بدأ الرئيس الاميركي المنتخب جورج بوش تحركاً سريعاً للمصالحة وتخطي الانقسامات في بلاده والاعداد لتسلم الادارة من الرئيس بيل كلينتون في مهلة اصبحت ضيقة نسبياً. وفي انتظار ذلك، بدأ حلفاء الولاياتالمتحدة واعداؤها في الخارج، اعادة تقييم سريعة لسياسته التي يتوقع ان تكون عناوينها العريضة، تقليص التدخل في الشؤون الداخلية للدول الاخرى واسناد دور اكبر للاوروبيين في حفظ السلام في قارتهم والتحرر من قيود على التجارة الدولية، مع تعزيزالانفاق الاستراتيجي-العسكري لحماية المصالح الخارجية للولايات المتحدة. واشنطن، اوستن - "الحياة"، رويترز، اب، ا ف ب - بدأ جورج بوش الابن يومه الاول كرئيس منتخب للولايات المتحدة بالتوجه وزوجته لورا الى الكنيسة حيث وجد في استقباله آلاف المهنئين وجلس على مقعد عادي في الصف الامامي. وشدد معاونوه على انه ينوي نقل خبرته في العمل مع الديموقراطيين في تكساس، الى واشنطن لتجاوز الصراعات الحزبية الناجمة عن المعركة الرئاسية الطويلة. واتفق بوش مع منافسه السابق آل غور على اللقاء في واشنطن الاسبوع المقبل لبذل كل المساعي لتضميد الجروح. وجاء ذلك خلال اتصال هاتفي اجراه غور معه مساء اول من امس، اكد فيه الاخير اعترافه بالهزيمة. ولم يبق امام تسلم فريق بوش الادارة الاميركية سوى خمسة اسابيع. وعهد بمهمة الاشراف على عملية نقل السلطة الى نائب الرئيس المنتخب ديك تشيني. ودعا الرئيس بيل كلينتون مواطنيه الى نبذ "الضغينة" والتوحد خلف الرئيس المنتخب. وقال في تعليق ادلى به في بريطانيا التي يزورها حالياً: "اريد ان اؤكد للرئيس المنتخب بوش انني وكل عضو في ادارتنا نبذل جهوداًَ لضمان نجاح عملية تسليم السلطة... وتقع على عاتق كل واحد منا مسؤولية دعمه". وكانت الاحداث تسارعت في واشنطن مساء اول من امس، بعدما اعترف آل غور بالهزيمة في خطاب تلفزيوني. وألقى بوش على الاثر خطاباً دعا فيه الاميركيين الى "تجاوز مرحلة الانقسامات في الداخل" وترك التحزبات السياسية خلفهم والاتحاد لتخطي اي مرارة خلفتها اسابيع من المعارك مع الديمقراطيين"، كما دعاهم الى التحلي "بروح الحكمة والاحترام والالتفاف حول اهداف واحدة". وفي مبادرة رمزية، اختار بوش متعمداً مجلس النواب في تكساس الذي يسيطر عليه الديموقراطيون ليلقي اول خطاب له كرئيس منتخب. وقدمه رئيس المجلس الديموقراطي بيت لاني. ولخص بوش اولويات رئاسته التي رفع لها شعار "محافظ بتفهم" وهي: دعم التربية ودراسة امكانية تغطية البرنامج الفيديرالي للمتقاعدين وتحقيق اهدافه واستمرارية نظام تغطية النفقات الصحية للمسنين وخفض الضغط الضريبي واتباع سياسة خارجية منفتحة وسياسة دفاعية "على مستوى التحديات". وختم قائلا: "آن الاوان لايجاد ارضية توافق لكي تصبح اميركا منارة الفرص في القرن الحادي والعشرين". ويتوقع ان يعلن بوش عن تعيين عدد من المسؤولين في ادارته خلال اليومين المقبلين. واعلنت الناطقة باسمه جوليان غلوفر ان المرحلة الانتقالية بدأت بتسلم تشيني وفريقه الاموال التابعة للادارة الفيديرالية. ويتوقع ان يلتقي بوش مع كلينتون ويزور مقر الكونغرس الاميركي لاجراء محادثات مع اعضاء الكونغرس من الجمهوريين والديمقراطيين. واصدر زعماء الديمقراطيين بياناً تعهدوا فيه "بذل كل الجهود" من اجل العمل مع ادارة بوش والتعاون مع الجمهوريين في الكونغرس. وكان غور مزج في الخطاب الذي اعترف فيه بهزيمته بين الدعابة والحديث عن المبادىء ونجح في دعوته الامة الى الاتحاد خلف بوش. لكنه في الوقت نفسه، عبر عن اسفه لعدم حصوله على "فرصة للكفاح من اجل الشعب وتحقيق برنامجه الانتخابي" الذي من اجله سعى للفوز بالرئاسة. وبعد اعتراف غور بالهزيمة اصبح بوش رابع رئيس في تاريخ الولاياتالمتحدة يفوز بالرئاسة على رغم هزيمته في التصويت الشعبي. وحدث ذلك من قبل مع الرئيس جون كوينسي ادامز عام 1824 ومع رثرفورد هيز عام 1876 وبنجامين هاريسون عام 1888. كما اصبح بوش ثاني رئيس يدخل البيت الابيض بعد والده الرئيس السابق جورج بوش. تهانٍ وتلقى بوش اول تهنئة من العالم الخارجي من رئيس الوزراء البريطاني توني بلير الذي ركز على المبادىء والمصالح المشتركة التي تربط بين الولاياتالمتحدة وبلاده. وتوالت بعد ذلك التهاني من معظم الدول الصديقة والحليفة للولايات المتحدة. وفي المقابل، اعتبر رئيس الوزراء الفرنسي ليونيل جوسبان ان "علامة استفهام ستبقى" مطروحة حول طريقة انتخاب بوش. ورأى العديد من الخبراء ان الرئيس الاميركي المنتخب يفتقر الى الخبرة الكافية في مجال السياسة الخارجية الا انه يستطيع الاعتماد على فريق من المستشارين المتمرسين فعلاً في المجال الديبلوماسي بينهم كثيرون عملوا في ادارة والده. ويستطيع الاعتماد في خطواته الاولى على تشيني الذي كان كبير موظفي البيت الابيض في عهد جيرالد فورد ووزيراً للدفاع في عهد جورج بوش الاب. كما يستطيع الاعتماد على رئيس الاركان السابق كولن باول والخبيرة في الشؤون الروسية كوندوليسا رايس، اضافة الى اقطاب آخرين يعملون في الظل مثل وزير الخارجية السابق جيمس بيكر. ومعلوم ان العديد من الرؤساء الاميركيين مثل جيمي كارتر ورونالد ريغان وحتى بيل كلينتون، دخلوا البيت الابيض وهم يجهلون الكثير عن السياسة الخارجية، لكنهم لعبوا لاحقا دورا كبيراً في هذا المجال.