ودّعت عمّان، بحفلة ختام صاخبة وخلافية، مهرجان المسرح الأردني الثامن الذي تقيمه وزارة الثقافة ونقابة الفنانين، وكان انطلق في الرابع عشر منه، بمشاركة محلية وعربية، وباستضافة عدد من الفنانين والنقاد العرب، كالفنان نور الشريف، والمسرحي التونسي المنصف السويسي، والشاعر والناقد اللبناني بول شاوول والكويتي عبدالعزيز سريع والدكتور صلاح قصب من العراق. هذا المهرجان الذي بلغت ميزانيته 85 ألف دينار أردني 120 ألف دولار، بعد أن كانت حتى الدورة السابعة لا تكاد تتجاوز عشرة آلاف دينار، شاركت فيه ثماني مسرحيات أردنية ست منها دخلت المسابقة، وتسع مسرحيات عربية من مصر ولبنان والسعودية وليبيا وتونس والمغرب والعراق والسودان وحالت إصابة ممثلة دون عرض المسرحية السورية. وفي حين اقتصرت جوائز المهرجان التي بلغت عشرة آلاف دينار على المسرحيات الأردنية الست، أعرب مدير المهرجان المخرج حاتم السيد عن أمله "بأن تدخل المسرحيات العربية المنافسة على الجوائز في الأعوام المقبلة، خصوصاً أن الأعمال المسرحية المحلية تحظى الآن باهتمام المخرجين الساعين لتقديم عمل جيد فهم يقفون على قدم المساواة مع مسارح الوطن العربي"، وذلك في ما يبدو تبرير لعدم قدرة الأعمال الأردنية على منافسة الأعمال العربية. وعدا العروض المهمة، كان ثمة ندوة عن كل مسرحية، وندوات نظرية. ومن الأبرز ندوة عن ظاهرة المهرجانات المسرحية في الوطن العربي، تحدث فيها المنصف السويسي وبول شاوول. المخرج التونسي أشار الى اختفاء بعض المهرجانات العربية كمهرجاني دمشق وبغداد، الأمر الذي يدفع للبحث عن أسباب معاناة ما تبقى من مهرجانات، خصوصاً عدم التنسيق بينها وما ينجم من تكرار العروض، وغياب التكامل، وانعدام الخصوصية والهوية التي تميز مهرجاناً عن الآخر. وأشار بول شاوول الى تحول بعض المهرجانات الى ملجأ للأعمال الخيرية، في ظل غياب المعايير، منذ نهاية الثمانينات التي شهدت انهيار المسرح وانعدام أسئلته الكبرى. لكنه علق امالاً على مسرح الشباب، وان أي نهوض للمسرح لا يمكن أن يكون من دون ديموقراطية حقيقية، تسمح بظهور تيارات مختلفة تحتضن التجارب الشبابية. وفي مناسبة رحيل جبرا ابراهيم جبرا، احتفت دارة الفنون مؤسسة عبدالحميد شومان بجانب من جوانب إبداع الراحل، هو جانب النقد التشكيلي الذي يشكل أحد مجالات تكوين شخصيته الابداعية. وفي المناسبة، صدر كتاب "الفن والفنان: كتابات في النقد التشكيلي" نشر مشترك بين الدارة والمؤسسة العربية للدراسات والنشر، متضمناً مقالات ودراسات تمثل، بحسب الشاعر ابراهيم نصرالله الذي اختارها، وكما قال في تقديم الاحتفالية "بعض أبرز ما كتبه جبرا منذ الخمسينات وحتى الثلث الأول من عقد التسعينات. وهي كتابات في مجالات: الرسم، النحت، التصوير، العمارة، الخزف". يذكر أن الكتاب يصدر في وقت كان من المفترض أن يتزامن مع احتفالية أخرى في مدينة بيت لحم، ومع انعقاد مؤتمر دولي حول اثار جبرا الابداعية والنقدية بمشاركة عدد من النقاد العرب والأجانب، غير أن الظروف التي يمر بها الشعب الفلسطيني وما يتعرض له حالت دون انعقاده. عن المختارات قال ابراهيم نصرالله "كان من الصعوبة الى حد بعيد اختيار هذه الباقة من كتابات جبرا النقدية، خصوصاً أنها كتابات نامية، أي ان دراسة كتبها جبرا في الستينات مثلاً عن الفن العراقي، تنمو كدراسة جديدة في أوائل السبعينات، وفي الموضوع ذاته، في ضوء ما حدث من تطورات في هذا الفن. كما ان هناك أكثر من دراسة عن فنان بعينه جواد سليم مثلاً. وإضافة الى كون هذه الكتابات فعلاً فنياً، كما يرى نصرالله، فهي تبرز بوصفها "شهادة نادرة على تطور حركة فنية بأكملها. فقد رافق جبرا الظواهر الكبيرة في الفن التشكيلي..." ولذا يمكن لمن يقرأ نقد جبرا التشكيلي أن يلاحظ "كأن كل دراسة جديدة عن فنان ما، هي بمثابة فصل جديد من حياة وتطور هذا الفنان". ولعل ما يضاعف من جذرية كتابة جبرا هذه، انه ظل يتابع ويشارك في الحياة التشكيلية بالحماسة نفسها التي بدأ بها".