أثار تحذير الإصلاحيين في إيران من مساعٍ لدى المحافظين لعزل الرئيس محمد خاتمي دستورياً، هزة سياسية استلزمت تدخل القضاء، واتهم المحافظون خصومهم بافتعال ضجيج إعلامي. تراجعت أوساط التيار الاصلاحي بسرعة عن اتهامها قوى في التيار المحافظ بالعمل لطرح مشروع عزل خاتمي عبر مجلس القضاء الأعلى، على خلفية إعلانه أخيراً عدم تمتعه بالصلاحيات اللازمة لوقف انتهاكات الدستور. وعلى رغم هذا التراجع الذي تجسد في نفي الأمين العام لمنظمة "مجاهدي الثورة الإسلامية" محمد سلامتي ذلك الاتهام، تحول الأمر في غضون ساعات إلى عاصفة سياسية حركت القضاء، فسارع إلى نفي وجود أي رسالة بهذا الشأن موجهة إلى المجلس. وأعلن رئيس عدلية طهران عباس علي زاده أنه أصدر أمراً بالملاحقة القضائية لمروجي مثل تلك الأخبار، واصفاً اياها بأنها "كذب ولا يمكن ان تصدر عن حُسن نية، بل لدى أصحابها أهدافاً سياسية ومآرب غير دينية وغير وطنية، تؤدي إلى تضليل الرأي العام، وهذا يعاقب عليه القانون، إذ يُعتبر جنحة سياسية، وستلاحق هؤلاء". وكان علي زاده يقصد مواقف لمحمد سلامتي نقلتها وكالة الأنباء الإيرانية خلال كلمته أمام طلاب الجامعات أول من أمس. ويتهم سلامتي "جمعية المؤتلفة" المحافظة المسيطرة على البازار بأنها بعثت رسالة إلى مجلس القضاء الأعلى تطالب بعزل خاتمي بسبب "عدم قدرته على إدارة شؤون البلاد، وعدم أهليته السياسية". وينص الدستور الإيراني على إمكان عزل الرئيس بناء على قرار من المجلس أو قرار برلماني، بعد استجوابه، ولا يطبق القرار إلا بعد مصادقة المرشد، كما حصل مع الرئيس السابق أبو الحسن بني صدر بعد انتصار الثورة الإسلامية. لكن سلامتي سارع إلى نفي ما نُسب إليه، موضحاً أن كلامه نقل "في شكل مجتزأ". وأشار سلامتي، القريب إلى خاتمي، إلى رسالة "جمعية المؤتلفة" في شأن ما وصفته ب"اعترافات الرئيس عن احتمال عدم رعايته الدستور، وضرورة احالة هذا الموضوع على رئيس مجلس القضاء الأعلى ورئيس البرلمان، لدرسه والقيام بمسؤوليتهما القانونية، بعدما ابلغ المرشد بالأمر. واعتبر سلامتي ان "هذا الموقف يمكن أن يستنبط منه السعي إلى إدانة خاتمي، وتمهيد الظروف لطرح مشروع عدم أهليته وكفاءته السياسية". وجاء في نص الرسالة التي اطلعت عليها "الحياة" ان "رئيس الجمهورية اعترف تلميحاً بأنه لم يقم بأهم مسؤولياته، أي السهر على منع انتهاك الدستور، ونوجه هذه الرسالة إلى رئيس مجلس القضاء الأعلى محمد غيلاني كي يقوم بواجبه القانوني إذا رأى ذلك مناسباً. فهل يتابع المجلس هذا الموضوع". وكان خاتمي أعلن أنه لا يتمتع بالصلاحيات التي تخوّل إليه وقف انتهاك الدستور، مطالباً بالحصول عليها. وقال محمد رضا باهنر، أحد الوجوه البارزة في التيار المحافظ: "ما نريده ان يقدم خاتمي الذي يعتزم ترشيح نفسه لولاية ثانية، حصيلة أداء حكومته خلال رئاسته" الأولى. ورأى أن اتهام الاصلاحيين المحافظين بالعمل لطرح مشروع عزل خاتمي "أكاذيب" لا تخرج عن الضجيج الإعلامي الذي يثيره الفريق الأول.ووسط هذه العاصفة أظهرت ردود الفعل المتسارعة حساسية التجاذب بين الفريقين عشية التحضير لخوض معركة الانتخابات الرئاسية المقررة في أيار مايو 2001.