وسط ضجيج برامج الترفيه الرمضانية، دار مساء الاثنين من الأسبوع الفائت حديث "عاصفة" متميز على شاشة الفضائية العربية "آي آر تي"، في فقرة من برنامج "الليلة" للإعلامية هالة سرحان، ومعها الفنانة سماح أنور. كانت الفقرة عن فيلم "العاصفة" الذي فاز بالهرم الفضي في مهرجان القاهرة السينمائي. فاستضافت سرحان وأنور مخرجه خالد يوسف، و"ضيوفه" الصحافي والنائب المصري حمدين صباحي، وأبطاله هاني سلامة وحنان الترك ومحمد نجاتي... وملحن أغاني الفيلم. خلال نحو 30 دقيقة مدة الفقرة نوقشت مواضيع كثيرة في السياسة والغناء ودروس الانتفاضة وتجربة الإخراج الأولى والمدرسة الشاهينية والإيمان بالوحدة العربية وجرأة طرح موضوع الفيلم ورسالته والألحان والأغاني الوطنية وكيف يخدم الفن القضايا الوطنية وكيف يستقرئ المستقبل. قد تبدو كل هذه العناوين في تعدادها متشعبة، تحتاج الى ساعات لمناقشتها، لكن طروحات كل من صباحي ويوسف جعلتها مترابطة. وكانت البداية بداية الحديث والفيلم مع حلم ألح على خالد يوسف مذ كان طالباً في الجامعة في القاهرة، يشارك في الاحتجاجات الطالبية على حرب الخليج الثانية، فروى كيف كانوا يصرخون ضد الذل والعار وكيف يقتل الأخ العربي أخاه، وقال أيضاً إنه انتظر حتى يصير - كمخرج - متمكناً من أدواته ليحقق فيلماً يدور على هذه الفكرة، فكتب السيناريو عام 1997، ونفذه عام 2000. ثم نقلت المحاورتان ضيوفهما من "العاصفة" الى الانتفاضة والموقف العربي الرسمي والشعبي. ووجهت أسئلة الى النائب والزميل صباحي وهو زميل في مهنة البحث عن المتاعب فقط عن دور الإعلام عموماً في دعم القضايا الوطنية، وكان له تقويم سريع لأداء وسائل الإعلام العربية في هذه المرحلة. أسئلة فنية وشخصية الى الضيوف، ثم أغنية وطنية أداها المشاركون في الفقرة، فتقويم فني للعمل في فيلم "العاصفة"، ثم حديث عن لحن لقصيدة وطنية. هكذا ظل الحوار يدور بين الفن والسياسة في شكل سلس وبسيط، معلناً تميز هذه الفقرة عن أجواء رمضانية اخرى تنقلها الشاشات العربية. ولكن من الظلم اختصار نجاح هذه الفقرة بهذا العنوان فقط، فقد كان الحضور المحبب للممثلين جذاباً، وكان أيضاً الجو الذي ساد. فالمخرج خالد يوسف مثلاً فرض منذ بداية الحديث الهدوء في القاعة، فبدا التواصل حقيقياً بين المتحاورين والجمهور. وهذا ما لا نشهده في البرامج المشابهة الأخرى حيث أصوات المغني والموسيقى والمذيعة تختلط بضجة احاديث الجمهور.أعطت مشاركة سياسي في الحديث الفني بعداً جميلاً له، ولم تقتصر السياسة على حديث صباحي، بل تحدث عنها أيضاً الضيوف كلهم. كانت الفقرة جميلة، وبهذا أسعدت مشاهديها، لكنها ومن خلال نجاحها كانت دعاية جديدة لفيلم "العاصفة"، تضاف الى ما كتب عنه، وإلى الجوائز التي حازها حتى الآن ولا يمكن من قرأ عن الفيلم وتابع الفقرة في برنامج "الليلة"، واستمع الى هاني سلامة وحنان الترك يؤديان اغنيته الجميلة "ده ده إيه"، إلا أن ينتظر عرضه بصبر نافد. وسيكون هذا العرض الامتحان الجديد للمخرج ولأسرة الفيلم. فهذه المرة ستكون الكلمة للجمهور ليحكم هل يعبر الفيلم حقاً عن هموم العرب السياسية في شكل فني يحبه.