هل تبقى دولة البحرين امارة أم تصبح سلطنة او مملكة في ضوء ما ستقترحه اللجنة الوطنية العليا لاعداد مشروع ميثاق العمل الوطني، والتي ستبدأ اجتماعاتها غداً الاثنين لمناقشة مسودة اقتراحات وتصورات تحضّر لبداية مرحلة جديدة للحياة السياسية في البلاد والتطور الدستوري فيها. التكهنات كثيرة ومتشعبة في المنامة حول ما ستقترحه هذه اللجنة التي تشكّلت بموجب مرسوم أميري الاسبوع الماضي من 46 عضواً برئاسة وزير العدل والشؤون الاسلامية الشيخ عبدالله بن خالد آل خليفة، وتضم رئيس مجلس الشورى السيد ابراهيم محمد حسن حميدان واربعة وزراء وعدداً من المحامين. تشير مصادر عدة في اللجنة الى احتمال تطرّق مشروع الميثاق الى كيان الدولة او امكان تغيير التسمية الحالية وهي "دولة البحرين". وتقول ان هناك افكاراً متداولة، لكن فكرة تحويل الدولة ملكية على غرار المملكة الاردنية الهاشمية راجحة على باقي الطروحات. وأياً كان التحول الجديد، فإن ثمة تأكيداً على دستورية السلطات وعلى الديموقراطية. وتقول هذه المصادر ان الاقتراحات التي سيتضمنها مشروع الميثاق ستعرض في نهاية العام الحالي على مؤتمر شعبي يضم حوالى الفي شخص يمثلون الجمعيات الاهلية اطباء ومهندسين وعمالاً... ورجال الاعمال والاعيان وبعض اعضاء المجلس الوطني السابق تمهيداً لإقرارها. وهي تنص على اهمية العمل السياسي في البحرين وفصل السلطات، وستحدد العلاقة بين المواطن والمؤسسات. وتضيف ان من بين التوصيات التي سيتضمنها المشروع تشكيل مجلسين: مجلس للنواب ينتخب مباشرة بالاقتراع العام لجميع المواطنين، ويتمتع بصلاحيات مثل اي مجلس نيابي في الانظمة الديموقراطية، ومجلس معيّن استشاري او شوري او للاعيان تحدد صلاحياته ودوره في الحياة السياسية للبلاد، بغية اقامة توازن وتحقيق العمل الديموقراطي في البحرين والفصل بين السلطات. وتوضح هذه المصادر ان مشروع الميثاق سيؤكد بعض الثوابت في الحياة السياسية للبلاد واهمها: ان الحكم الوراثي لآل خليفة على البحرين، وان المواطنين سواسية امام القانون بغضّ النظر عن انتماءاتهم الطائفية او المذهبية او الاجتماعية، وان النهج الديموقراطي هو عماد العمل السياسي وان القضاء سيكون مستقلاً تماماً عن باقي السلطات الدستورية، وان النيابة العامة ستلحق بالسلطة القضائية وليس كما هو الحال الآن. اضافة الى اعطاء القاضي حصانة تقيه التدخلات اياً كان نوعها كي يتمكن من القيام بعمله بحرية تامة. ولا تستبعد هذه المصادر ان يتضمن مشروع الميثاق اقتراحاً يقضي بانشاء ديوان للمحاسبة او "دائرة تظلّم" لبتّ شكاوى المواطنين بالسرعة المطلوبة تحقيقاً للشفافية التي يمكن ان تساهم في تثبيت العدالة الاجتماعية وجذب الاستثمارات الاجنبية. لكن البداية الحقيقية لكل هذه التغييرات السياسية في البحرين ستبدأ في شهر شباط فبراير القادم حيث بات ثابتاً ان الانتخابات البلدية ستجرى بالاقتراع العام المباشر، وبمشاركة المرأة. وستكتمل صورة هذا التحول الذي تريده قيادة البلاد لنظامها السياسي عام 2003 حيث ستكون هذه المرحلة اهم مرحلة في تاريخها السياسي الحديث، اذ سيصدر خلالها قانون للانتخابات الذي تجرى على اساسه الانتخابات النيابية العامة المباشرة. وسيكون ذلك ايذاناً بولادة اول مجلس نيابي مُنتَخب عام 2004، بعد التجربة الاولى للبحرين في الانتخابات النيابية العامة سنة 1975 التي لم يُكتب لها النجاح. وتتوقع مصادر سياسية بحرينية ان يتم، في اطار هذا التوجه الجديد تعديل وزاري في شهر آذار مارس المقبل المصادف الذكرى الثانية لتولي الشيخ حمد بن عيسى آل خليفة مقاليد الحكم. وسيطاول التعديل وزراء لهم علاقة بالخدمات العامة للمواطنين. ولا يستبعد اجراء تبادل حقائب بين وزراء حاليين. وتؤكد مراجع سياسية رفيعة المستوى في المنامة ان ملف الخلاف الحدودي بين البحرين وقطر هو في سلّم اولويات القيادة، وان الحكم الذي ستصدره محكمة العدل الدولية في لاهاي والمتوقع الآن في شهر كانون الثاني يناير بعدما كان متوقعاً صدوره قبل نهاية العام الحالي، يمكن ان يؤثر في ملفات عدة داخلية واقليمية ودولية.