصوت بلغ 500 دينار 1650 دولاراً. لكن الخبرة السابقة في الانتخابات الكويتية تشير إلى أن من الصعب اثبات جريمة شراء الصوت الانتخابي، بقرائن مادية قاطعة يمكن عرضها على القضاء، لأن الشراء يتم نقداً ومن دون كشف هوية الطرفين. والجهة الأكثر قدرة على رصد جريمة الشراء وضبطها هي سلطات الأمن التي لم تعلن حتى أمس ضبط أي جريمة من هذا النوع. وكان الإسلاميون وزعوا قبل أيام فتاوى تحرم بيع الصوت الانتخابي، ولكن يبدو أن الراغبين في البيع لم يترددوا عن ذلك حتى في شهر رمضان.