افتتحت في مدينة نيس الفرنسية امس، قمة الاتحاد الاوروبي الهادفة الى اصلاح مؤسساته قبل توسعه ليضم مزيداً من الدول. وفيما عكف القادة المشاركون على البحث في خلافاتهم والمشاكل المشتركة التي تواجه دولهم، اتسع خارج مقر القمة نطاق التظاهرات الحاملة مطالب متعددة بدءاً بالعدالة الاجتماعية وصولاً الى مناهضة العولمة. وتحولت التظاهرات الى مواجهات دامية مع رجال الشرطة الفرنسيين. نيس فرنسا - "الحياة"، ا ف ب - كانت مدينة نيس الساحلية جنوبفرنسا امس، مسرحاً لمواجهات بين الشرطة ومتظاهرين توافدوا اليها للتعبير عن مطالب عدة، بدءاً بتحقيق العدالة الاجتماعية واصلاح السياسات الاقتصادية ومناهضة العولمة، وصولاً الى المطالب الانفصالية لبعض سكان الدول الاوروبية. ولكن هموم القادة المشاركين في القمة تركزت على اصلاح مؤسسات الاتحاد الذي يضم 15 دولة، تمهيداً لتوسيع نادي المنتسبين اليه. وانبثق عن ذلك، اكثر المشاكل صعوبة في المحادثات وهي اقتسام الدول الاصوات داخل الاتحاد لتقرير السياسات التي سيتبعها. وقبل الانكباب على مناقشة الاصلاحات، واجه المؤتمرون مواضيع عالقة لا تقل اهمية، بدءاً بانتشار آفة جنون البقر وصولاً الى اقتراح قوانين جديدة لانتقال لاعبي كرة القدم، مروراً برفع معايير الامان لناقلات النفط. وأجمع محللون على ان نجاح قمة نيس في الاتفاق على اصلاح مؤسسات الاتحاد، امر "لا بد منه" لضمان مستقبله، فيما تواجه الدول ال15 الاعضاء في الاتحاد وضعاً حرجاً امام احتمال تقديم تنازلات او تقاسم مسؤولية فشل تاريخي. وعشية افتتاح القمة، ظلت كل دولة تتمسك بمواقفها بينما لم يخف معظم القادة الاوروبيون قلقهم، على رغم رفضهم تقديم التنازلات والتسويات، متحججين بالمصالح الوطنية او الرأي العام في بلدانهم. وعبّر ديبلوماسيون عن تفاؤل حذر حيال التوصل الى اتفاق في ختام القمّة المتوقّع يوم الاحد المقبل. وشارك في الجلسة الافتتاحية للقمة رؤساء الدول الراغبة في الانضمام الى الاتحاد ورؤساء حكوماتها وقد تعززت آمالهم في موافقة وزراء خارجية دول الاتحاد على تكثيف المحادثات معهم وتحديد هدف المباشرة بالتفاوض مع اول المنتسبين في نهاية عام 2002. وذلك يعني انه بعد المصادقة البرلمانية اللازمة، سيشهد الاتحاد انضمام اول دفعة من الاعضاء الجدد بحلول كانون الثاني يناير 2004. ويذكر ان محادثات الانضمام تمضي قدماً مع قبرص واستونيا وسلوفانيا وهنغاريا، تليها بولندا وتشيخيا ومالطا. كما ينضم الى القمة رئيس الوزراء التركي بولند اجاويد الذي صادق الاتحاد الاوروبي الاثنين الماضي على خطوط انضمام بلاده، لتصبح الدولة الثالثة عشرة التي تفاوض على العضوية الكاملة في الاتحاد. تظاهرات وفي غضون ذلك، انتشر مئات من رجل الامن الفرنسيين خارج مقر الاجتماع لتفادي اتساع نطاق الشغب في الشوارع الذي اقدم عليه المتظاهرون باختلاف انتماءاتهم. وسد الشوارع، آلاف المتظاهرين المنتمين الى النقابات العمالية والمزارعين الساخطين وبعض الانفصاليين الباسكيين والايطاليين. وتمكن المعارضون للعولمة من الوصول الى أبواب قصر المؤتمرات "الاكروبوليس" حيث كان الرئىس الفرنسي جاك شيراك ورئىس الحكومة ليونيل جوسبان يستقبلون الوفود المشاركة في القمة. واضطرت الشرطة الفرنسية لاستخدام الغاز المسيل للدموع، لتفريق المتظاهرين، لكن هذا الغاز تسرب الى نظام تبريد قصر المؤتمرات. وأعلنت الدول ال15 امس، ميثاق الحقوق الاساسية لأوروبا، الذي يتضمن مجموعة القيم التي تستند اليها الهوية الاوروبية، والذي اعد في اطار مفاوضات استغرقت سنة بين ممثلي الحكومات والبرلمانات الوطنية والبرلمان الاوروبي. وأثار هذا الميثاق غضب المتظاهرين في نيس الذين طالبوا بأوروبا مختلفة، فيما طالب آخرون بوحدة اوروبية تولي المسائل الاجتماعية اهمية اكبر. وافادت الشرطة الفرنسية ان 16 عنصراً من قوى الامن اصيبوا بجروح، بينهم واحد بحالة الخطر خلال مواجهات عنيفة بين الشرطة والمتظاهرين المناهضين للعولمة. ووقعت اعمال شغب خلال التظاهرات وتم تحطيم العديد من واجهات المتاجر والمصارف ووكالات بيع السيارات، وشركات ومؤسسات اخرى . كما قام بعض المتظاهرين بكتابة شعارات على الجدران ورفعوا يافطات بمطالبهم. وكانت الناطقة باسم الرئاسة الفرنسية لأوروبا كاترين كولونا وصفت الرهان الذي تنطوي عليه قمة نيس بأنه بالغ الأهمية وقالت إن الدول ال15 الأعضاء في الاتحاد الأوروبي يتحملون مسؤولية مشتركة في بناء أوروبا المستقبل. فالقمة الأوروبية ستبحث في توسيع الاتحاد بحيث يرتفع عدد اعضائه من 15 حالياً الى 28، وفي كيفية التوصل الى اتفاق حول إصلاح المؤسسات الأوروبية، لكي تصبح قادرة على إدارة شؤون اوروبا السياسية كمجموعة دول موحدة.