غيرت الاجواء الشتوية الباردة الكثير من الطقوس الرمضانية في المنطقة الغربية من المملكة العربية السعودية. وزادت الحركة على كورنيش جدة حتى بات مقصداً للعائلات السعودية والمقيمة لتناول افطارهم في الهواء الطلق وقرب نسمات البحر الباردة بعدما كانت الرطوبة والحرارة احياناً تحرمانها من هذا الافطار الخارجي. ولم يكن الشتاء هو الوحيد الذي غير من طقوس رمضان هذا العام بل ان الفضائيات هي الاخرى غيرت جذرياً في مفاهيم كثير من السعوديين والمقيمين بعدما استوردوا ظاهرة الخيام الرمضانية التي نشأت اساساً في مصر ومن ثم انتقلت الى الشام، وعبر الفضائيات انتقلت الى السعودية ودول الخليج وأضحت الفنادق والمطاعم الكبيرة فيها تتسابق وتتنافس لكسب العملاء. وتتنافس المطاعم والمنتزهات العائلية المنتشرة في جدة على جذب الصائمين بطرق تسويقية مختلفة بيد ان كثيراً منها لم ينجح الا في جذب القليل من هؤلاء الصائمين لمواصلة أسعار تلك المطاعم ارتفاعها السنوي وبصورة عالية. ظاهرة الافطار في المطاعم او الفنادق في السعودية بدأت بداية خجولة وبأسعار متدنية لكن الاقبال الاول عليها زاد من الأسعار لتصل وجبة الافطار في رمضان الجاري الى ما بين 50 و70 ريالاً من دون حساب 15 في المئة خدمة. وكتشديد على انصراف كثير من الناس عن الافطار في المطاعم تجد الكثير منها وقبيل الافطار بقليل خالية من الرواد، بعكس الشاطئ الذي لا تجد فيه مكاناً كون العائلات تختار افطارها المعد في المنزل وتذهب به الى البحر من دون ان تصرف كثيراً على الافطار. ولا تكتفي المطاعم بالحسومات التي تصل الى خمسين في المئة وهي في الواقع الاسعار نفسها التي كانت سائدة قبل رمضان بل هي تنشر عمالها على الشارع الرئيسي لاصطياد الزبائن بتقاليد رمضان مثل حمل القناديل والفوانيس الرمضانية واعتمار الطرابيش الحمر ودلاّل القهوة وغيرها من وسائل الجذب بيد ان اطرفها كان ما قدمه احد المطاعم بعرضه الذي يقول "الافطار عليك والسحور علينا"، اي ان الزائر لن يدفع الا كلفة الافطار فيما يتحمل المطعم قيمة السحور. وتقدم بعض المطاعم مسابقات وجوائز عينية تشمل تذاكر سفر الى مصر غالباً، إضافة الى اجهزة كهربائية ومنزلية وغيرها. ولم يتوقف الامر عند المطاعم التقليدية بل ان مطاعم البيتزا دخلت في المنافسة واصبحت تقدم شطائر الى جانبها هدايا لكل فاتورة شراء بحسب رغبة الزبون الصائم. ويزداد انبعاث اعمدة الدخان المنبعثة من شيش المعسل في المطاعم المطلة على البحر بعد الفراغ من صلاة المغرب حتى تقترب صلاة العشاء ومن بعدها التراويح. في المقابل تتزايد المطاعم التي تنشأ في رمضان في جوار الاسواق او المراكز التجارية لبيع مأكولات ومشروبات رمضان مثل "القطايف" و"الكنافة" و"البسبوسة" و"السوبيا" والاخيرة تحديداً لها في الحجاز سمعة واقبال وعملها يقتصر على السعوديين وفي رمضان تحديداً. وكما تمتلك "السوبيا" شعبية فإن طوابير الحصول على الفول و"التميز" رغيف شعبي افغاني الاصل في مكةوالمدينةوجدة تظهر بعد صلاة العصر مباشرة ولا تنتهي الا مع موعد الافطار، اي ان الطوابير تستغرق نحو الساعتين للحصول على الفول الذي تضاربت الانباء حول استهلاكه اليومي في السعودية، اذ قالت صحيفة محلية ان السعودية استهلكت في ثاني ايام رمضان 50 طناً من الفول فيما قالت اخرى انها لم تستهلك الا 35 طناً وعاد كثير من السعوديين بعد انحسار الطفرة لممارسة بيع "البليلة" التي تسمى في مناطق اخرى "حمص الشام" في العربات المضاءة. وتعج منطقة وسط البلد في جدة بهؤلاء الباعة الذين يستفيدون من ازدحام المنطقة ويربحون جيداً بعدما رفعوا سعر الصحن الواحد من ريال الى ثلاثة. بيد ان اللافت في رمضان الجاري والسنوات القليلة الماضية هو التزايد الملحوظ في اعداد المصلين في المسجدين النبوي والحرام في المدينةالمنورةومكةالمكرمة. فكان من المعتاد في السنوات الماضية امتلاء الساحات الخارجية للحرمين والمساجد الكبيرة في السعودية بعد النصف الاول من رمضان لكن الازدحام والامتلاء بدأ خلال رمضان هذه السنة من ايامه الاولى وخصوصاً في مكةالمكرمة.