انهارت مساعي المصالحة في حركة الاشتراكيين الديموقراطيين التي تعتبر الحزب الرئيسي في المعارضة البرلمانية بعدما تعذر عقد مؤتمر توحيدي لجناحي الحركة المنفصلين منذ العام 1997. وكان الرجل الثاني في الحزب سابقاً النائب اسماعيل بولحية ارتقى الى منصب الأمين العام في مؤتمر استثنائي عقد في آذار مارس العام 1997 في غياب ممثلي الحركات السياسية ووسائل الاعلام، ما اعتبر محاولة لإزاحة رئيس الحركة المعتقل آنذاك محمد مواعدة من زعامة الحركة، خصوصاً انه يحظى بالغالبية في "المجلس الوطني" اللجنة المركزية. لكن الافراج عن مواعدة وتزايد طلبات قواعد الحزب بتنحية بولحية و"تصحيح مسار الحركة" أديا الى اطلاق مسار مصالحة منذ الربيع الماضي شهد في دوره لحظات صعود وهبوط بسبب الخلاف على أرضية المؤتمر التوحيدي وآلياته. وبدا أمس ان المساعي اخفقت بعدما حمل مواعدة على جماعة بولحية واتهم السلطات بكونها عينتهم على رأس الحركة "ليأتمروا بأوامرها ويسيروا بحسب تعليماتها". وانتقد مواعدة في بيان سياسي من أربع صفحات تلقت "الحياة" نسخة عنه "ما تتعرض له الحركة من محاولات ترمي الى عزل قيادييها الشرعيين وتفتيت صفوفها ومصادرة قرارها المستقل وتهميش دورها الوطني". ونفى ان تكون الأزمة التي تمر فيها الحركة منذ العام 1995 تاريخ اعتقاله "شأناً داخلياً" وحمل السلطات مسؤولية فشل المصالحة معتبراً انها شجعت الفريق الآخر على توخي "المماطلة وافتعال العراقيل والتراجع عن الالتزامات". ورأى ان انجاز المصالحة "لا يمكن ان ينفصل عن الوضع السياسي العام وما يتسم به من ... عدم استعداد السلطات للقبول بالرأي المخالف". واضاف ان "السلطات التي لا تتحمل التعاطي مع رابطة حقوق انسان مستقلة لا تستطيع تحمل التعاطي مع حزب معارض ذي صدقية سياسية وشعبية". في اشارة الى تعليق نشاط رابطة حقوق الانسان الشهر الماضي واخضاعها لحراسة قضائية. وكانت خطوات المصالحة الأخيرة بلورت فكرة دمج القيادتين المؤيدتين لمواعدة وبولحية وتشكيل لجنة مشتركة من الفريقين لإعداد مؤتمر عام يكرس المصالحة مع احتمال استبعاد كل من الزعيمين من القيادة الجديدة. وتسيطر الحركة حالياً على ثلاثة عشر مقعداً من المقاعد الأربعة والثلاثين المخصصة للمعارضة في مجلس النواب ما بوأها المركز الأول بين أحزاب المعارضة الخمسة الممثلة في البرلمان. واشترط مواعدة لتكريس المصالحة في المستقبل تمكينه وناكب رئيس الحركة المقيم في المنفى خميس الشماري من "استعادة حقوقهما السياسية والمدنية لمعاودة عملهما الوطني بحرية كاملة ... وتشكيل مجلس وطني لجنة مركزية مشترك يتولى انتخاب مكتب سياسي ليقوم بالإشراف على نشاط الحركة والاعداد لمؤتمر عام يشارك في اعداده جميع مناضلي الحركة من دون اقصاء وفي ظل الاستقلالية الكاملة". وما زال مواعدة والشماري اللذان أفرج عنهما بموجب عفو رئاسي أواخر العام 1997 مجردين من حقوقهما السياسية، الا ان الأول شدد في البيان الذي تلقته "الحياة" امس على "شرعية الهيئات المنبثقة من المؤتمر العادي الذي عقده الحزب في العام 1991 في مدينة صفاقس وفي مقدمها رئيس الحركة مواعدة ونائب الرئيس الشماري".