طهران - أ ف ب - سيجد الرئيس الايراني محمد خاتمي نفسه، بعد أربعة أعوام على فوزه الساحق في الانتخابات، محروماً من دعم أبرز الشخصيات القريبة اليه، في حال ترشحه لولاية ثانية، خصوصاً بعد استقالة وزير الثقافة عطاء الله مهاجراني التي اصبحت سارية اعتبارا من يوم امس. فقد استبعدت ابرز ثلاث شخصيات كان في وسع خاتمي الاعتماد عليها لمواجهة تيار المحافظين، وهي وزير الداخلية السابق عبدالله نوري الذي يقضي عقوبة بالسجن، والمسؤول الاصلاحي سعيد حجاريان الذي اصيب باعاقة دائمة اثر تعرضه لاعتداء، وأخيراً مهاجراني الذي دفع الى تقديم استقالته. وكانت المحكمة الدينية الخاصة برجال الدين قضت على نوري 51 عاماً بالسجن خمسة اعوام مع النفاذ في تشرين الثاني نوفمبر 1999 بتهمة "بث دعاية معادية للإسلام"، بعد محاكمة طويلة عرض فيها مفهومه لاسلام "منفتح" مشيراً إلى ضرورة قيام النظام بمصالحة القوى الاصلاحية والتقدمية في البلاد. وبدخوله السجن حرم نوري من دور أساسي في الانتخابات التشريعية في شباط فبراير الماضي والتي حقق فيها الاصلاحيون فوزاً ساحقاً لكن من دون ان يظهر زعيم فعلي لتيار الاصلاحيين. وبرزت شخصيات جديدة في تيار الاصلاحيين مثل محمد رضا خاتمي وعلي رضا نوري، لكن ذلك كان بسبب معرفة الناس بهم، كون الاول شقيق الرئيس خاتمي والثاني وزيراً سابقاً للداخلية، اكثر مما كان بسبب خبرتهما في هذا المجال. وجاء انتخاب الراديكالي السابق مهدي كروبي رئيسا لمجلس الشورى بمثابة تسوية بعيدة كل البعد عن توقعات الناخبين. ووقع سعيد حجاريان 47 عاماً مستشار الرئيس ومدير صحيفة "صبح امروز"، التي علق صدورها على غرار صحف اصلاحية اخرى منذ نيسان ابريل الماضي، ضحية اعتداء بالرصاص في 12 آذار مارس بعد الانتخابات التشريعية مباشرة. وبعد اشهر من صراع مع الموت، نجا حجاريان لكنه اصيب باعاقة دائمة. أما مهاجراني 46 عاماً فكان من اشد المدافعين عن الاصلاح حتى داخل الحكومة. وأصبح مهاجراني السياسي اللبق والمثقف اللامع والطفل المدلل لدى الاوساط الثقافية. لكنه قرر وقف معركته في نيسان الماضي في اوج الحملة على الصحافة التي لم يكن في وسعه التصدي لها بعد ان اصبح هدفاً لانتقادات دائمة من المحافظين وبينهم مرشد الجمهورية الاسلامية نفسه اية الله علي خامنئي. لكن خاتمي لم يقبل استقالة مهاجراني إلا بعد ثمانية اشهر في اصعب قرار يتخذه لأنه كان الوزير الأكثر شعبية في حكومته والاكثر استعدادا للدفاع عن قضية الاصلاحيين. وبدون أدنى شك فإن هذه الشخصيات الثلاث، وعلى رغم استبعادها عن السلطة، يمكنها ان تساعد الرئيس على طريقتها في حال ترشح لولاية ثانية. لكن بغض النظر عما يحصل، سيكون على خاتمي تغيير استراتيجيته بشكل جذري بالاضافة الى المسؤولين مباشرة عن حملته. وسيكون على الرئيس ايضا خوض المعركة الرئاسية من دون دعم الصحافة الا في حال السماح للصحف المعلقة او المحظورة بالصدور مجددا. من جهة أخرى، فإن عدداً من مناصريه، سواء كانوا من السياسيين او رجال الدين او المثقفين، موجودون في السجن او يلاحقهم القضاء الذي يسيطر عليه المحافظون. ويواجه حجة الاسلام حسن يوسف اشكيواري عقوبة الاعدام بعد ان طرح تساؤلات عن ارتداء الحجاب المفروض في ايران منذ الثورة الاسلامية العام 1979، معتبراً اياه مسألة شخصية. ومن جهته، يواجه الصحافي اكبر غانجي أيضاً عقوبات صارمة في حال ادانته بعدما وجه اتهامات للأوساط المحيطة بالرئيس السابق علي اكبر هاشمي رفسنجاني بالتورط في الجرائم بحق المثقفين والمعارضين التي جرت في نهاية 1998.