رأى مراقبون سياسيون في تونس أمس ان استبدال الأمين العام ل"التجمع الدستوري الديموقراطي" الحاكم عبدالرحيم الزواري بعلي الشاوش، الذي كان يشغل منصب رئيس "المجلس الاقتصادي والاجتماعي" هيئة يستشيرها البرلمان في مشاريع القوانين، لا يرتدي طابعاً سياسياً، كون الرجلين لا يمثلان رموزاً لتيارات متباعدة داخل الحزب. وينتمي الزواري والشاوش إلى طاقم الرجال المقربين إلى الرئيس زين العابدين بن علي رئيس "التجمع"، وتقلبا في مناصب رسمية منذ وصوله إلى الرئاسة في العام 1987. ولم يكن اختيار الشاوش أميناً عاماً جديداً للحزب الحاكم مفاجأة للتونسيين. فقد تردد لدى مغادرته وزارة الداخلية في أعقاب الانتخابات الرئاسية والاشتراعية في خريف العام الماضي أنه سيعين في هذا المنصب. إلا أن التوقيت هو الذي شكل المفاجأة وطرح أسئلة كثيرة في شأن أسباب تنحية الزواري من قيادة "التجمع"، بعد شهر واحد من الاحتفالات بالذكرى الثالثة عشرة للتغيير الذي قاده بن علي، والتي استقطبت شخصيات سياسية وحزبية من العالم العربي وأوروبا وافريقيا. وقال عضو في "التجمع" رفض كشف هويته، إن الإقالة أتت قبل وقت قصير من الانتقال إلى المبنى الجديد للحزب الذي استكمل بناؤه في قلب العاصمة والذي سيكون أعلى برج في تونس. ثاني إبعاد وأشار المصدر إلى أن هذه هي المرة الثانية التي يقال فيها الزواري من الأمانة العامة للحزب الحاكم في شكل مفاجئ، إذ سبق أن شغل هذا المنصب في العام 1988 في ختام المؤتمر التأسيسي الذي غيّر اسم حزب الرئيس السابق الحبيب بورقيبة الحزب الاشتراكي الدستوري إلى "التجمع" الحالي قبل عزله في العام 1991، ثم أعيد إليه في أواخر العام الماضي ولم يعمر أكثر من سنة واحدة. ورجح محللون أن تكون هناك علاقة ما بين إقالة الزواري ونتائج المؤتمر الأخير الخامس لرابطة حقوق الإنسان التي أسفرت عن سقوط اللائحة التي دعمها "التجمع" بالكامل، وفوز اللائحة المنافسة المؤلفة من مستقلين ومعارضين بكل مقاعد الهيئة الإدارية الجديدة 25 مقعداً. وذكر مطلعون على الشأن الحزبي أن الزواري هو الذي أشرف على إدارة المعركة الانتخابية في الرابطة، ونسبوا إليه اختيار المرشحين على اللائحة التي دعمها "التجمع" وتوجيههم. وما يؤكد هذه المعلومات أن الزواري كان أول من أعلن للصحافة رفض نتائج المؤتمر واتهم الهيئة القيادية الجديدة ب"الانحراف عن أهداف الرابطة" وانتهاك دستورها وقانونها الداخلي. ولوحظ أن الحجج التي وردت في تصريحات الزواري هي التي استخدمها أربعة عناصر فشلوا في الاقتراع لرفع دعوى قضائية على الهيئة الجديدة أسفرت عن تعليق نشاط الرابطة وتعيين المحكمة حارساً قضائياً عليها الأسبوع الماضي. فهل أُبعد الزواري بسبب اخفاقه في الرابطة؟ يؤكد حزبيون مطلعون أن المغادرة كانت متوقعة قبل التطورات الأخيرة في رابطة حقوق الإنسان، لكن ربما أتت هذه الأخيرة إلى التعجيل بقرار التنحية، وإن كان نائب رئيس "التجمع" الدكتور حامد القروي أوضح لدى إعلانه التغيير على رأس الحزب، أول من أمس، أن الأمين العام السابق سيدعى لشغل "مهمات أخرى" لم يحددها. أهل الثقة ويعتبر خلفه الشاوش من المساعدين الذين يثق بهم بن علي. وهو شغل أول منصب حزبي في العام 1991 بعد تنحية الزواري من الأمانة العامة، إذ صار عضواً في الأمانة الدائمة مكلفاً التنظيم قبل تعيينه وزيراً للتجهيز والإسكان في العام 1993. ثم تقلد وزارة الداخلية لمدة سنتين 1997-1999، ما بوأه آلياً مقعداً في المكتب السياسي ل"التجمع" والذي غادره بعد خروجه من الوزارة العام الماضي. وتوقع مراقبون أن يركز "التجمع" في ظل قيادته الجديدة على تحسين ارتباطه بالمجتمع المدني وتكثيف حضوره في المنظمات التي تعتبر "غير منسجمة"، خصوصاً رابطة حقوق الإنسان ونقابة المحامين والجمعيات النسائية