سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الجنوب يستقبل ابناءه في تلاقي الاعياد ...وصفير يشدد على ترسيخ العيش المشترك . قباني : لا يجوز بدعوى الحرية إيذاء بعضنا بعضاً ولن نقبل ضياع حق الفلسطينيين
انعكس تلاقي أعياد الميلاد والفطر ورأس السنة الميلادية في اسبوع واحد، هدوءاً تاماً على الجبهة السياسية اللبنانية بعد "المناوشات" التي شهدتها في الاشهر الثلاثة الماضية. وترجم ذلك دعوات الى الابتعاد عن التشنجات الداخلية، والى المحافظة على الاستقرار، في العظات والخطب الدينية خصوصاً. واحتفل اللبنانيون بالميلاد والفطر في أجواء هادئة، وان نغصت عليهم الفرحة الازمة الاقتصادية التي يعانونها. وكان اللافت جموع اللبنانيين التي امت قرى الجنوب، ولا سيما المحررة منها. للاحتفال بالمناسبتين، في استعادة لتقليد غاب سنوات طويلة، بسبب الاحتلال الاسرائيلي ومسبباته ومفاعليه. واذ ركز خطباء عيد الفطر على الابتعاد عن التشنجات الداخلية في لبنان ودعم مسيرة الدولة في توجهاتها، وعلى مواصلة دعم الانتفاضة الفلسطينية، شدد القادة الروحيون المسيحيون، في عظات لمناسبة عيد الميلاد، على ضرورة ترسيخ العيش المشترك. قال مفتي الجمهورية الشيخ محمد رشيد قباني "ان الاعتدال مطلوب في كل شيء لأنه يقرب بين الناس، ويعزز اواصر الرحمة ويعمّق الثقة" وعدم الاعتدال من أي جهة أتى مرفوض، والخطاب المثير للنعرات الطائفية والغرائز والذي يستثير العداوة والبغضاء، هو خطاب يدعو الى الفتنة، ويوقظها ويؤجّج نارها"، واضاف: "لا يجوز لنا بدعوى الحرية، ان نؤذي بعضنا بعضاً، وأن نسيء الى مشاعر بعضنا بعضاً، فلبنان الذي نحب، وطن الحرية والعيش المشترك، يفرض ان نراعي بعضنا بعضاً، وأن نحترم بعضنا بعضاً، فالحرية المتفلّتة من كل حدود تتحول من نعمة الى نقمة، وحدودها احترام الآخر". ودعا الى "توحيد الصفوف والى خطاب جامع، لا الى خطاب مفرق"، مشدداً على "الحاجة الى المزيد من الاستقرار الذي يريح النفوس، وتطمئن اليه القلوب ويجعل الدولة تنصرف الى الاهتمام بالقضايا الكبرى وهموم الناس وحاجاتهم ومشكلاتهم الاجتماعية، وهي مطمئنة الى تماسك الشعب ووحدته وتضامنه، وكل خطاب يؤدي الى الانقسام في صفوف اللبنانيين لا يخدم قضية لبنان وشعبه". ورأى ان "واجبنا كمسؤولين ان نحتوي التشنجات الداخلية وان نوجهها في ما لا يؤذي وحدة البلد واستقراره لا ان نستثيرها ونشجعها". واكد: "ان من الضروري ان يترك للدولة مساحة كافية لمعالجة القضايا الداخلية الشائكة في جو الهدوء والروية، ما يحقق الاستقرار الداخلي ووحدة الصف الوطني". واكد ان "وطن الفلسطينيين هو فلسطين وارضهم هي ارض فلسطين ولن يكون لهم وطن بديل. ولن نقبل بضياع حقهم في فلسطين". وشدد على "ان نبقى على تلاحمنا مع سورية الشقيقة، التي وقفت الى جانبنا في محنتنا ولا تزال، حتى يعم التحرير ارضنا اللبنانية والارض السورية، ونواجه معاً الاخطار التي يهددنا بها العدو الصهيوني. ودعا الى "التفاف كل الطاقات حول الدولة والمشاركة فيها وتعميق حال الاستقرار والابتعاد عن كل ما يسيء الى الوحدة الوطنية وتضامن الشعب والثقة بالدولة وبالأمن السياسي والاقتصادي". ودعا نائب رئيس المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى المفتي الجعفري الممتاز الشيخ عبدالأمير قبلان الى "التطلع نحو الوطن بثقة وبمحبة وبسباق دائم نحو الوحدة والوفاق والتعاون من اجل مستقبل الاجيال الطالعة"، والى "وضع كل الخلافات جانباً والتخلي عن الانانيات والانطلاق بمسيرة عنوانها المحبة والوئام والتلاحم من اجل لبنان واحد موحد ترعاه دولة القانون والمؤسسات ويكون المواطن فيه مصوناً بكرامته وبعيشه وبحريته". وشدد على "رفض التنازل عن اي شبر من الحق العربي والاستمرار في النضال والمقاومة حتى تحرير الارض وعودة الحق العربي كاملاً في فلسطين والجولان وجنوب لبنان". وقال: "علينا الا ننسى اسرانا واخواننا في المعتقلات الصهيونية، والا ننسى إمامنا المسجون والمغيّب الامام موسى الصدر الذي حل ضيفاً على النظام الليبي. وهو نظام لا يعرف معنى الضيافة والشهامة، فاحتجزه ورفيقيه، وعتم على هذه القضية التي لن ننساها وسنستمر في متابعتها حتى نصل الى الحقيقة كاملة". وحذر السيد محمد حسين فضل الله من وجود خطة لتطويق الانتفاضة، من خلال اللعب على الالفاظ والوعود الضبابية. ودعا الى "العمل للتخلص من مشكلتي النظام الطائفي والشخصانية في لبنان، والعمل لترسيخ الحوار المسيحي - الاسلامي وجعله يتنفس في الهواء الطلق". وناشد الدولة "الاهتمام بالمناطق المحرومة واطلاق حركة انمائية في الجنوب والبقاع الغربي". احتفالات الميلاد وأشار البطريرك الماروني الكاردينال نصرالله صفير، خلال القداس الذي شارك فيه رئيس الجمهورية اميل لحود في بكركي، الى الصعوبات التي تواجه العهد، وما تحقق أخيراً في شأن عودة المهجرين وإطلاق المعتقلين من سورية وتشكيل لجنة لتقصي مصير المفقودين والمخطوفين والمساعدة في عودة الجنوبيين الى أرضهم. وقال: "لكن المشكلات التي يعانيها من حولنا تنعكس علينا وعلى المحاولات المتعددة للنهوض من الكبوة التي أقعدتنا، منذ ربع قرن، عن القيام بدورنا في المنطقة والعالم، فعسى أن تسعف الظروف على حلها إيجاباً". وذكّر بالقول المأثور "إن لم يبن رب البيت، فباطلاً يتعب البناؤون". وطلب أن "يمنح الله رئيس الجمهورية من القوة والحكمة والشجاعة ما يمكنه من مواجهة ما يثقل كاهله من مسؤوليات جسيمة، لتعيد بناء البيت اللبناني على أسس ثابتة من العدالة والقيم، وفي مقدمها الحريات على أنواعها واحترام حقوق الإنسان. إذ من دونها تتعذر انطلاقة وطن في شكل سليم". وأكد "الثقة بلبنان لنعيد معاً البناء بإشراف فخامته، ليطمئن الجميع على رغم الصعوبات، الى أنه وطن لجميع بنيه من دون استثناء، وهم ينعمون فيه بالحقوق نفسها ويلتزمون الواجبات نفسها". وأمل صفير، خلال لقاءاته أول من أمس وأمس مع مهنئيه، "أن تكون السنة المقبلة أفضل من التي سبقتها". وأكد أن "العيش المشترك هو رسالة لبنان، وأن مواقفنا هي لسان حال كل الناس فنحن ننادي بالسيادة والاستقلال والقرار الحر، وهذا حق لنا". وأسف لهجرة اللبنانيين، آملاً بأن تتحسن الأمور، "لكي يبقى شباب لبنان فيه ويعملون على إنهاضه". وأكد رئيس المجمع الشرقي للكنائس بطريرك السريان الكاثوليك موسى الاول داود أن "لبنان يحتاج الى الفرح والسلام والحق والصبر، فعلينا ألا نستسلم، وألا نضخم الهموم، بل يجب تجاوز الخلافات والنزاعات والمصالح والتراشق بالتهم والافتراءات". وأعرب عن ارتياحه عشية مغادرته الى الفاتيكان لتسلم مسؤولياته الجديدة، أنه "مطمئن الى مستقبل لبنان وحريته وديموقراطيته واستقلاله". وأمضى بطريرك الروم الكاثوليك الجديد غريغوريوس لحام عيد الميلاد في منطقة البقاع التي أقامت له استقبالاً حاشداً. ولفت في عظة في زحلة، إلى ما تعانيه فلسطين الحزينة "حيث زينة شجرة الميلاد رصاص العدو وشظايا القنابل الحاقدة، وحيث العويل والبكاء الكثير، فنساؤها الأرامل والثكالى يبكين على أطفالهن وعلى كل الأطفال والشباب الذين سقطوا في الانتفاضة. إنها صرخة مدوية هادرة، ستنتهي بصرخة النصر والحرية والتحرير والعدل والكرامة". وأضاف إن قلبي على العيش المشترك في لبنان الخارج من الحرب القذرة، والذي لم يتعاف بعد من مرضه العضال... إنه يحتاج الى إبر مقوية وفيتامينات. وهي مقويات الإيمان ومقوماته وأسسه الثابتة، التي هي وحدها كفيلة ان تكون الركائز القوية لمجتمع سليم وحضاري وجديد في الألفية الثالثة". وأعرب مطران بيروت للروم الأرثوذكس الياس عودة عن حزنه "على شعب بلادي وبعض المسؤولين الذين ينطقون بكلام لا تقتنع به قلوبهم، ويريدون منا أن نقتنع. وكثر منهم يتصرفون بلا اقتناع بما يفعلون، ويتكلمون متملقين. وعليه، فلبنان يتمزق بسبب الرياء، لذا يجب أن نكون صادقين في كلمة نقولها". وإذ ركز على أهمية الإنسان، سأل "من أنت أيها الترابي لتقول إن هذا الإنسان المفقود أو ذاك غير مهم، ولا ضرورة للبحث عنه؟" في إشارة الى موضوع المفقودين والمخطوفين الذي أثير مجدداً، و"لو كان ابنك ألا تفتش الأرض كلها عنه وتستعمل سطوتك على كل إنسان لتحصل على معلومات عنه أو عن رفاته". وقال: "لا نستطيع أن نتكلم على الوحدة الوطنية وندافع عنها، ونرسل جماعات تسيء إليها وتعرقل مسيرتها"، رافضاً الكلام على الأشباح "لأني لا أؤمن بها، بل بالإنسان المسؤول عن صلاحه وشره". وأضاف: "كل لبناني يريد وحدة لبنان، فلا يزايدنّ انسان على آخر". وإذ رفض عقوبة الإعدام، تمنى استبدال السجن به. وتابع: "أنا لا أقوى على محبة أي بلد أكثر من لبنان، ولا يجوز ذلك. وثمة من يدعو رجال الدين الى التوقف عن الكلام وشق الصفوف. فمن أنت لتمنع عني مواطنيتي ولتدينني وترمينني بالتهم، وأنا لم أسمعك يوماً تنطق باسم لبنان كما تتغنى بأسماء أخرى؟ فكيف تسمح لنفسك باتهامي بلبنانيتي والمزايدة علي؟ أنا سأمارس حقي في إبداء الرأي".